باسيل يخسر آخر أصدقائه داخل الحزب…من هو؟!
على الرغم من كلّ ما قيل ويُقال، لم يحصل حتى الآن أيّ تواصل بين التيار الوطني الحر وحزب الله. كلّ منهما على موقفه، وهو ما ينذر بانقطاع قد يصل إلى القطيعة.
لقد سلكت العلاقة، للمرّة الأولى، منحىً خطيراً هذه المرّة. فأيٌّ من الطرفين غير مستعدّ للتراجع. والعلاقة حسب المقرّبين من الطرفين عرضة لمزيد من التأزّم، ولا سيّما في حال عُقدت جلسة ثانية لحكومة تصريف الأعمال. حينئذٍ يكون الطرفان قد دخلا في تحدٍّ خطير على مستقبل علاقتهما. حتى علاقة رئيس وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا بصديقه الأقرب جبران باسيل، مقطوعة أيضاً، لأنّ باسيل يحمِّل صفا مسؤوليّة الإخلال بالوعد: عدم انعقاد حكومة تصريف الأعمال، وعدم مشاركة وزراء الحزب في حال اجتمعت.
صفا وباسيل
المتعارَف عليه أنّ صفا من أشدّ المتحمّسين في حزب الله لباسيل قبل أن تعصف بعلاقتهما الخلافات. وصفا هو من قصده باسيل بكلامه عن نكث الوعد. يعلم الحزب أنّ باسيل صادق في ما قاله، لكن كان من الصعب على الحزب تحمّل وزر عدم إقرار اعتمادات المستشفيات. المقاربة والتبريرات مختلفة لدى باسيل: يعتبر أنّ حزب الله كسره أمام ميقاتي.
من الواضح أنّ طبيعة العلاقة بين التيار العوني وحزب الله تغيّرت. فحزب الله الذي سبق أن ساير باسيل في محطات كثيرة، لم يعد يستطيع مجاراته. لم يماشِه في عدم مراعاة خصوصيّة علاقته مع نصفه الشيعي الآخر، أي رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ولا في عدم احترام خصوصيّة العلاقة السنّية – الشيعية. اعتاد باسيل أن يحقّق له حليفه ما يريد، حتى صار يأخذ أكثر ممّا يعطي، حسب توصيف مطّلعين على سير العلاقة من ناحية حزب الله.
يعتبر المراقبون أنّ واقعاً جديداً طرأ على علاقة الجانبين. وإذا كان رئيس التيار لا يتوانى عن التذكير بأنّ التفاهم مهدّد، فإنّ حزب الله، مع حفاظه على التفاهم وحرصه على تحالفه مع ميشال عون، يتساءل: ألا يزال التفاهم حاجة ملحّة له كما كان من قبل؟
مشكلة قرارات الحكومة
كان من المتوقّع أن تضع إطلالة باسيل التلفزيونية الأخيرة خلافه مع الأمين العام للحزب خلفهما، لكنّ الوقائع تقول إنّ باسيل يدفع نحو مزيد من إحراج حزب الله بإصراره على تصحيح القرارات التي صدرت عن جلسة الحكومة الأخيرة وإعادة إقرارها من خلال مراسيم جوّالة على الوزراء، كي تصبح دستورية من وجهة نظره. لكنّ التراجع غير وارد في عُرف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ولا الحزب مستعدّ لمطالبته بذلك. فكيف بالرئيس برّي الذي يذهب في دعم ميقاتي إلى حدّ عقد جلسة جديدة لحكومته؟
من وجهة نظر المطّلعين على موقف التيار، تبدو المعركة مبدئية. حزب الله براغماتيّ، لكنّ باسيل غير راضٍ عن مسار الجلسة وقراراتها. لذا لا تلاقي بينهما في هذه المسألة. العلاقة متّجهة إذاً نحو مزيد من البرود وربّما القطيعة.
فتح باسيل الباب وتحدّث بمرونة موضحاً كلامه بشأن السيّد نصرالله. لكنّ العلاقة توقّفت عند هذا الحدّ لولا حديث نصر الله لوزراء حزب الله الذي ورد في صحيفة “الأخبار” ولم يزِد على حدّ التأكيد على التفاهم ما دام الحليف متمسّكاً به. وهذه الكلمات حمّالة أوجه.
هل ينتحر باسيل سياسيّاً؟
تتوقّع المصادر عينها أن تستمرّ القطيعة إلى ما بعد رأس السنة. أمّا بعدها فيبدأ حكماً البحث الجدّيّ في رئاسة الجمهورية والخروج من صيغة الورقة البيضاء. ماذا سيفعل باسيل وما هي خياراته في حال تصرَّف حزب الله مع ترشيح سليمان فرنجية كما تصرَّف في موضوع الحكومة؟
هناك من يدعو باسيل إلى أن يشارك في صناعة الرئيس كي لا ينتحر سياسياً، ومن يقول إنّ الأكثر حظّاً للرئاسة هو سليمان فرنجية وليس جوزف عون. لقد ذهب باسيل بعيداً في معارضته فرنجية حتى صار تراجعه مستحيلاً.
“حالياً ليس من حيط عمار بين حزب الله وباسيل”، يقول المقرّبون. فكيف إذا انتخب حزب الله فرنجية بأصوات الثنائي والسُّنّة مع عدد من النواب المسيحيين؟ هذا يعني تحدّي مكوّنين مسيحيَّين أساسيَّين: القوات والتيّار وبكركي ثالثتهما.
الخلاصة أنّ العلاقة بين التيار وحزب الله قد دخلت طريقاً شبه مسدود: لا جبران مستعدّ للتراجع ولا حزب الله في هذا الوارد. وخلافهما أدخل البلد في موت سريري وسياسي.
القصة لم تنتهِ بعد. لخلافهما فصول أخرى: باسيل بكلامه عن السيد نصرالله أو تلميحه إليه أصاب علاقته بحزب الله إصابة بالغة. لم يعد يوجد داخل الحزب من يدافع عنه. وحدها مواقفه الاستراتيجية تشفع له. “لكنّ العبء بات ثقيلاً”، يقول مقرّبون من حزب الله.