محليات

من يستخدم اليونيفيل درع حماية بشرية؟

“لماذا يقتل اللبنانيون جنود قوة اليونيفيل التي أوكل إليها مجلس الأمن الدولي مهمة الحفاظ على سلامهم وتعزيز إستقرارهم؟” سأل دبلوماسي رفيع من إحدى الدول العظمى من زاره متسائلاً عن مستقبل دور قوة اليونيفيل في لبنان في ضوء سلسلة الإعتداءات التي تعرضت لها القوة الدولية وآخرها الكمين الذي وقعت فيه قوة من الكتيبة الإيرلندية في بلدة العاقبية الجنوبية حيث قتل أحد جنودها وجرح ثلاثة.
وأضاف الدبلوماسي الذي تحدث شرط الإلتزام بعدم الكشف عن كامل هويته وصفته: “قد يكون لبنان الدولة الوحيدة من دول الصراع في العالم التي تسعى فيها أطراف متنازعة إلى استخدام قوة حفظ سلام أممية كدرع حماية بشرية تنظفها وتلمّعها إذا أطاعتها واستفادت منها لتحقيق أهدافها أو تحرقها وتدمرها إذا عرقلت توجهاتها وأصرت على الإلتزام بحيادية مهمتها ما يحول دون تنفيذ أجندتها”.
وأقفل الدبلوماسي الحوار مع محدثه بتقديم جواب وطرح سؤال في آن: “تطرح بعض الكتائب المشاركة في اليونيفيل تساؤلات عن إمكانية تحقيق إنجازات أكثر لقاء خسائر أقل إذا مارست مهمة حفظ السلام وضمان الإستقرار في دولة أخرى غير لبنان !!! ألا يؤشر هذا التساؤل إلى أن بعض الكتائب تدرس احتمال الإنسحاب من لبنان قبل إنتهاء ولاية اليونيفل في 31 آب 2023؟”
قد تكون تجربة الكتيبة الإيرلندية العاملة ضمن اليونيفيل هي الوحيدة القادرة على تسليط الضوء على مضمون حوار الدبلوماسي الرفيع كونها قدمت خلال 42 سنة أربع شهداء سقطوا على الأرض اللبنانية بنيران أطلقها لبنانيون في الجنوب بعضهم تابع لإسرائيل والبعض الآخر تابع لإيران. اللبنانيون السياديون لم يسفكوا دماء جنود جاؤوا من بلادهم لحفظ سلامهم.
هذه حقيقة يجب أن تعرفها الدول الـ 48 المشاركة في قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفل) البالغ عديدها 9923 عنصراً بين عسكري وإداري.
في 6 نيسان 1980 تعرضت قيادة الكتيبة الإيرلندية في بلدة الطيري بجنوب لبنان إلى هجوم من عناصر ميليشيا جيش لبنان الجنوبي المتحالفة مع إسرائيل بقيادة أنطوان لحد. صمدت الكتيبة الإيرلندية بمؤازرة الكتيبتين الهولندية والفيجية حتى 12 نيسان وقتل في المعركة الجندي الإيرلندي Stephen Griffin والجندي الفيجي Sevati Sononaivola إضافة إلى العنصر في ميليشيا لحد مسعود بزي.
بعد 6 أيام أرسلت قيادة اليونيفل قافلة لتموين موقع حدودي ضمت جنوداً من الكتيبة الإيرلندية ومعهم صحافيين اثنين من مكتب بيروت لوكالة Associated Press.
خطفت قوة من ميليشيا لحد المتحالفة مع إسرائيل بقيادة محمود عبد العزيز بزي القافلة على الطريق قرب معبر بيت ياحون واقتادت الجميع إلى مدرسة حيث إةاحتجزتهم وتم قتل الإيرلنديين Thomas Barrett و Derek Smallhorn انتقاماً لمقتل مسعود بزي، شقيق محمود، في معركة الطيري.
بعد إبعاده من أميركا التي دخلها بجواز سفر إسرائيلي مزور، قضت محكمة عسكرية لبنانية على محمود بزي بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بتهمة التعامل مع العدو الإسرائيلي وقتل جنود حفظ السلام وخفض الحكم إلى 15 سنة نظراً لتقدمه في السن البالغ 78 عاماً…
ودارت الأيام حتى 31 آب العام 2022 يوم تبنى مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2650 الذي مدد ولاية اليونيفيل لعام وشدد على أن القوة المؤقتة “…لا تحتاج إلى ترخيص أو إذن مسبق للإضطلاع بالمهام الموكلة إليها وأنها مأذون لها بالإضطلاع بعملياتها بصورة مستقلة”… وهنا دخلت العلاقة حقبة النزاع بين اليونيفيل وحزب السلاح الفارسي وأتباعه مما يعرف بمحور المقاومة والممانعة.
وجاء في متن القرار أن مجلس الأمن “يلاحظ أيضاً بقلق بالغ ومتزايد إستمرار عدم تمكن القوة المؤقتة من الوصول إلى جميع الأماكن ذات الصلة الواقعة شمال الخط الأزرق في ما يتعلق باكتشاف الأنفاق التي تعبر الخط الأزرق والتي أبلغت عنها القوة المؤقتة باعتبارها تشكل انتهاكاً للقرار 1701، وإذ يحث السلطات اللبنانبة على التعجيل بإنجاز جميع التحقيقات الضرورية في هذه المسألة.
وخلص القرار إلى أنه “… يدين بأشد العبارات جميع المحاولات الرامية إلى تقييد حرية تنقل أفراد القوة المؤقتة وجميع أعمال المضايقة والتخويف التي تعرض لها جنود القوة المؤقتة…”
الوكيل الشرعي العام للسيد على الخامنئي في لبنان الشيخ محمد يزبك أطّر الصراع الإيراني الأممي عبر اليونيفيل وسأل في خطبة ألقاها في مقام السيدة خولة في بعلبك: “أين المسؤولون عن قرار مجلس الأمن بإعطاء القوات الدولية في الجنوب “اليونيفيل” حرية الحركة، وعلى الأطراف اللبنانيين التسهيل وعدم الحاجة إلى إذن من الجيش بحركة دورياتها المعلنة وغير المعلنة”.
واعتبر أنّ “هذا نقض للاتفاقيات السابقة، وهذا تطور خطير يحول القوات إلى قوات احتلال، ودورها حماية العدو الإسرائيلي بتعقب الناس والمقاومة. ولم يسمع صوت ولا موقف لمئات الخروق الإسرائيلية من قبل القوات الدولية فكيف حالها بعد إطلاق اليد؟ إن اتخذ القرار على حين غفلة من الحكومة ووزارة الخارجية فتلك مصيبة، وإن كانت على علم فالمصيبة أعظم … فالقرار مؤامرة على لبنان وسيادته”، وفقاً للشيخ يزبك”.
وخلص الشيخ يزبك إلى التأكيد على أنّ “… المقاومة في الأراضي المحتلة تفقد العدو الإسرائيلي صوابه وهو في قلق زائد ومستمر بإشعال المقاومة الفلسطينية النار تحت أقدام الاحتلال بالعمليات المتواصلة… ولن تطفأ الشعلة حتى يتم التحرير وما ذلك ببعيد”!

هل أعلن الشيخ يزبك العداء مع القوة الأممية عندما وصف القرار 2650 بأنه “تطور خطير يحوّل القوات (يونيفيل) إلى قوات احتلال، ودورها حماية العدو الإسرائيلي بتعقب الناس والمقاومة”؟
القرار “مؤامرة على لبنان وسيادته”، وفق تأكيد الشيخ يزبك الذي يعد بأنه “لن تطفأ الشعلة حتى يتم التحرير وما ذلك ببعيد”! ما يطرح السؤال:
كيف تكون مواجهة “المؤامرة” المزعومة؟
هل الجواب عن السؤل ما زال في العاقبية أم رحل مع الجندي الإيرلندي شون روني سائق مركبة اليونيفيل الذي قضى برصاصتين في رأسه أثناء احتفال الترحيب “بقوات احتلال دورها حماية العدو الإسرائيلي بتعقب الناس والمقاومة”؟

محمد سلام – هنا لبنان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى