مسلسل تعطيل النصاب… أبطاله 43 نائباً
هلّلت بعض الأحزاب والشخصيات السياسية بنتائج الإنتخابات النيابية التي من المفترض أنها أفرزت أكثرية لما يُعرف بالقوى السيادية مقابل أقلية لقوى الممانعة ممثلة ب”حزب الله”. اليوم، وبعد أقل من عام على حصول الإنتخابات، بات الفريق الذي أدعى الفوز يبحث عن “ثلث معطل” يمنع الفريق الممانع من إيصال مرشّحه إلى سدة الرئاسة.
بعد الإعتراف الذي جاء على لسان رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل، بانتهاء صلاحية ترشيح النائب ميشال معوض، دخلت قوى المعارضة مرحلةً جديدة تقتصر للأسف على تأمين ثلث معطّل تمنع من خلاله فوز مرشّح الثنائي الشيعي، رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، برئاسة الجمهورية.
الثلث المعطل هو عبارة عن 43 نائباً يمتنعون عن حضور جلسات انتخاب رئيس الجمهورية في حال كانت ستؤدي إلى فوز فرنجية. لكن لكثرة التباينات والتفاوت في الآراء في صفوف المعارضة، يصبح تأمين الثلث المعطّل معركة بحد ذاتها، وتصبّ قوى المعارضة اليوم كلّ تركيزها على تأمين هذا الثلث.
ليس صحيحاً أن كلّ من صوّت لمعوض على مدار 11 جلسة سيعطّلون نصاب جلسة انتخاب فرنجية، هذه المعادلة غير واقعية. وعلى سبيل المثال لا الحصر، نواب تكتل “الإعتدال” الذين منحوا معوض بعض أصواتهم لن يقاطعوا جلسات الإنتخاب، كذلك النواب إيهاب مطر، جان طالوزيان وراجي السعد.
صحيح أن تعطيل نصاب الجلسات أمر محسوم، لكن معركة قوى المعارضة تكمن في تأمين الثلث المعطّل من دون “التيار الوطني الحر”، وذلك كي لا تسمح هذه القوى لرئيس التيار جبران باسيل بتحقيق مكاسب سياسية أو التفاوض باسمها في السوق الرئاسي مقابل حضوره الجلسات.
ومن خلال استطلاع آراء الكتل والنواب، يمكن القول أن تأمين الثلث المعطّل من دون الحاجة ل”التيار الوطني”، أمر صعب وغير مضمون. ويرتكز الثلث المعطّل على تكتل “الجمهورية القوية” (19 نائبًا)، كتلة الكتائب (4 نواب)، كتلة “تجدد” (4 نواب) بالإضافة إلى نواب مستقلين ونواب من تكتل “التغيير”.
إذاً، تحولت الأكثرية النيابية الوهمية إلى أقلية حقيقية، كلّ أهدافها عدم السماح للحزب بإيصال مرشّحه إلى قصر بعبدا. ولكن بمعزل عن المعركة القائمة اليوم حول نصاب جلسات انتخاب الرئيس، لا بدّ من تأكيد عدم قدرة فرنجية على حصد 65 صوتاً، بالكاد لديه 50 صوتاً، وهذا ما يحتّم على قوى المعارضة عدم الإنجرار وراء معارك عبثية ليست في وقتها.
كما أنه على الكتل المسيحية إيجاد صيغة للتوافق على مرشّح مقبول من معظم الكتل، وإلاّ فإن تحوّل المسيحيين من قوى أساسية لها دورها الكبير في انتخاب الرئيس إلى أداة تعطيلية، يعتبر نكسة تصيب الطائفة المسيحية وزعاماتها وقياداتها وحتى شعبها، ولا يمكن لهذه القوى أن تتسلح بسيف التعطيل بدل الإلتفاف حول مرشّح يكون فعلاً “فخامة الرئيس”.
ليبانون ديبايت – محمد المدني