مِن الفساد الى المرفأ.. مَن المسؤول عن تدويل التحقيقات؟
كتبت لورا يمين في “المركزية”:
التحقيقات في ملف انفجار المرفأ متوقّفة منذ أكثر من عام بفعل كف يد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، بعد ان أغرقته المنظومة، متمثلة بمَن يطلب البيطار الاستماع اليهم، بدعاوى كف اليد ومخاصمة الدولة…
وبحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، فإن المناخات على هذه الضفة غير مطمئنة وتوحي بأن القوى المتضررة من كشف الحقيقة تصرّ على الذهاب أبعد في عرقلة مسار التحقيق. في الساعات الماضية، هي أعادت الحديث عن “القاضي الرديف”، وتريد من مجلس القضاء الاعلى تعيينه (شرط ان يكون قاضيا ترتاح اليه هي، لا اي قاض) من اجل اخلاء سبيل مَن أوقفهم البيطار بعد ان تسلّم الملف. فقد أعلن القضاة حبيب مزهر وداني شبلي وميراي حداد والياس ريشا، أعضاء مجلس القضاء الاعلى، الاربعاء، أنه بعد المداولة وحفاظا على حسن سير العدالة وانتظاما لعمل المرفق العام القضائي وحرصا على الحقوق كافة وسندا لاحكام المادة ٦ من قانون القضاء العدلي، انهم قرروا دعوة مجلس القضاء الأعلى للانعقاد قبل ظهر امس الخميس الواقع في ١٢/١/٢٠٢٣ وعلى جدول الاعمال بند وحيد هو البحث في مقتضيات سير التحقيق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت.
هذه الخطوة استنفرت الشارع واهالي الضحايا والقوى السياسية المعارضة للمنظومة، فنزلوا الى الشارع معترضين على المحاولة القديمة – الجديدة للالتفاف على التحقيقات، فتم إحباطها، ليس فقط تحت ضغط الناس، بل ايضا بموقفٍ شجاع من رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود الذي لم يحضر رافضا تغطية الشواذ الذي يُمثّله طرح القاضي البديل، وبعدم مشاركة القاضي عفيف الحكيم ومدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات.. فلم يؤمن نصاب الجلسة ولم يجتمع المجلس…
ازاء هذا التخبط المحلي والاصرار السياسي على طمس الحقائق وعرقلة التحقيق، تبدو القوى الدولية الكبرى ستتحرّك. ففي جريمةٍ بحجم انفجار المرفأ تُعتبر من الاكبر من حيث عدد الضحايا (ومنهم أجانب) وحجم الدمار الذي تسببت به، لا يمكن للعواصم الكبرى ان تبقى مكتوفة الايدي. انطلاقا من هنا، وصلت الى لبنان، مراسلة فرنسية تطلب لقاء المعنيين بالملف للاستفسار عن معلومات تتعلق بالتحقيق الذي تولاه البيطار. وافيد أن المراسلة التي وصلت الأربعاء من وزارة الخارجية إلى وزارة العدل، تتحدث عن زيارة لقاضيين فرنسيين (أحدهما يدعى نيكولا أوبرتين)، مع احتمال أن ينضمّ إليهما خبير جنائي من الشرطة الفرنسية. وتطلب المراسلة تحديد موعد للزوار الأجانب في 24 الجاري للقاء المحامي العام التمييزي صبوح سليمان المكلف من النيابة العامة الإشراف على ملف التحقيقات في المرفأ، للاطلاع على وثائق التحقيق اللبناني. بدورها، رأت منظمة “العفو الدولية” امس ان “من غير المنطقي عدم تقديم أي شخص للمساءلة بعد مرور أكثر من سنتين على انفجار مرفأ بيروت”. اما السفيرة الاميركية دوروثي شيا فجالت على عدد من المسؤولين في الايام الماضية، مطالبة بتحريك القضية خاصة وأن احد موظفي المرفأ الموقوفين، يحمل الجنسية الاميركية.
بعد العجز اللبناني عن محاربة الفساد المحلي الذي انتشر “عالميا”، ما دفع بوفد قضائي أوروبي الى التوجه الى بيروت لمتابعة هذه القضية والاستماع الى شهود، السيناريو ذاته سيتكرر على الأرجح في قضية المرفأ، حيث “ستُشمّر” القوى الدولية عن سواعدها وتعمل بنفسها على محاولة فك طلاسم زلزال 4 آب. لا يُلام على هذا الواقعُ القضاءُ ككل، بل المنظومةُ السياسية التي تدخّلت في عمله ومعها القضاةُ الذين ارتضوا ان يتحوّلوا أدوات لتنفيذ اجنداتها ورغباتها، تختم المصادر.