محليات

“لا أريد إلا الحقيقة”… القاضية عون تكشف عن “ضغوط أوروبية”

طالبت وزارة العدل اللّبنانية، الأربعاء من القضاء، توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه ومساعدته، وحجز أملاكهم وتجميد حساباتهم المصرفية، بحسب ما ذكرت وكالة الإعلام الوطنية.

وجاء هذا القرار، بحسب الوكالة، بموجب إدّعاء شخصي تقدّمت به الدولة اللّبنانية ممثلةً برئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر، في حق كل من رياض سلامة وشقيقه رجا سلامة ومساعدته ماريان مجيد الحويك، بجرائم “الرشوة والتزوير واستعمال المزوّر وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي”.

وطلبت وزارة العدل “توقيفهم وحجز أملاكهم العقارية وتجميد حساباتهم المصرفية وحسابات أزواجهم وأولادهم القاصرين لمنعهم من التصرّف بها، حفاظاً على حقوق الدولة اللّبنانية”.

وفي سياق متصل، حدّد القضاء اللّبناني موعداً جديداً لاستجواب سلامة أمام محققين أوروبيين، بعد تغيّبه عن جلسة كانت مقررة صباح اليوم، في إطار تحقيقات تتمحور حول ثروته وشبهات غسل أموال.

وكان من المفترض أن يمثل سلامة قبل ظهر الأربعاء أمام محققين أوروبيين في قصر العدل في العاصمة اللّبنانية، إلا أنه إكتفى بإيفاد موكله القانوني من دون أن يحضر.

تعقيبًا على هذه التطورات، إعتبرت النائبة العامّة الإستئنافيّة في جبل لبنان القاضية غادة عون، في مداخلة هاتفية مع “يورونيوز”، أن “طلب توقيف سلامة (جاء بمحله) له ما يبرره و هو ملاحق في الداخل والخارج أيضا”.

وكانت عون قد إدعت على سلامة بجرم الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال، في إطار تحقيق محلي بدأ قبل عامين بشأن ثروته ومصدرها، وكان يسير بشكل منفصل عن التحقيقات الأوروبية هذا وأصدرت مذكرة منع سفر، بحراً وجواً وبراً، بحقه.

ولدى سؤالها، هل تم التخلي عن رياض سلامة من قبل أقطاب الطبقة السياسية، قالت عون: “ما الذي يدريني؟ هذا السؤال يجب أن يوجه لهؤلاء الساسة ولماذا كانوا يوفرون له كل هذه الحماية.”

وأضافت ونبرة إلتهكم بادية على صوتها: “أنا لا أعرف شيئا عن هذا ولا معلومات عندي” .

وعن توقيت صدور هذا القرار ولماذا اليوم بالتحديد؟ قالت القاضية عون إن السبب يعود “لوجود ضغط أوروبي، هم يخافون من الأوروبيين، طبعا للأوروبيين تأثير معنوي، ونحن لله الحمد لا نريد إلا الحقيقة”.

وأضافت عون, “أنا أدعيت على سلامة في ثلاث قضايا إضافة إلى دعوى جنائية رابعة بحقه وتتعلق بتزوير معنوي لميزانية البنك المركزي”.

وتابعت أن, “الأموال التي تبخرت (راحت).. هي أموال الدولة اللبنانية، ويحق لها أن أن تطالب بهذه الأموال بل ويجب أن تطالب بها”.

ولدى سؤالها عن الموقف الأوروبي، وإن كانت فرنسا مثلا ستدعم جهود محاسبة سلامة، قالت عون إن “تبييض الأموال جريمة يعاقب عليها القانون في مختلف دول العالم، ولا يمكن لأي دولة تحترم القانون أن تغض النظر عن مثل هذه القضايا.. لأن هذه الجرائم لم تحدث فقط في لبنان بل وقعت في هذه الدول أيضا، وهذا أيضا إحتراما للنظام العام في هذه الدول.. سلامة استخدم شركات في الخارج لتهريب أمواله”.

واعتبرت عون أنه وبصدور هذا القرار، “هناك بصيص أمل.. نأمل أن يكون هذا القرار مسارا جديدا لمحاربة الفساد في لبنان، حتى نعرف في نهاية المطاف إلى أين ذهبت تلك الأموال وأموال المودعين… فسلامة لم “يقدم أبدا أي أرقام”.

واستنكرت القاضية بقولها:” هل يعقل هذا؟

وأضافت: البرلمان اللبناني طالبه بتقديم تلك الأرقام، القضاء طلب ذات الشيء، لا هو جاء (لتقديم توضيحات) ولا قدم أرقاما أصبحت القصة مفضوحة وكل هذه الأشياء يجب أن تُوضح هناك مواطنون (ناس) فقدوا أموالهم (في قصص لازم تتوضح، كل الناس راحت أموالها)”.

وفي تغريدة نشرتها على صفحتها الخاصة على موقع توتير، وجّهت عون تحية إلى القاضية هيلانة اسكندر.

وجاء في التغريدة “تحية تقدير وإحترام إلى الريسة هيلانة إسكندر عندما إدعيت على سلامة منذ نحو السنتين إتهموني بالتسييس، وعندما حاولت توقيفه بجناية تزوير منعني مدعي عامة التمييز واتهموني بالفولكلور”.

واستكملت, “في الله, الله موجود يا عالم, الحق يعلو ولن يعلى عليه بإذن الله”.

ومنذ إنهيار العملة الوطنية التي فقدت أكثر من تسعين بالمئة من قيمتها منذ 2019، يتعرض سلامة لإنتقادات حادة لسياساته النقدية بإعتبار أنها راكمت الديون.

ولكن سلامة دافع مراراً عن نفسه، قائلاً إن المصرف المركزي: “موّل الدولة، ولكنه لم يصرف الأموال”، محملا المسؤولين السياسيين مسؤولية ما حصل.

ورياض سلامة هو أحد أطول حكام المصارف المركزية عهدا في العالم، ولطالما قلّل من أهمية الإتهامات التي تساق ضده، معتبراً أن لا أساس لها وتفتقر للأدلة.

وتركز التحقيقات الأوروبية على العلاقة بين مصرف لبنان وشركة “فوري أسوشييتس”، المسجلة في الجزر العذراء ولها مكتب في بيروت والمستفيد الاقتصادي منها رجا سلامة شقيق حاكم مصرف لبنان.

ويُعتقد أن الشركة لعبت دور الوسيط لشراء سندات خزينة ويوروبوند من المصرف المركزي عبر تلقي عمولة إكتتاب، جرى تحويلها إلى حسابات رجا سلامة في الخارج.

وقبل عام، أعلنت وحدة التعاون القضائي الأوروبية “يوروجاست” أن فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ جمدت 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية إثر تحقيق استهدف سلامة وأربعة من المقربين منه، بينهم شقيقه، بتهم غسل أموال و”اختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي، بين 2002 و2021″.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى