محال “البالة” في لبنان تنتشر في كل مكان!
كتبت “نداء الوطن”:
طرقت الأزمة الإقتصاديّة الحادّة أبواب معظم اللبنانيين، وأجبرتهم على التخلي عن أشياء كثيرة كانت إلى الأمس القريب حاجة أساسية من ضمنها الملبوسات، التي باتت شرائح واسعة تعتبرها أموراً كمالية. فاللبناني المعروف بحبّه لـ»البريستيج» ومواكبة الموضة، أفقدته الأزمة نمط حياة «اللوكس» التي إعتادها لعقود وعلّمته سياسة التقشف، وبات همّه الأساسي تأمين قوته ومعيشة عائلته!
وحتى لا يخسر اللبناني المظهر اللائق الحريص عليه لجأ إلى البديل، فنشطت أسواق “outlet” وهي المصطلح الجديد الذي يجمع بين المستعمل و»ستوكات» ماركات عالمية، إضافة الى “البالة” والتي أصبحت تشهد إقبالاً كثيفاً. ولا يقتصر الدخول إلى هذه المحلات على الطبقة الفقيرة والوسطى، بل أصبحت في الوقت عينه، وجهة بعض الميسورين نسبياً والذين يبحثون عن ماركات عالمية، في ظلّ إغلاق عدد كبير من شركات الملبوسات العالمية فروعاً لها في لبنان.
وصحيحٌ أن أسواق «البالة» و الـ”outlet”، كانت الملاذ الذي أفسح المجال أمام لبنانيين للتكيّف مع نمط جديد من الحياة، إلَّا أن لها تأثيراً على السوق التجاري المحلي وعلى الشركات المستوردة للألبسة الجاهزة.
وكشف أبو محمد صاحب أحد محلات «البالة» عن رحلة وصولها إلى لبنان، وقال انها «تعبر من مركز جمعها وتوضيبها، ثم مركز تصديرها في الدول الأوروبية والأجنبية، إلى المستوردين والموزعين وتجار الجملة والمفرق، لتصل إلى المستهلك. وهو يشتريها بالكيلو، وتزن البالة 50 كيلو تقريباً ويترواح سعرها ما بين 150 إلى 200 دولار وفق الأصناف».
«هناك من يلجأ إلى «البالة» شارياً وآخر بائعاً، يكشف أبو محمد هنا عن ظاهرة جديدة، وهي لجوء بعض العائلات إلى بيع بعض ملابسها لتأمين معيشتها».
وكذلك الأمر بالنسبة للـ’outlet” حيث يعتبر التاجر وليد الضيقة، أنّ «محلات البالة والـ outlet باتت الحل الوحيد لشرائح من الشعب اللبناني لشراء حاجاتها من الالبسة».
ولم تعد منصة انستغرام لإستعراض الصور والفيديوات بالنسبة للشابة ندى، وإنما وسيلة لكسب بعض المال والتأسيس لتجارة مربحة، حيث تقوم ندى بالعرض عبر صفحتها صوراً لقطع ملابس وأحذية لماركات عالمية وبأسعار مقبولة، هذه القطع هي حصيلة جولاتها على محلات الملابس الأوروبية المستعملة أو «البالات» في طرابلس.
وهناك سؤال كبير يتعلق بتأثير الظاهرة «البالة» والـ»آوتليت» على الصناعة المحليّة أو على حركة الاستيراد، حيث يتحدَّث وزير الصناعة السابق فادي عبود عن جوهر المشكلة لـ»نداء الوطن»، ويقول: «مشكلتنا مع إستيراد البالة هي مشكلة قديمة، فجميع اللّبنانيين والذين يعملون في المصلحة يُدخِلون، تحت ما يُسمّى «البالة»، بضاعة منتهية الصنع وجديدة وليس لها علاقة بـ»البالة».
ويشرح كيفية التهرب من الجمارك، ويقول: «يخفونها داخل البالات بحيث تبدو الثياب القديمة على الوجه، وبذلك يتهرّبون من الجمارك ممّا ينعكس سلباً إن على الخزينة أو على البضائع اللبنانية».
وفي هذا السياق، يُشدّد على أنه «لا يجب التمييّز بين بالة وألبسة جديدة ويجب وضع جمارك على البالة، مثلها مثل الألبسة الجديدة وليس على «الكيلو» كما يحصل الآن، وبذلك من الممكن أن تعود وتنتعش الصناعة اللبنانية، ويعود العزّ للصناعات المحلية وخاصة في موضوع الألبسة».
وعن علاقة إقفال بعض محلات الألبسة الجاهزة وإنتشار «البالات» والـ “outlet”؟ يتحدَّث رئيس نقابة تجار الألبسة المستوردة محمد سالم، عن «التراجع الكبير والمخيف الذي شهدته عمليات إستيراد الألبسة، وأثره على التجار اللبنانيين»، ويقول لـ»نداء الوطن»: «هناك خوف كبير لدى غالبية التجار، فأغلب التجار إضطرّوا إلى تقليص عدد موظفيهم، وبعضهم إستغنى عن جميع موظفيه وبقي هو وحده في المحل، ناهيك عن إقفال ما يقارب 50% من المحلات التي لم يتحمل أصحابها، فأقفلوا محلاتهم وهاجروا». وأكد ان نسبة الإستيراد في أدنى مستوياتها ووصلت إلى الحضيض». وتطرَّق سالم إلى موضوع نسبة الضرائب الضئيلة على «البالات»، ويشدّد على ضرورة معالجتها لحماية التجار.