محليات

كيف استُدرجَ الشيخ الرفاعي إلى نقطة اختطافه في طرابلس؟

كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:

على وقع الدعوات للنزول إلى الشارع وإقفال الطرقات من قبل مجموعات شعبية استنكارا لعملية اختطاف الشيخ أحمد شعيب الرفاعي لا يزال الغموض سيد الموقف. فحتى الساعة لا معلومات جديدة. وباستثناء التأكيد على واقعة اختطافه بعدما كان يتم التداول بالمسألة على أنها عملية اختفاء، يمكن القول أن القضية اتخذت منحاً أمنيا مختلفا، وباتت في عهدة الأجهزة الأمنية والمكلّفين من قبل دار الفتوى في متابعة الملف بحكمة ووطنية.

فبعد 3 أيام على اختطاف الشيخ الرفاعي إبن بلدة القرقف العكارية وإمام وخطيب مسجدها، بدأت تتكشف المعلومات الدقيقة حول عملية اختفائه منذ عصر الإثنين 20 الجاري. وتشيرالمعلومات إلى أن الشيخ المختطف غادر البلدة عصر الإثنين الفائت بسيارته من نوع جيب “هوندا سي أرفي” وتوجه نحو طرابلس اذ كان مقررا أن يشارك في لقاء ثقافي في مسجد البداوي حيث تشير المعلومات الى أنه أدى صلاة المغرب في جامع البركة في البداوي وتوجه إلى منطقة الميناء وهناك تم رصد عملية اختطافه في نقطة خلف مبنى جامعة بيروت العربية. فما الذي دفع الشيخ الرفاعي إلى تغيير وجهة سيره من منطقة البداوي شمالي مدخل طرابلس إلى النقطة التي تم رصد عملية اختطافه أي المدخل الجنوبي لمدينة طرابلس. كيف تمت عملية استدراجه ومن هي الجهة التي تقف وراء العملية بعدما تأكد بحسب شهود عيان أن سيارتين من نوع “كيا” رباعيتي الدفع كانتا تلاحقانه واستوقفتاه خلف مبنى الجامعة العربية ومن لحظتها انقطع الإتصال مع الشيخ الرفاعي وصمت هاتفه.

رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط المكلف من قبل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان متابعة ملف اختفاء الشيخ الرفاعي يؤكد عبر “المركزية” أن من خلال الإتصالات التي أجريت من قبل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان مع الأجهزة الأمنية ، ومن خلال متابعتي لهذا الملف في عكار والشمال ولدى الأجهزة الأمنية المختصة ، تبيّن أن كل الأجهزة الأمنية وخصوصاً مديرية مخابرات الجيش اللبناني، وفرع المعلومات يعملان جاهدين لتجميع المعطيات والمعلومات ومعرفة خفايا اختطاف الشيخ  الرفاعي. وكل الدلائل تشير الى أن  سيارتين داكنتين تعرضتا للشيخ الرفاعي بجانب مقر جامعة بيروت العربية في طرابلس مساء يوم الإثنين الفائت، ويؤكد أكثر من شاهد عيان أن بعض الأشخاص الملثمين ترجلوا من إحدى السيارتين واقتادوا الشيخ الرفاعي إلى جهة مجهولة”.

الأكيد يضيف القاضي عريمط أن المفتي دريان يتابع المسألة مع كل القوى والأطراف السياسية والأمنية لكشف ملابسات هذا الإختطاف “وعلى الجميع أن  يحذر ويتنبّه من هذه الممارسات الخطيرة، وأن لا يفسر الأمور من منطلقات مذهبية أو طائفية كي لا يقع في المحظور. لنا ملء الثقة بالأجهزة الأمنية التي تعمل باستمرار وبالتنسيق مع مفتي الجمهورية ومع المؤسسة الدينية في عكار لإعادة الشيخ المختطف إلى أسرته وعائلته ومسجده”.

محاولات استغلال قضية اختطاف الشيخ الرفاعي التي تزامنت مع رسائل التهديد التي وجهت إلى البطريرك بشارة الراعي في البقاع الشمالي، توحي وكأن حبكة فتنة طائفية يتم نسجها على يد بعض الأطراف التي تريد تغيير وجه لبنان وهويته. فهل ينجحون؟ ” نرفض استغلال هذا الإختطاف الخطير من أي طرف باتجاهات مذهبية وطائفية شكلاً ومضمونا. فالعائلة اللبنانية واحدة بتنوعها الديني والمذهبي،لأن همّ مفتي الجمهورية والمؤسسة الدينية في لبنان، إسلامية أومسيحية، نهوض الدولة ومؤسساتها والحفاظ على كل المواطنين ليعود لبنان سيداً حراً مستقلاً ومعافى من كل الأمراض والعِقَد التي يدفع ثمنها المواطن من أمنه ورزقه وسلامته في هذه الظروف”.

ثمة من استوقفته خطب الشيخ الرفاعي المناهضة للنظام السوري والنفوذ والهيمنة الإيرانية. لكن الأكيد أن ليس الشيخ الرفاعي وحده الذي يجاهر في خطبه بهذا النفوذ والهيمنة وأزلامه في لبنان. من هنا يصبح بديهيا السؤال لماذا الشيخ الرفاعي تحديداً؟ ويجيب القاضي عريمط” قد يكون للشيخ الرفاعي آراء ومواقف لا تعجب هذا الفريق أو ذاك، لكن من المؤكد أن هناك العشرات لا بل المئات وربما الآلاف من اللبنانيين الذين يعارضون نفوذ القوى الإقليمية على الساحة اللبنانية. لكن هذه المعارضة السياسية أو الدينية لا يمكن ولا يجوز أن تصل بأصحابها إلى الإختطاف واحتجاز الحريات”.

ويكشف القاضي عريمط أن الشيخ الرفاعي اتجه من بلدته القرقف في عكار إلى طرابلس للمشاركة في عمل ثقافي في أحد المساجد كما أكدت عائلته. ويضيف”لكن من المؤكد أن الشيخ المختطف استُدرِجَ إلى هذا المكان ليصار إلى اختطافه .لكن حتى الساعة لم تتمكن الأجهزة الأمنية المختصة من معرفة الحقائق ولدينا ثقة بأنها تتابع بكل دقة الإتصالات التي حصلت مع الشيخ الرفاعي والتي أجراها خلال انتقاله من عكار إلى طرابلس.

في اللقاء الموسع الذي أقيم أمس في مقر دار الإفتاء والأوقاف الإسلامية في حلبا وشارك فيه رجال دين مسلمين ومسيحيين برئاسة مفتي عكار الشيخ زيد بكار زكريا، تجلت الصورة الحقيقية لوجه لبنان . الإجتماع ركز على ضرورة متابعة ملابسات الإختطاف والمجتمعون على تواصل مع مفتي الجمهورية والأجهزة اللبنانية.ولا تزال اللقاءات مستمرة لمعرفة حقيقة الامور والعمل على إعادة الشيخ المُختطف سالماً إلى أسرته.

لكن ماذا بعد أيام الإنتظار الطويلة وكيف سيتصرف العقلاء والحكماء لدرء الفتنة أيا تكن النتائج؟ “الفتنة في لبنان محرّمة لدى المراجع الإسلامية والمسيحية ” ويضيف القاضي عريمط”  حتى الساعة ليس لدينا جواب عن الجهة التي اختطفت الشيخ الرفاعي في طرابلس. وكما يعلم الجميع فإن الساحة اللبنانية مكشوفة أمنيا وسياسياً وما يحصل هو نتاج عدم انتخاب رئيس للجمهورية وعدم وجود حكومة فاعلة وتوافق اللبنانيين على كثير من القضايا التي تخص لبنان “. ويختم” مع ذلك ستبقى الفتنة محرّمة إسلاميا ومسيحياً حفاظا على لبنان الوطن والكيان والرسالة التي نحرص عليها جميعاً”. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى