محليات

أول نشاط “حزبي” لعون منذ مغادرته بعبدا.. رسالة “دعم” لباسيل؟!

للمرّة الأولى منذ مغادرته قصر بعبدا نهاية تشرين الأول الماضي، وانتهاء ولاية السنوات الستّ الرئاسية، ترأس رئيس الجمهورية السابق ميشال عون اجتماع الهيئة السياسية في “التيار الوطني الحر”، في نشاط “حزبي” أراد من خلاله توجيه رسائل في كلّ الاتجاهات، وفق كثيرين، ولو اقتصرت الكلمة التي ألقاها أمام الصحافيين على “عموميات” لا تقدّم ولا تؤخّر الكثير، بعيدًا عن “ثابتة” مواصلة مسيرة مكافحة الفساد.

فلأكثر من سبب، اعتُبِرت زيارة الرئيس السابق، الذي أضحى كما يحلو للبعض وصفه، رئيسًا فخريًا للحزب الذي أسّسه، إلى المقرّ المركزي لـ”التيار الوطني الحر”، مهمّة، في الشكل قبل المضمون، خصوصًا على مستوى “التوقيت” الذي جاءت فيه، في ظلّ التباينات المستمرّة في مقاربة استحقاق الانتخابات الرئاسية، حتى داخل تكتل “لبنان القوي”، حيث تتعالى الأصوات الرافضة لخيارات رئيسه الوزير السابق جبران باسيل.

لكنّ أهميتها تأتي أيضًا في سياق العلاقة “الملتبسة” بين “التيار” ممثلاً بباسيل، و”حزب الله”، منذ “الافتراق” على جلسة الحكومة الأخيرة، بعد “تراكمات” من الاختلافات، في ظلّ توقعات بـ”تدخّل مباشر” من عون لإعادة العلاقة إلى “الصراط المستقيم” إن جاز التعبير، خصوصًا أنّ “الهدنة شبه المُعلَنة” بين الجانبين، لم تنجح حتى الآن في تخفيف وتيرة “الاشتباك”، أو بالحدّ الأدنى، في فتح “حوار” لا يبدو الفريقان مستعجلَين عليه.

دعم “مطلق” لباسيل
صحيح أنّ كلام عون أثناء وبعد الاجتماع بقي بعيدًا عن كلّ هذه التفاصيل، حيث أبدى الرجل “شوقه” إلى “الرفاق المحازبين”، مكتفيًا بالموازاة ببعض “العموميات” التي دأب عليها، على غرار تشديده على وجوب “إعادة بناء الدولة”، وقوله إنّه “في حال لم تتغير الطبقة الحاكمة الحالية لن يكون هناك وطن”، أو حديثه عن “المحاسبة المطلوبة”، استكمالاً لما قاله في خطاب “الوداع” من قصر بعبدا في 30 تشرين الأول الماضي.

لكنّ الصحيح أيضًا، وفق ما يؤكد المتابعون، أنّ كلّ هذه التفاصيل كانت “حاضرة” بشكل أو بآخر في زيارة عون، الذي أراد أن يوجّه رسالة دعم “مطلق” لـ”وريثه السياسي” جبران باسيل، علمًا أنّ إحجامه عن الغوص في الملفات الداهمة، وإحالته السائلين عنها إلى رئيس “التيار الوطن الحر”، يندرج في سياق هذا “الدعم” تحديدًا، مع ما يوحيه من “تبنٍ صريح” لمقاربات الرجل لمختلف الملفات، من الرئاسة إلى الحكومة وغيرها.

ويقول العارفون إنّ هذه الرسالة كانت موجّهة بالدرجة الأولى إلى الداخل “العوني”، قبل الحلفاء والخصوم، خصوصًا في ضوء الحديث المتجدّد عن “تحفّظات” بالجملة بدأت تُرصَد داخل “التيار” على أداء باسيل، وهو ما تُرجِم في الفترة الأخيرة بـ”الابتعاد الطوعي” للكثير من القيادات “العونية” التاريخية عن المشهد، فضلاً عن حملات “الطرد” التي شملت في الأشهر الأخيرة بعض الوجوه التي ارتبطت وجدانيًا بالحالة “العونية”.

رسالة إلى “حزب الله”؟
وأبعد من الرسالة “الداخلية”، ثمّة من يعتبر أنّ المضمون نفسه أراد عون توجيهه إلى “حزب الله”، على وقع الخلاف الأخير بينه وبين باسيل، والذي يُعَدّ الأول من نوعه منذ إبرام تفاهم مار مخايل، علمًا أنّ تقارير صحافية رجّحت دخول الرئيس السابق على خط “الحلحلة”، إما باجتماع مباشر يعقده مع الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، أو باتصال هاتفي قد يبادر إليه الأخير في مناسبة الأعياد المجيدة.

وإذا كان مفهومًا أنّ عون أراد أن يؤكد لـ”حزب الله” وقوفه “المطلق” إلى جانب باسيل في مقاربته، بعيدًا عن أيّ محاولات “للتمييز” بين الجانبين، فإنّ هناك من فهم عدم “المجاهرة” بمثل هذا الموقف، “حفظًا لماء الوجه” إن جاز التعبير، خصوصًا أنّ باسيل نفسه لا يريد “التفريط” بالتفاهم مع “حزب الله”، كما بدا واضحًا من إطلالته الإعلامية الأخيرة، والتي كان يتوقّع شخصيًا أن تفتح الباب تلقائيًا أمام حوار ثنائيّ مباشر.

ويقول العارفون إنّ “حزب الله” يدرك سلفًا أنّ عون “يتبنّى” موقف باسيل، علمًا أنّه سبق أن أرسل إشارات “سلبية” مثلاً من ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية للرئاسة، حتى حين كان في قصر بعبدا، لكنّهم يشيرون إلى أنّ موقف الحزب واضح أيضًا، وقد ثبّته في بياناته، معطوفة على كلام أمينه العام المسرَّب الأخير، الذي أكّد فيه بوضوح تمسّكه بالتفاهم، “إلا إذا” أراد “التيار” خلاف ذلك، ولهذه الـ”إلا إذا” الكثير من الدلالات.

لم يحمل النشاط “الحزبي” الأول للرئيس السابق ميشال عون الكثير من الدلالات بالنسبة إلى كثيرين، خصوصًا أنّ الهدف الظاهر منه لا يتعدّى “دعم” الوزير السابق جبران باسيل، “دعم” لم يعد مفاجئًا، وقد أضحى بحكم “الأمر الواقع” بالنسبة إلى “العونيين المتحفّظين”، قبل الحلفاء “الممتعضين”، ولعلّ هؤلاء معنيّين بهذا النشاط قبل غيرهم، تمهيدًا لفتح قنوات التواصل “المجمَّدة” حتى إشعار آخر!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى