الموظّفون والمدرّسون مستمرّون بإضرابهم.. “مطالبنا مختلفة”
تبدو مطالب موظّفي الإدارات العامة وأساتذة التعليم الرسمي وكأنها صرخة في برية، بالرغم من أنها تشلّ الإدارة العامة وتكبّد خزينة الدولة خسائر يومية فادحة، وتهدّد بإطاحة عام دراسي كامل لتلاميذ المدارس الرسمية الفقراء. سبب هذا التوصيف ليس فقط لأن مجلس الوزراء لم يعمد أمس إلى إقرار «بدل إنتاجية عن كل يوم حضور فعلي»، بل لأن ما تناقشه الحكومة مختلف تماماً عن المطالب التي ترفعها رابطة موظفي القطاع العام للعودة عن إضرابها المستمرّ منذ نهاية العام الماضي، ما يجعل المشهد أقرب إلى توصيف «الرعيان في وادٍ والقطعان في وادٍ آخر».
مطالبنا مختلفة
تشرح رئيسة رابطة موظفي الإدارة العامة نوال نصر لـ»نداء الوطن» أن تحركات رابطة موظفي القطاع العام غير مرتبطة بجدول الأعمال الذي ناقشه مجلس الوزراء في جلسة الاثنين، لأن مطالبنا تختلف تماماً عمّا تمّ طرحه للنقاش»، موضحة أن «مطالبنا من الأساس والذي لا يزال الإضراب قائماً بناءً عليها، هي دولرة جزء من الراتب، وإضافة ضعفين عليه على أساس منصة ثابتة لموظفي القطاع العام، ويُحتسب على دولار 15 ألف ليرة الذي تعتبره الدولة السعر الرسمي للدولار، رغم أنها تبيعنا الخدمات وفقاً لسعر الفريش دولار ومنصة صيرفة».
تضيف: «نحن نطالب بسلّة متكاملة ولا يُحتمل إلغاء أيّ من بنودها. وأهم هذه البنود هو الطبابة والاستشفاء، لأن راتب الموظف لا يكفيه لدفع تكاليف زيارة الطبيب، وعليه الاختيار ما بين تأمين الخبز وبين تطبيب نفسه أو عائلته».
بدل النقل
تشدّد نصر على أن «الرابطة تطالب ببدل نقل يتوافق مع المسافات التي يقطعها الموظف للوصول إلى عمله. ونحن عكس الأساتذة لدينا مشكلة بُعد جغرافي عن مراكز عملنا، في حين أن نص قانون تعيين الأساتذة يقضي بأن يكون مكان عملهم في الحيّز الجغرافي لمكان سكنهم»، معتبرة أن «طرح إعطاء 5 ليترات لكل الموظفين بمن فيهم الأساتذة هو أمر يناسبهم ولا يُناسب الموظفين في باقي القطاعات».
وترى أن «التعامل بهذه الطريقة مع الموظفين، وإعطاء بدل إنتاجية لتغطية كلفة النقل، هما بدعة لا يمكن قبولها لا عملياً ولا من حيث المبدأ ولا دستورياً، لأنها شكل من أشكال العبودية وتحوّل الموظف إلى أجير مقموع لا يمكنه أن يمرض أو يتغيّب عن العمل لأسباب صحية، لأنه حينها سيخسر بدل الإنتاجية المُعطى له».
وعد بلا وفاء
تؤكد نصر أنه في جلسة يوم الاثنين لم يكن فيها أي بند يرضي الموظفين أو يكفيهم. وتأجيلها هو ربما لدراسة هذا الواقع وإدخال هذه الزيادة في صلب الراتب، كما يحصل في كل الدول المتقدمة وتنص عليه القوانين والأنظمة لحقوق العاملين والموظفين»، لافتة الى أنهم «كرابطة يتواصلون مع المعنيين ويُقال لهم إن الامور قيد الدرس، وفي اجتماعهم الأخير مع رئيس الحكومة أبدى تفهّمه لمطالبهم، لكنهم تفاجأوا بأن أياً منها لم يرَ النور». وتختم: «دائماً ما نكون في كوكب والوزراء في كوكب آخر. نحن مستمرّون بالإضراب إلى حين انعقاد جلسة ثانية للحكومة بعد أسبوعين وإقرار مطالبنا، ونتمنى أن لا يطول أمد إضرابنا أكثر من ذلك». مصدر آخر أشار الى أن ما يعد به رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير المالية يوسف خليل لا يرضي أحداً، خصوصاً مع الإنهيار المستمرّ في سعر صرف الليرة، فما هو مقبول اليوم لا يساوي الكثير غداً!
الدولار التربوي
على ضفة أساتذة القطاع الرسمي فإن الاستمرار بالإضراب رهن بقرار الجمعية العمومية التي سيعقدها روابط أساتذة التعليم الرسمي بكل فروعها الأساسي والثانوي والمهني قريباً. ويوضح رئيس رابطة التعليم الأساسي حسين جواد لـ»نداء الوطن» أن «روابط الأساتذة ستناقش مع وزير التربية نقاطاً أخرى، بالإضافة إلى إقرار بدل النقل (5 ليترات بنزين)، بالنسبة لنا من المهم أن نعرف متى سنحصل على الحوافز التشجيعية التي رفعناها له، أي بدل الإنتاجية والإستشفاء والحوافز الدولارية التي وعد بها الوزير الحلبي».
لمزيد من الدراسة
تجدر الإشارة إلى أن مجلس الوزراء توافَقَ في جلسة 27 شباط، على تأجيل إقرار مشروع المرسوم المتعلّق بإعطاء بدل إنتاجية لموظفي الإدارات العامة والعاملين في تعاونية موظفي الدولة، وكذلك مشروع مرسوم تحديد مقدار تعويض النقل اليومي للعاملين في القطاع العام، وأيضاً مشروع مرسوم تعديل مقدار تعويض النقل الشهري المقطوع للعسكريين في الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة والضابطة الجمركية وشرطة مجلس النواب.
وبَرَّرَ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عدم الإقرار بالرغبة في عدم اتخاذ «قرارات ارتجالية». وعليه، كان التأجيل بانتظار «وصول الأرقام الحقيقية من وزارة المال وتحديد حجم الواردات». على أن تعاود الحكومة متابعة الملف «خلال فترة أسبوعين على أقصى حدّ». ولم يُعطِ مرسوم بدل الإنتاجية هذه الزيادة للمتقاعدين. وجاء تأجيل الدفع بحجّة البحث فرصة لتهدئة الأمور مؤقّتاً مع المتقاعدين. إذ قال ميقاتي إنه «لا نستطيع أن نعطي زيادات وبدلات لفريق دون آخر، ولا أن نعطي بدل إنتاجية من دون أن ننظر إلى المتقاعدين من عسكريين وغيرهم».
400-800 ألف
وفق المرسوم المقترح، سيحصل الموظفون على بدل إنتاجية عن كل يوم حضور، تتفاوت قيمته بحسب الفئات الوظيفية. وسيأخذ الموظّفون في الفئة الأولى 800 ألف ليرة، و700 ألف ليرة لموظفي الفئة الثانية، و600 ألف ليرة للفئة الثالثة، 500 ألف ليرة للفئة الرابعة، 400 ألف ليرة للفئة الخامسة ومقدّمي الخدمات الفنية.