بكركي تحذر… وعين المجتمع الدولي على دينامية الشارع
كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:
نعم ثمة عملية قضم ممنهجة للمناصب ومواقع الفئة الأولى المسيحية ولا سيما منها المارونية. هذا الكلام ليس من باب الطائفية على العكس ، فهو بواقعيته يضرب أصول العيش المشترك المنصوص عنه في اتفاق الطائف. وهذا ما عبّر عنه البطريرك مار بشارة الراعي في عظته نهار الأحد المنصرم خلال القداس الذي شارك فيه أهالي ضحايا المرفأ وقال بالمباشر:” إن إطالة الشغور الرئاسي سيتبعه بعد مدة شغور في كبريات المؤسسات الوطنية الدستورية والقضائية والمالية والعسكرية والدستورية. ونحذِّر منذ الآن من مخطط قيد التحضير لخلق فراغ في المناصب المارونية المسيحية”. فهل بتنا على قاب قوسين من هذا المخطط؟.
“ليست عملية قضم المناصب المسيحية عموماً والمارونية خصوصا بجديدة .فهي بدأت منذ توقيع اتفاق الطائف ومستمرة حتى اليوم”. بهذه العبارات يبدأ رئيس لجنة تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بلبنان طوني نيسي قراءته حول هواجس الراعي الذي كان زاره بعد حادثة رميش. ويقول:” بحجة الشغور في مناصب المدراء العامين ومراكز الفئة الأولى المدنية منها والعسكرية يتم تعيين رئيس بالتكليف من غير الطائفة المسيحية ليتحول لاحقا إلى أصيل، أو يتولى نائبه أو مساعده المهام بالإنابة. ومعلوم أنه في حال كان المدير العام من الطائفة المسيحية يكون نائبه أو مساعده من الطائفة الإسلامية، مما يؤكد وجود عملية ممنهجة لتفريغ هذه المراكز المخصصة للطائفة المسيحية. ومما يزيد من خطورة الوضع الشغور الرئاسي الذي يساهم في تفريغ ما تبقى من مراكز الفئة الأولى من رؤسائها الأصيلين من الطائفة المسيحية”.
إذا في اللحظة الحاسمة والمؤاتية جاء كلام الراعي الذي عبر فيه عن مخاوفه من تضاعف خطر تفريغ مناصب الفئة الأولى من مدرائها المسيحيين في ظل الشغور الرئاسي معطوفا عليه كلامه المباشر عن عجز مجلس النواب انتخاب رئيس جمهورية حيث قال”لقد استنفدتم جميع الوسائل والمواقف والمناورات وتباريتم في السجالات والتحديات ولم تتوصلوا إلى انتخاب رئيس وفاق ولا أي رئيس. وهذا يعني أنكم ما زلتم في منطق التحدي”.
إنطلاقا من ذلك، يشدد نيسي على “ضرورة عقد مؤتمر دولي من أجل لبنان لتنفيذ القرارات الدولية الذي يطالب به الراعي ” ويذكّر بخارطة الطريق التي وضعها غبطته في مذكرة الحياد كما في المؤتمر الذي عقدته لجنة تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بلبنان في 23 نيسان 2022 في بيت عنيا “حيث أكدنا على ضرورة السير بهذه الخارطة لتفادي الشغور وأهمية انعقاد مؤتمر دولي لأجل لبنان تعمل فيه الدول التي ستجلس إلى طاولة واحدة برعاية الأمم المتحدة وليس قادة الأحزاب والزعماء اللبنانيين، على تنفيذ القرارات الدولية بدءا من القرار 1559 وصولا إلى 1650 الذي تضمن 8 بنود متمايزة عن السلف على توسيع صلاحيات قوات اليونيفيل والسماح لها القيام بنشاطات متمايزة”.
توصيف نصرالله للقرار 1650 ب”الوصاية الدولية الجديدة” لن يغرِّد وحيداً في ساحة المواقف والتعليقات والردود على مطلب الراعي بعقد مؤتمر دولي من أجل لبنان. علما أن “وضع لبنان تنطبق عليه شروط الدولة الفاشلة بحسب القانون الدولي” يقول نيسي” وهذا يستوجب حكما عقد مؤتمر دولي وقد رأينا في المدة الأخيرة حراك منسقة الأمين العام للأمم المتحدة يوانا فرونتسكا باتجاه بكركي لاستيضاحه حول مسار وهامش مواقفه وإلى أين قد يذهب بها؟” ويضيف”نحن جزء لا يتجزأ من الشرعية الدولية وعندما نطالب بعقد مؤتمر دولي فنحن لا نستجلب وصاية دولية إنما نقول للأمم المتحدة نحن بحاجة لمساعدتنا على تطبيق القرارات الدولية التي وافقت عليها الدولة اللبنانية لكنها عاجزة عن تنفيذها”!.
إنطلاقا من ذلك، يؤكد نيسي أن المجتمع الدولي مهتم بلبنان على عكس ما يقال إلا أنه لا يتحرك إلا بغطاء من شرعيتين: دستورية وشعبية. فإذا ما لمس جمودا في الشرعية الأولى من قبل الرئاسات الثلاث ينتقل إلى الشرعية الشعبية وقد سمعنا الراعي يقول “لا شعب لبنان ولا نحن نحتمل تحديا إضافيا على صعيد الرئاسة وغيرها. فحذار لأن جو المجتمع تغيّر .النفوس تغلي وهي على أهبة الإنتفاضة. لم يصل أي شعب في العالم إلى هذا المستوى من الإنهيار من دون أن ينتفض ويثور أكان في دولة ديمقراطية أو ديكتاتورية”.
في 27 شباط 2021 كانت الإنتفاضة الشعبية باتجاه بكركي حيث سمعت الحشود التي أمت الصرح البطريركي بيان الراعي الذي تضمن صرخة وطنية من 17 لا…وألف لا… “واليوم نتوقع أن تخلق الشرعية الشعبية الجديدة الدينامية التي عجزت عنها شرعية ثورة17 تشرين “.
ويختم نيسي بالتأكيد أن “لبنان بلد منهوب مش مأفلس والأهم أنه غير متروك لمصيره بدليل كم المساعدات التي تدخل ولولاها لكنا بحالة أكثر من مزرية.من هنا يجب الأخذ بهواجس الراعي ورفع الصوت معه لعقد مؤتمر دولي من أجل لبنان وتنفيذ القرارات الدولية والسير بخارطة طريق الحياد التي وضعها. ومن هونيك ورايح نحنا مسؤولين عن إعمار لبنان”.