خلف القضبان.. سجناء على وشك الانتحار
وصلت حالة البؤس في سجون لبنان الى مرحلة اليأس والمأساة، فالواقع الذي يعيشه السجناء خلف القضبان أقرب الى قنبلة موقوتة أصبحت على وشك الانفجار فعلاً.
تتحدّث تقارير الجمعيات الحقوقية والانسانية عن حالات وفاة تباعاً لسجناء، مما يدعو للقلق لأنها تنذر بارتفاع الأعداد، لا سيما في ظل تدهور الوضع الصحي الجسدي للسجناء وزيادة أنواع الأمراض التي يتعرضون لها بوتيرة سريعة، وتراجع مستوى الغذاء والطبابة وغياب النظافة، مع شبه استحالة وعجز لدى قوى الأمن الداخلي، الجهة المعنية بإدارة أمور السجون، من ناحية تأمين الاستشفاء والطبابة ونوعية الغذاء رغم كل الجهود المبذولة حتى اللحظة من قبلها لعدم الوصول الى هذه المرحلة لكن كل شيء يشير الى أن الأمور متجهة نحو حائط مسدود.
ومن أخطر ما تتحدث عنه هذه التقارير، حالة اليأس التام على الصعيد النفسي للسجناء، وصولاً لتحدث بعضهم عن الانتحار ووضع حدّ للحياة، نظراً لتخلّي الجميع عنهم، فبعض الأهالي لا يقومون مرغمين بزيارة أبنائهم كالسابق، وذلك لعدم قدرتهم المادية بسبب الوضع المعيشي السيء، إضافة الى بطء القضاء بالبتّ بالأحكام والقضايا والإضراب لاحقاً الذي شكّل الرصاصة الأخيرة التي قتلت آخر أمل لديهم بالخروج يوماً الى الحرية.
وما زاد الطين بلّة هو تراجع جهات دولية وجمعيات دولية ومحلية معنية بملف السجون عن لعب دورها وأخرى توقفت بسبب الأزمة الاقتصادية.
وبينما توحي المؤشرات الى انهيار الهيكل على رؤوس الجميع، أشارت رئيسة جمعية “نضال لأجل الإنسان” ريما صليبا الى ان “الحق في الحياة يعلو ولا يعلى عليه، ومن هنا الصرخة كانت وما تزال في المضي بالخطط والحلول الآنية والتي تحفظ كرامة السجين الذي هو قبل أي شي آخر انسان والمضي بمناقشة اقتراحات قوانين كانت تقدمت بها الجمعية من خلال اللقاء الديمقراطي، وأخرى تقدم بها غيرنا أيضا من شأنها إنصاف السجين أولا ثم التخفيف من الاكتظاظ الذي يشكل العلة الاساسية الشائكة والتي أوصلت السجون الى أقصى قدرتها الاستيعابية، خصوصاً مع ازدياد نسبة التوقيفات أخيراً، وهو ما سيفجّر السجون والنظارات في لحظة سنتمنى لو ان المعنيين قاموا بخطوة واحدة لحل معضلة من معضلات الاقامة غير الانسانية لشريحة كبيرة من الناس”.
وأضافت “ممتاز أن يتم القبض على مخلّين بالأمن وزجّهم في السجون، لكن بالمقابل يجب الأخذ بعين الاعتبار أين سيضعونهم، في وقت الأمكنة جميعها من نظارات وسجون مكدسة بأجساد بشر فوق بعضهم بطريقة مهينة أولاً لدولة أسست للاعلان العالمي لحقوق الانسان وثانياً لكرامة كل سجين موقوف كان أم محكوم”.
وقالت صليبا: “التاريخ لن يرحم قضاة أقسموا اليمين على الحكم بالعدل واسترداد الحقوق. نطالبهم بلعب دورهم من خلال النزول الى قصور العدل وتسريع المحاكمات وجلسات التحقيق، وهو الأساس في إرجاع حقوق الناس ومنهم السجناء الذين ينتظرون محاكماتهم وهو حق من حقوقهم البديهية وأيضاً جريمة يرتكبها بعض القضاة في لبنان من دون وجه حق”، خاتمة “في دول العالم كلّها وفي ظروف استثنائية يتم النظر بأمور السجناء والسجون من خلال مناقشة ملف العفو العام، فكيف ببلد يموت سريرياً من النواحي كافة؟”.