استجواب سلامة انتهى… ماذا بعد؟
كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
انتهت جلستا استجواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من قبل الوفد القضائي الأوروبي في قصر عدل بيروت على مدى يومين متتاليين. ويُرجّح، بحسب المعلومات، أن تكون جلسة اليوم الأخيرة لأنّ الوفد الأوروبي يُغادر غداً ولكنّه قد يعود الأسبوع المقبل أو بعد فترة. ومع انتهاء الاستجواب، بدأت التساؤلات عن الخطوات القضائية اللاحقة شكلا ومضمونا.
على هذا السؤال يجيب رئيس المجلس الدستوري السابق القاضي شكري صادر لـ”المركزية” ويقول: “بداية يجب التفريق بين الدعاوى المقامة على حاكم مصرف لبنان في بيروت وتلك المقامة في الخارج، في لوكسمبورغ وفرنسا، وألمانيا، وبلجيكا وموناكو. هذه الدعاوى أقيمت على سلامة أمام محاكم هذه الدول. وبالتالي، عندما لا يستطيع القضاء في الخارج استجواب شخص ما، وتكون الدعوى عالقة في المحاكم، لأن المشتبه به يقيم في بلد آخر، ترسل هذه الدول استنابة قضائية (commission rogatoire) بموجب سند قانوني (fondement juridique) والتي تدخل ضمن إطار الاتفاقات الدولية واتفاقات التعاون القضائي، والتي بموجبها يتوجّه القضاء الاجنبي من اللبناني، طالباً منه المساعدة القضائية، من خلال إرسال كتاب يشير فيه الى أنه يتعذّر عليه استجواب شخص ما في البلد المعني لاستحالة الوصول إليه، وهو موجود في بيروت، لذلك المطلوب من لبنان طرح بعض الاسئلة عليه. والقضاء الأجنبي هو من يحدد الاسئلة التي يجب طرحها على حاكم مصرف لبنان، وفقاً للملف الذي بين يديه”.
ويضيف صادر: “تصل هذه الاستنابة الى لبنان بواسطة وزارتي الخارجية والعدل، بالاضافة الى النيابة العامة التمييزية التي بدورها تعرب عن استعدادها للتعاون استنادا للمعاهدة، وتعيّن قاضياً ليقوم بالاستجواب. وهنا الأمر التبس على الجميع. فالرئيس شربل أبو سمرا هو من يستجوب، لكن هذا الاستجواب من قبل أبو سمرا هو فقط للحفاظ على سيادة لبنان وعلى أراضيه، لكن ليس القضاء هو من يستجوب. القضاء اللبناني لديه أسئلة القضاء الفرنسي، يترجم هذه الأسئلة ويسألها باللغة العربية حفاظا على السيادة، إذ يجب على البلد الأجنبي أن يمرّ بالقضاء اللبناني، الذي يقوم دوره على الاستجواب، إنما هذا الاستجواب يكون لصالح القضاء الاجنبي. وعندما ينتهي الاستجواب يصار الى تحرير محضر، يتسلمه القاضي الأجنبي وليس القضاء اللبناني لأنه غير معني. القضاء اللبناني هنا بمثابة ساعي بريد تنفيذاً لأحكام اتفاقيات دولية بشأن التعاون القضائي بين الدول”.
ويتابع: “أوضح هذه النقطة لأن البعض في لبنان هلّل وظنّ أن القضاء اللبناني يستجوب الحاكم، إنما في الحقيقة القضاء اللبناني لا علاقة له بهذا الاستجواب، بل هو فقط ساعي بريد بالنسبة لهذا الاستجواب. في المقابل، هناك دعاوى أخرى مقامة من قبل السلطات اللبنانية على رياض سلامة، فالنيابة العامة التمييزية ادّعت عليه، كما ان هيئة القضايا ادّعت عليه أيضاً أول من أمس، إنما هذه الادعاءات لم يبدأ التحقيق فيها في لبنان. لهذه الادعاءات شقّان، الأول ان يحفظ لبنان حقوقه تجاه الأحكام التي من الممكن ان تصدر في الخارج، مثلاً في حال ثبّتوا على سلامة تهمة تبييض الأموال وهدر أموال عمومية وغيرها، وصادروا أمواله في الخارج، هذه الأمول تشكّل مادة جرمية مصدرها لبنان، وبالتالي على لبنان أن يستفيد من هذه الاموال المصادرة واستعادتها وليس الدولة التي صادرت”.
ويضيف: “الشقّ الثاني، لبناني يتعلّق بسيادة لبنان، حيث ان القضاء اللبناني قرّر -وهذا الأمر لم يحصل في التاريخ- ملاحقة موظف هو حاكم مصرف لبنان بكل الجرائم المالية المنصوص عليها في قانون العقوبات، ويبقى هذا الموظف في مركزه ويبقى يمارس عمله وكأن شيئاً لم يكن. هذا الأمر يُذهل في تصرفات القضاء اللبناني، مما يحمل على الاعتقاد ان الدعاوى التي أقيمت من قبل القضاء اللبناني هي فقط لاسترداد الأموال التي قد تصادر من قبل دول أجنبية”.