محليات

ما سبب ابتعاد “الحزب” عن التصعيد؟

اعتبرت مصادر سياسية ان مأزومية ايران داخليا واقليميا ودوليا، تشكل السبب الرئيسي في نمط التعاطي المنتهج من الثنائي الشيعي والمترجم في مجمل الخطابات والمواقف دعوات الى الحوار والاتفاق على رئيس توافقي، حيث يقف الحزب في الصف الخلفي تاركا للرئيس نبيه بري التشاور والتواصل مع القوى السياسية المؤثرة في الاستحقاق الرئاسي، حتى انه لا يعلن للملأ تبني ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ويتستر بورقة تين “بيضاء” في الجلسات الانتخابية لعدم كسر الجرة مع التيار الوطني الحر، ليس حرصا على متانة التحالف المتشظي بقوة نتيجة مراكمة الخلافات بين الطرفين، انما ايضا لعدم توتير الاجواء التي يريدها مستقرة راهنا في انتظار ما تنتجه التطورات الدولية.

مأزومية ايران، تضيف المصادر، تنبع من فقدان اوراق قوتها تباعا في الاقليم ودوليا تزامنا مع وضع اقتصادي بالغ الصعوبة يحاصر البلاد وموجة احتجاجات داخلية ترهق النظام، ولو ان اسقاطه ما زال بعيد المنال وعلى الارجح صعب التحقيق. بيد ان تداعياته انعكست ضغطا وعقوبات دولية عليه وتدهور علاقاته مع اوروبا وتحديدا فرنسا التي كانت تشكل شعرة معاوية في التواصل مع العالم الغربي، الى جانب اتهام النظام اوروبيا بالوقوف الى جانب روسيا في الحرب ضد اوكرانيا ومدها بالمسيّرات والسلاح.

اما اقليميا فتتلاشى تدريجيا السطوة الايرانية على عواصم نفوذها مع المحادثات السرية بين السعودية وجماعة الحوثي اليمنية لبحث تهدئة عسكرية بين الطرفين،

بعد تشكيل لجنة سياسية وعسكرية بين السعوديين والحوثيين للبحث في إجراءات وقف القتال على الحدود ووقف الغارات الجوية، على اثر فتح قناة تواصل مباشرة هاتفيا بين نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان ورئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط، نهاية ايلول الماضي، بحسب ما ذكرت المعلومات التي تحدثت عن اقتراح بتشكيل لجنة من الطرفين لخفض التصعيد، وصولا إلى اتفاق كامل لوقف إطلاق النار بين الأطراف على الحدود السعودية- اليمنية.

من جانبه، اعلن العراق عن وضع “إستراتيجية” لتأمين حدوده مع كلّ من إيران وتركيا، من خلال خطة قررت الحكومة العراقية اتباعها لإعادة نشر قوات الحدود العراقية لمسك الخط الصفري على طول الحدود مع إيران وتركيا”، في حين سلك مسار المفاوضات وعودة المياه الى مجاريها بين النظام السوري وتركيا دربا تسوويا برعاية روسية من خلال الاجتماعات التي عقدت على المستوى الامني ثم الوزاري، المرتقب ان تتوج بقمة ثلاثية روسية -تركية- سورية العام المقبل تضع حدا لقطيعة 11 عاما بين الدولتين الجارتين.

الواقع هذا، تؤكد المصادر، يرتد على احوال لبنان، اذ يبقى ورقة قوة وحيدة في يد طهران من خلال حزب الله، لذلك يتجنب الحزب التصعيد خشية فقدانها. فينسحب من واجهة المشهد الرئاسي ويبتعد عن السجالات والصدامات، الا للضرورة القصوى، يقف خلف قرار فرنجية رئاسيا على قاعدة “ندعمه ما دام هو لم يسحب ترشيحه”، ويلقي كرة تهمة التعطيل في مرمى المعارضة باعتبارها ترفض الحوار كسبيل لبلوغ التسوية.

وحتى اتضاح الرؤية الاقليمية وانقشاع الضبابية عن المشهد الايراني الملبّد سيبقى لبنان باستحقاقاته وازماته معلقا على حبال الانتظار الثقيل.

المركزية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى