الحريري يزور لبنان دون أن يعود إليه!
بات من شبه المؤكد أن الرئيس سعد الحريري سيعود إلى لبنان قبل تاريخ 14 شباط لإحياء ذكرى استشهاد والده الرئيس رفيق الحريري، الذي سقط شهيداً قبل 18 سنة، إلاّ إذا طرأ ما ليس بالحسبان واضطر الحريري إلى إلغاء زيارته التي قد تُكرِّس زعامته.
عودة الحريري تأتي بالتزامن مع تحوّلات مصيرية تشهدها الساحة السياسية اللبنانية وفراغات تخيِّم على الدولة من رأس هرمها حتى كعبها المهترئ.
منذ تعليق عمله السياسي قبل الإنتخابات النيابية، بات الحريري مادة إعلامية دسمة ومحط أنظار القوى السياسية التي تمارس سياسة الغزل معه، وتحديداً الحزبين المسيحيين الكبيرين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، وذلك، لأنها تستشعر الخطر من معظم النواب السنّة الذين لم يتعاطوا معها بلطافة، بل العكس تماماً.
ذكرى 14 شباط هذا العام ليست كما سابقاتها. ويصحّ القول إن الحريري لن يعود إلى لبنان، بل سيزوره، والفرق كبير جداً بين الزيارة والعودة. الزيارة هدفها القيام بواجب وطني وقد لا تستمر لأكثر من أسبوع، أمّا العودة فتعني الإستقرار في لبنان وممارسة السياسة.
تزامناً مع وقفة الحريري أمام ضريح والده في وسط بيروت وقراءة سورة الفاتحة لروحه، هناك من ينتظر من الحريري قراءة الفاتحة على نية العودة إلى الحياة السياسية، لكن هذا ما ليس ممكناً، أقلّه راهناً.
جميع المقرّبين من الرئيس سعد الحريري، يؤكدون أن عودته لممارسة السياسة أمر غير ممكن حالياً، بمعزل عن الأسباب والدوافع التي دفعته لاتخاذ هذا القرار. لكن يبدو أن الحريري، ورغم غيابه، لا يزال في صلب الحياة السياسية من خلال نفوذه القوي في أجهزة الدولة القضائية والأمنية والوزارية والإدارية.
إذًا في 14 شباط، ستُفتح مجدداً أبواب بيت الوسط لاستقبال المناصرين والمؤيدين والمحبّين للحريرية السياسية، ويجري الحديث عن احتمال دعوة النواب السنّة للقاء الحريري، لكن قبل توجيه الدعوة، لا بدّ من جسّ نبض النواب لمعرفة من يلبّي ومن يعتذر.
وبحسب الأجواء، يبدو أن عدداً لا يستهان به من النواب السنّة سيعتذرون عن الحضور لعدة أسباب، ومن أبرز الشخصيات التي ستغيب، فؤاد مخزومي الذي فشل بوراثة الحريري، وأشرف ريفي الذي لا يفوِّت فرصة لمهاجمة رئيس تيار “المستقبل”، إضافة إلى نواب التغيير السنّة ومعظم النواب المحسوبين على قوى الثامن من آذار.
في حال لم يضمن تيار “المستقبل” تأمين حضور نيابي وازن، فإنه لن يدعو لهذا اللقاء، وقد تقتصر النشاطات على لقاء الحريري مع شخصيات وفعاليات وطنية وبيروتية ومناصرين ومؤيدين، لكن في جميع الأحوال، فإن زيارة الحريري لن تغيّر الواقع المفروض عليه خارجياً وداخلياً.
محمد المدني – ليبانون ديبايت