هل من تعاون أمني لبناني لتنفيذ مهمّة الوفد القضائي الأوروبي؟
ساعاتٌ قليلة تفصلُنا عن نهاية العام 2022 بكلّ صعوباته الإجتماعية من ارتفاع أسعار المحروقات وانقطاع الدّواء والعَتمة شبه الشاملة والإرتفاع الجنوني لسعرِ صرفِ الدولار، من دون وجود أي معالجة لها.
ساعاتٌ قليلة تفصلُ اللبنانيين عن أيامٍ سوداء تُركوا فيها لقدَرِهم من دون أن يفهموا مَن الذي حَرم شبابهم من حُلم الزواج وتأسيس عائلة بعد توقُّف قروض الإسكان ومَن الذي حوّل أمواله إلى الخارج وتَسبَّب بالإنهيار المالي الذي أدّى إلى موجة هجرةٍ هي من بين الأكبر في تاريخ لبنان. لكنّ الأملَ يبقى في ال 2023 علَّه يسمحُ لكلِّ شابٍ أو صبية لبنانيّة سُرقت أحلامهم ولكلِّ مَن شاب شعره بحثاً عن لقمة العيش، بأن يحاسب من سرق جنى عمرِه.
بعضُ اللبنانيّين يرى في الوفد القضائي الأوروبي الذي يزور لبنان من التاسع من كانون الأول الى العشرين منه بارِقةَ الأمل هذه، حيث ينوي القضاة الأوروبيون القادمون من فرنسا وألمانيا واللوكسمبورغ التوسُّع بالتحقيق في ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
الوفد الأوروبي سيأتي على دفعات وكلّ بلدٍ سيتمثّل بأكثر من قاضٍ على صعيد مدّعين عامّين ومحقّقين عدليّين بهدف الإستماع إلى قرابة ال 35 شخصاً من مصرفيين ومسؤولين سابقين وحاليين في المصرف المركزي وعلى رأسهم سلامة. لكنَّ وسطَ تأكيد مصادر قضائية رفيعة أن هذه الخطوة تشكّل انتهاكاً للسيادة اللبنانيّة إذ لا أحقية لقضاة أجانب باستجواب لبنانيين بشكلٍ مباشر على الأراضي اللبنانية، يبقى السؤال حول دور الأجهزة الأمنيّة في تسهيل هذه المهمّة.
تقولُ مصادر أمنيّة رفيعة ل LebanonOn أنه في حال طلبت سفارة إحدى الدول الثلاثة تأمين الحماية الأمنيّة لوفودِها عبر سفارتها في لبنان، فَمِن واجب الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة تأمين هذه الحماية تطبيقا للاتفاقيات والمعاهدات الدبلوماسيّة التي ترعى العلاقات بين الدّول. أما قضائياً فلا يمكن للقضاة الأوروبيين إتّخاذ أي إجراء إلا بغطاءٍ من النيابة العامة التمييزية كتنفيذِ مذكّرات إحضارٍ أو مذكراتِ توقيفٍ بحقِّ أحد المشتبه بهم وبالتالي لا يمكن لأي جهازٍ أمنيٍّ التحرّك إلّا بأمرٍ من النيابة العامة التمييزيّة حتى ولو سَبَقَ أن تمَّ تكليفُه بتنفيذِ إشارةٍ معيّنة من قبل القضاء اللبناني في ملفٍ متعلّقٍ بسلامه. وللتذكير فأن أكثر الأجهزة المعنيّة بملف حاكم المركزي خلال ال 2022 كان “أمن الدولة” الذي نفّذَ مذكِّرة الإحضار بحقه في ثلاثة أماكن في جبل لبنان وفي مركز عَملِه في مصرف لبنان لكنّه لم يعثر عليه إضافة إلى تنفيذه مذكرة بحث وتحرٍّ بحق الفنانة ستيفاني صليبا في الملف عينه بناء على إشارة مدّعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون، هذا عدا عن مؤازَرَتِه للمحامي العام التمييزي بالتكليف القاضي جان طنوس أثناء مداهمته لخمسة مصارف في القضية عينها، قبل أن يتم وقف المهمّة بايعاز من رئيس الحكومة في حينِه نجيب ميقاتي.
وفيما تتّجهُ الأنظار نحوَ زيارة الوفد الأوروبي، تضعُها مصادرُ قضائية لبنانيّة في إطار المزايَدة لا أكثر إذ أن الولاية القضائية هي جزء من سيادة الدولة وتضيف المصادر أنه كان الأجدى بالدول الأوروبية أن تُحاسِب مصارِفها قبل التوجّه إلى المصارف اللبنانية.
فصحيحٌ أن الأخيرة أخفقت، لكنَّ الخطأ الأكبر يقعُ على عاتِقِ المصارف الأوروبيّة التي حُوِّل إليها حوالى العشرون مليون دولار على مدى سنواتٍ لحساب شركة “فوري” الوهميّة من دون أن تكشف هذه العمليّة أو تبلِّغ عنها، دائما بحسب المصادر.
أمام كل هذه “الشَّربَكة”، ثمة أمرٌ وحيدٌ مؤكّدٌ وهو أنَّ طريق الوفد لن تكون مفروشة بالورود وأن بداية العام 2023 ستكون معقّدة قضائياً.