محليات

الإنترنت تنشّط السوق غير الشرعي… وهذا عدد المشتركين

جاء في “المركزية”:

كان لافتاً تصريح وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم منذ أيام، والذي نبّه من أن قطاع الاتصالات سيخطو خطا قطاع الكهرباء ما لم تصحّح تعرفة “أوجيرو”، مؤكّداً أن “الاتصالات ليست جزيرة معزولة، وصيرفة تؤثّر مباشرةً على القطاع، فهناك مصاريف تزيد كلما ارتفع سعر صرف الدولار”. فماذا يقول القطاع الخاص عن وضع الاتصالات والإنترنت؟ وهل من حلول ممكنة؟

الرئيس والمدير التنفيذي لشركة ITG Holding (s.a.l.) وعضو تجمّع رجال وسيّدات الأعمال اللبنانيين RDCL كلود بحصلي يوضح لـ “المركزية” أن قطاع الاتصالات ليس بأفضل حالاته، بل يسير بوتيرة سريعة نحو الانهيار، على غرار ما حصل في قطاع الكهرباء. و من أهم أسباب الانهيار هذا أن إدارة قطاع الخليوي تعود للدولة، الغارقة في مشاكلها السياسية والمالية، وهذا ينعكس مباشرة على القطاع، حيث أن الشركات أصبحت مرتعاً للتوظيف السياسي، ممّا أدّى إلى فقدان وهروب جميع الخبرات واستبدالها بعاملين غير مؤهلين للنّهوض بالقطاع، وهذا الرأي أجمع عليه الخبراء المحليين والدوليين”.

وفي ما يعود إلى قطاع الإنترنيت يأسف لأن “الكارثة أعظم، ومن أبرز المشاكل التي يواجهها هي التعرفة الحالية التي ما زالت تحتسب بالليرة اللبنانية وتفقد قيمتها يومياً. وذلك أدّى إلى عدم تمكّن الوزارة من القيام بواجباتها المالية وتسديد ثمن المازوت و إبقاء المولّدات، المهترئة أصلاً، قادرة على تأمين الكهرباء 24 ساعة في اليوم”.

و في ما يخصّ القطاع الخاص، يشير بحصلي إلى أن “معضلاته مختلفة، أبرزها: غياب التنظيم والهيئة الناظمة للاتصالات التي من واجبها العمل تحت غطاء القانون ٤٣١ الذي يحرر قطاع الاتصالات ويخلق Liban Telecom وهي الرخصة الثالثة في مجال الخليوي. وفي ظلّ غياب الهيئة الناظمة تعمل وزارة الاتصالات على تحجيم القطاع الخاص عبر عرقلة نشاطه أو منعه من القيام بواجباته، وهذا يخلق سوقا غير شرعي بديلا يؤمن الخدمات للمواطن، الأمر الذي يفشل القطاعين العام و الخاص”.

وعن بقاء نوعيّة خدمة الإنترنت رديئة رغم رفع التعرفة، يجيب “في تموز ٢٠٢٢ تمّ تصحيح التعرفة على مستويين: تعرفة الخليوي التي باتت مرتبطة بسعر صيرفة وتتبدّل مع سعر الصرف، ويفترض أن تكون كافية لتحسين الخدمة. اما تعرفة الإنترنت، فلا تزال تحتسب بالليرة اللبنانية، و هي طبعاً غير كافية و يجب العمل على تصحيح التسعيرة التي تعتبر زهيدة جدّا”.

ويكشف عن أن “الإنترنت مؤّمن حالياً وبالنسبة الأكبر من القطاع غير الشرعي، وسط الغياب الواضح لأوجيرو والشركات الخاصة الشرعية نتيجة التزامها بالتعرفة الرسمية. والجدير ذكره أنه في حال انقطع الإنترنت ستحلّ الكارثة، ليس فقط على البلد بل ستطال أيضاً شركات الخليوي والقطاع برمّته، بحيث أن كلّ الخدمات تعتمد على الإنترنت”.

أما الحلول، فيؤكّد أنها كثيرة “أهمّها دعم القطاع الخاص، و تفعيل دوره جدّياً. من هنا التشديد على أهميّة دور الهيئة الناظمة، إذ لا يمكن لأوجيرو أن تنظم القطاع الخاص وتنافسه في الوقت نفسه”.

وعما أذا كانت أسعار الإنترنت ستحتسب على أساس منصة صيرفة، يشدد بحصلي على “ضرورة رفع تعرفة الإنترنت في لبنان لأن السعر الحالي يغيّب أوجيرو و القطاع الشرعي عن السوق، وفي المقابل يشرّع الأبواب أمام الشركات غير الشرعية للاحتكار، أذ إن لا إمكانيات للقطاع الشرعي بالاستثمار”.

ويضيف “المشكلة الأخرى تتمثّل بأن الدولة لا تعطي تحفيزات للقطاع الخاص، فتساعده على محاربة القطاع غير الشرعي المتحكم بالمواطن الذي لم يعد له غيره بديل للحصول على الإنترنت. فمنذ الـ 2017 تفاقم دور الشبكات غير الشرعية بقوّة وذلك بسبب تراجع دور الدولة وقدرتها على تنظيم القطاع و حمايته، هذا الواقع يقوّي الشبكات غير الشرعية، و بالتالي تُحرم الخزينة العامة من مردود ضخم، إذ لا تدفع الشركات غير الشرعية سوى ثمن السعة الدولية E1 من دون تسديد ما تبقى من تعرفات تدفعها الشركات الخاصة الشرعية. و يقال أن عدد مشتركي السوق السوداء يفوق الـ 700 ألف، بينما القطاع الشرعي يضم ما بين 300 و400 ألف مشترك كحدّ أقصى”.

وعن أهمية تطبيق قانون إنشاء الهيئة الناظمة للاتّصالات، يوضح بحصلي أن “ما سبق ذكره يؤكّد أهمية تشكيل هيئة يكون دورها الأساسي تنظيم الاتصالات وإعطاء دور للقطاع الخاص بالمرتبة الأولى، لأن الدولة والوزارة وأوجيرو عاجزتان عن الاستثمار قبل خمس سنوات، بينما هناك عدد من الشركات الخاصة مستعدّة لذلك بشرط ضمان حمايتها ووضع إطار تنظيمي لنشاطها وعدم إصدار قرارات اعتباطية، على غرار مرسوم التعرفة الذي لم يعط الشركات الخاصة حقّها، لا بل كان هدفه أخذ كل مردود الدولة من الشركات هذه. اليوم، ورغم كل الظروف الصعبة، يحاول القطاع الخاص الصمود، إلا أنه لن يتمكن من التحمل طويلاً في حين أن غيابه يهدّد القطاع، لذا دور الهيئة الناظمة أساسي لتفادي الوصول إلى هذه المرحلة”.

وفيما إذا كان التجمع وضع خططاً لحل مشاكل قطاع الاتصالات والإنترنت في لبنان، يقول “التجمع يضم أعضاء من كافة القطاعات، وهدفه الحفاظ على القطاع الخاص وإنمائه. في الإطار، يدعم التجمع حاجات أعضائه في مبادرة هدفها تسليط الضوء على مواضيع عديدة بما فيها الاتصالات، بمساعدة الإعلام كما والمتابعة مع المسوؤلين، مما يأتي ضمن خطة التجمّع لإصلاح الوضع القائم لمصلحة الشركات والمواطن”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى