محليات

الفوضى الإجتماعية قابلة للتحوّل إلى انفجار أمني…ما هو دور الحزب؟

كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:

مطلع هذا الشهر وتحديدا في 8 شباط كان اللبنانيون على موعد مع إضراب شامل أعلن عنه المجلس التنفيذي في الإتحاد العمالي العام ويشمل كل الإتحادات النقابية على كافة الأراضي اللبنانية. يومها قلنا”الله يستر”. فالتحرك على الأرض في لبنان وإن كان تحت عناوين مطلبية محقة يبقى مقرونا بحبكة أمنية جهنمية.

الله ستر وألغي الإضراب إلا أن الأزمة ومسبباتها تعاظمت. فالفراغ الرئاسي صار أشبه بواقع تتعامل معه الرئاستين الثانية والثالثة وسياسات النهب المنظم لأموال الناس معطوفة عليها سياسات الإفقار والتجويع، والإرتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار الذي تخطى عتبة ال80 ألفا رسم أكثر من علامة استفهام حول صمت الشارع.

إلى أن جاء قرار جمعية المصارف بالإقفال وترك مساحة للمواطنين بالتنفس عبر الصراف الآلي. فكانت انتفاضة المودعين التي انطلقت صباح اليوم بدءا بإحراق الدواليب والمستوعبات أمام المصارف ومحاولة اقتحام منزل رئيس جمعية المصارف سليم صفير. فهل نكون أمام مشهدية ثورة إجتماعية عفوية أم نسلّم بالكلام الذي يتردد عن ” وجود مخطط أمني بدأ يتسلل من التحركات الشعبية بهدف تحويلها إلى فوضى أمنية؟”.

الكاتب السياسي الياس الزغبي يقرأ في خبايا مشهدية الفوضى ويقول”الواضح ان المأزق اللبناني يسير في اتجاهين متوازيين. فبمقدار تحلل وتفكك سلطة الرعاية، هناك في المقابل حالة غضب وانهيار إجتماعي بدأت تتشكل طلائعه عبر التحركات ضد المصارف والتجمعات في بعض المناطق وقطع بعض الطرقات . كل ذلك، ليس سوى مؤشر على تراكم مسببات ثورة ما، أو إنتفاضة ما ستحل مكان الفراغ الهائل في المسؤوليات العامة.فحين تكون الدولة في حالة فراغ متمادٍ، لا يمكن توقع أقل من حالات شعبية مشابهة وربما حالات شعبية أكثر قسوة وامتدادات في الأيام الطالعة طالما أن لا ضوابط لكل هذا التفلت”.

ربما كان متوقعا أمام هذا التفلت المخيف، أن يكون الإنفجار الشعبي أكثر فعالية وحضورا أقله في الشارع. مع ذلك بقي خجولا وقد يصبح أكثر ضمورا “ولهذا الخجل مسببات” يقول الزغبي أبرزها” الخيبة التي ضربت الرأي العام بعد تشرذم ثورة 17 تشرين ونجاح خطة احتوائها من قبل منظومة الفساد القائمة، والوسائل التي تستخدمها وترتكز على التفريق بين مكونات المجتمع بحيث تغري البعض بتقديمات كما في مسألة مضاعفة الرواتب بينما لا تكاد هذه الرواتب تصل إلى جيوب المستفيدين منها حتى تتبخر، بسبب التضخم الهائل في الأسعار. ولا ننسى طبعا المساعدات الظرفية التي تتلقاها فئات واسعة من المكونات اللبنانية والتي تصلها إما عبر جمعيات أو القوى الإغترابية. إلا أن كل هذه الأسباب لا تؤسس للرهان على أن يبقى التحرك خجولا وأن رهان المنظومة الفاسدة سينجح في امتصاص النقمة المتعاظمة ، مؤكدا أن لا شيء يمنع هذه البؤر من الإنتقال من حالة الإضطرابات إلى تردٍ إجتماعي وفوضى هدّامة وقد بدأنا نشهد بعض نماذجها من حرق دواليب وتكسير…”.

نفهم من ذلك أن ساعة الفوضى مبرمجة على عقارب مخطط أمني ما؟ “هناك كلام كثير عن ترابط بين الفوضى المحتملة التي بدأت نذائرها بالظهور، وبين مخطط ما لاستغلال الوضع الأمني والإجتماعي المتفلت لفرض واقع سياسي معين، وليس مستبعدا أن تكون إيران عبر ذراعها في لبنان أي حزب الله وراء هذا المخطط طالما أنها تحتضن أكثر من مرجعية إرهابية تبين أن آخرها الزعيم الجديد للقاعدة سيف العدل المقيم في إيران”.

وفي السياق، يلفت الزغبي إلى أن كلام السفير السابق جوني عبدو معطوفا على التحذير الذي ورد في كلام رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري إلى الإعلاميين خلال زيارته لبنان في ذكرى اغتيال والده، إضافة إلى هذا العجز الذي يبدبه حزب الله في بت وفرض مسائل سياسية على أذرعه وحلفائه خصوصا في مسألتي انتخاب رئيس للجمهورية وتعطيل الجلسة التشريعية، كل هذا يشكل دافعا أساسيا لإقدام الحزب عبر وسائطه وأذرعه على تحريك الفوضى. وليس صدفة أن تكون قد بدأت تحصل خارج كانتوناته الصافية من الضاحية إلى الجنوب وشمالي البقاع .لذلك فإن التحذيرات من ربط الفوضى بالمخطط الأمني السياسي تقع في مكانها الصحيح خصوصا أن بكركي استشرفت هذه الحالة في عظات البطريرك الراعي بحيث شدد في أكثر من موقف على أن هناك مخططا كبيرا لضرب معنى لبنان وحقيقة دوره ورسالته وتغيير وجهته الدولية والعربية نحو الغرق في محور الممانعة”.

لعل الخلاص يكون على قاعدة المثل الشعبي القائل”إشتدي أزمة تنفرجي” لكن ” لا أحد يريد ذلك وهناك قوى واعية لخطورة ما يخطط له”.وعليه يقول الزغبي، إن هذه القوى بدأت تدعو جهاراً وبشكل واضح إلى وضع صيغة حياة تكفل بقاء لبنان كدولة موحدة وتضمن علاقات مستقرة بين مكوناته. وهذا ليس كفرا طالما أن المأزق يزداد اشتدادا ولا يوجب التخوف من مسألة التقسيم لأن الدول الأكثر وحدوية وتقدما ونجاحا لا تعتمد النظام المركزي المغلق إنما على الوحدات ضمن الوحدة أو ما يسمى في لبنان تقليديا بالتنوع ضمن الوحدة.

إعتماد هذه الصيغة الجديدة باتت ملحة وضرورية “وبذلك يكون هناك نوع من الحيادين:حياد خارجي عن الصراعات والأزمات في العالم وليس عن الحقوق الثابتة. وحياد داخلي عن مسببات الأزمة التي تستعيد نفسها .لذلك فإن تزويج الحياد الخارجي على الداخلي يكفل صيغة حياة قابلة للحياة في لبنان” يختم الزغبي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى