محليات

نداء مُلحّ من القطاع التجاري إلى المغتربين..

كتبت ميريام بلعة في “المركزية”:

الأسواق التجارية على بُعد أيام معدودة من عيدَي الميلاد ورأس السنة، ولا تزال حركتها خجولة “فجوّ العيد يتأرجح بين “اليأس” بسبب الانهيار المالي والاقتصادي وانسداد الأفق السياسي،  و”الرجاء” حيث التعويل على قدوم الاغتراب اللبناني ولا سيما في مناسبة الميلاد المجيد”، يقول الأمين العام للهيئات الاقتصادية رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس في حديث لـ”المركزية”. 
حتى اليوم لا تزال الحركة خجولة “ونحن نعوّل كثيراً على نفحة الأوكسيجين التي يضخّها الاغتراب اللبناني في جسم الاقتصاد العليل، وبذلك سيضعنا مطلع السنة الجديدة أمام مفترق طرق: إما وقف انهيار القطاع التجاري ليصبح مستعداً لانطلاقة جديدة ولو متواضعة، أم في حال كان الموسم ضعيفاً فذلك سيقودنا إلى سكة التعثّر وإقفال المزيد من المؤسسات والمحال التجارية… فغداً لناظره قريب!”. 
وفي المقلب الآخر، أجرى شماس جردة تجارية على حركة العام 2022، وجاء بالآتي: العام 2022 كان أفضل من العام السابق لكنه بقي أقل من التوقعات، عازياً ذلك إلى أن النصف الأول من العام 2021 كان لا يزال تحت ضغط انتشار وباء “كورونا” وانعكاسات انفجار 4 آب 2020 والتي استمرت تتداعى حتى العام الفائت وخصوصاً ما يتعلق بالبنية التحتية التجارية لأن هناك عدداً كبيراً من المؤسسات التجارية في بيروت وساحل المتن والمناطق المجاورة تضرّر من الانفجار بشكل لافت وطرأ تأخير كبير على عملية إعادة بنائها وتأهيلها بسبب إشكالية التأمين والتعويضات على الأضرار، فيما الدولة لم توفّر أي تمويل في ذلك الوقت، كما أن الأموال بالدولار الـ”فريش” كانت محدودة في حينها، كل ذلك أخّر في إعادة النهوض بالبنية التحتيّة التجارية مجدداً.
هذا بالنسبة إلى العرض، أما لجهة الطلب فبحسب شماس إن “القدرة الشرائية لدى المواطنين تراجعت إلى حدّ كبير بفعل التضخّم الذي فاقت نسبته الألف في المئة تراكمياً منذ 17 تشرين الأول 2019 حتى اليوم. في العام 2021 كانت ضعيفة، أما هذا العام فأفضل بنسبة تتراوح بين 15 و20 في المئة تقريباً على رغم أنها أقل من توقعاتنا، ومرَدّ ذلك إلى تحريك العجلة الاقتصادية في موسم الصيف ولا سيما السياحية بشكل لافت والتجارية على نحو محدود. فالقطاع السياحي  سجّل حركة مُرضية جداً حيث أدخل ما قيمته 4 مليارات دولار إلى لبنان خلال فصل الصيف، مصدرها المغتربين اللبنانيين ومجموعات سياحية من مصر والأردن والعراق التي تساهم في تحريك العجلة الاقتصادية في لبنان.. ولو موسميا”ً.  
ويُضيف: القطاع التجاري بكل مكوّناته استفاد من الحركة السياحية تلك، كالمطاعم والفنادق والمقاهي وخصوصاً في المناطق الريفيّة، إضافة إلى المجمّعات البحريّة والحانات الليلية. لكن للأسف لم يطل القطاع التجاري إلا القليل من الحركة السياحية الكبيرة، وقد يعود ذلك إلى أن المغتربين والسياح رصدوا أموالهم للاستجمام والراحة والطعام والسهر أكثر منه للتسوّق.
من هنا، يوجّه شماس نداءً إلى الاغتراب اللبناني “الذي يزور بلده الأم في هذه الأعياد، النظر إلى السوق اللبنانية حيث التجار يقدّمون أسعاراً مقبولة جداً ويقومون بجهود جبارة في هذا المجال، كما أنهم استوردوا كل الأصناف والبضائع لتلبية كل الأذواق. ونتمنى خلال موسم الأعياد الحالي وموسم الصيف المقبل أن يرصد المغتربون والسياح الأموال اللازمة للتسوّق من المحال التجارية في لبنان بمبالغ إضافية مخصّصة للقطاع التجاري”.
ويذكر هنا “مشكلة كامنة في غياب أي وساطة مالية من خلال المصارف والتي تحدّ من انتقال الأموال من قطاع إلى آخر. علماً أنه إن لم تأتِهِ الأموال بشكل مباشر فلن يستفيد من تلك الأموال عل الإطلاق… من هنا ضرورة تحريك النظام المصرفي من خلال إعادة الهيكلة المطلوبة كي تعود الوساطة المالية ويصبح هناك توزيع فاعل للموارد المالية على كل القطاعات اللبنانية.
ولم يغفل الإشارة إلى أن “المعوّق الأساسي هذا العام تمثّل في الضرائب، حيث ضريبة الـ3 في المئة على كل الواردات التي يسدّد أصحابها الضريبة على القيمة المضافة إلى جانب الدولار الجمركي الذي ارتفع من 1500 ليرة إلى 15 ألفاً، وارتفعت الضرائب نسبياً ضمن سلة كبيرة من المنتجات والأصناف التجارية.. صحيح أن جزءاً كبيراً من الأصناف الاستهلاكية السريعة مثل المأكولات وغيرها، معفية من الضريبة لكنها تساهم بشكل عام في رفع بنية التكاليف والأسعار في لبنان”.
ويوضح في السياق، أن “القطاع التجاري ثلاثة أجزاء: الاستهلاك اليومي الأساسي من مأكل ومشرب… ثم السلع المعمّرة كالسيارات والأثاث مثلاً، والكماليات ذات المروحة العريضة جداً. فالجزء الأول شهد حركة مقبولة أما الأجزاء الأخرى فلم تتحرّك كما يجب، على رغم الارتفاع الملحوظ في الطلب على السيارات الذي يعود إلى تفادي الخضوع لارتفاع الدولار الجمركي الكبير من قِبَل المستهلكين”. 
و”على أمل أن تكون السنة الجديدة أفضل من الحالية” بحسب شماس، يبقى القطاع التجاري في أمسّ الحاجة إلى حماسة الاستهلاك لتأمين استمراريّته التي ستبقى “على المحَكّ” أمام استحقاقات السنة المقبلة كغيرها من القطاعات الاقتصادية.     

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى