الطعن بقرارات حكومة تصريف الأعمال… ما مدى قابليته؟
رغم اعتراض بعض الوزراء على انعقاد مجلس الوزراء، رأس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي جلسة حكومية، وسط شغور موقع رئاسة الجمهورية، وأصدر المراسيم التي أقرّتها حكومته “المستقيلة”، مستعيضاً عن توقيع رئيس الجمهورية بإضافة توقيع ثانٍ له بصفته ممثلاً عن مجلس الوزراء الذي أتخذ قراراً بإصدار المراسيم بالوكالة عن رئيس الجمهورية.
فهل ما حصل في جلسة تصريف الأعمال والتشكيك بدستوريتها يفتح الباب للطعن بمقرراتها أمام مجلس شورى الدولة من هذه الجهة او تلك ولا سيما التيار الوطني الحر، بما ان بالشكل والصفة، وفق قانون الشورى، يُفترض ان يكون الأقرب الى الصفة والمصلحة في تقديم أي مراجعة طعنا بقرارات مجلس الوزراء، من يعتبر نفسه المتضرر المباشر من هذه القرارات. في هذه الحالة يُعتبر الوزراء الذين تغيّبوا عن الجلسة وقاطعوها أصحاب الصفة والمصلحة. ويمكن لأي منهم أو لجميعهم تقديم المراجعة طعنا بالقرارات الصادرة عن جلسة حكومة تصريف الأعمال. والوزراء هم: وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، وزير العدل هنري خوري، وزير الدفاع موريس سليم، الاقتصاد أمين سلام، الشؤون الاجتماعية هكتور حجار، الطاقة وليد فياض، السياحة وليد نصار، والمهجرين عصام شرف الدين.
الرئيس السابق لمجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر يؤكد لـ”المركزية” ان “مفهوم التعدي لدى البعض أصبح كمفهوم الانجازات، مفهوم مقلوب”، مشيرا الى ان “اذا أردنا العودة الى أحكام الدستور، لمعرفة هل يحق لحكومة تصريف الاعمال ان تتسلم زمام الأمور في البلاد ام لا، نجد ان الدستور يكره الفراغ وينظم عمل السلطات وواجباتها، حيث نص الدستور على ان موقع رئاسة الجمهورية عندما يشغر لأي سبب، تنتقل صلاحياته الى مجلس الوزراء. في السابق، كان يُفترض بكل وزير التوقيع على القرارات، وكان باستطاعة وزير واحد ان يعطّل اي قرار حتى لو كان يشغل وزارة ليست بأهمية الوزارات الكبرى. ثم تبيّن ان مجلس الوزراء لديه نظام، وتقرّر تطبيقه على اجتماعات مجلس الوزراء. وبالتالي، يحتاج مجلس الوزراء الى تأمين نصاب الثلثين لعقد جلسة، وإلا لماذا يتمّ الحديث عن الثلث المعطّل؟ كما ان هناك قرارات تتخذ بموافقة أغلبية الثلثين وأخرى تحتاج الى الأكثرية العادية، تماماً كما حصل في جلسة اول من امس، حيث ان بعض القرارات من البنود الـ25 التي كانت مطروحة من قبل الرئيس ميقاتي، وتم اتخاذها من قبل الحكومة تعتبر استثنائية. وبالتالي اجتماع الحكومة كان شرعيا لأن نصاب الثلثين كان مؤمنا”.
ويضيف صادر: “بالمبدأ الدستور لحظ كل هذه الحالات وأعطى للحكومة سواء كانت مستقيلة او غير مستقيلة صلاحيات، رغم أنه يفضل ان تكون كاملة الصلاحيات. فهل نترك البلاد تحت رحمة الشغور ام تستلم هذه الحكومة منعا للفراغ. هناك شغور وفراغ ولا يمكن ترك البلد يسرح ويمرح، كالباخرة بلا قبطان، بل نحتاج الى من يتخذ قرارا”.
ويتابع: حكومة “معاً للانقاذ”، اجتمعت من اجل اتخاذ قرارات، وليس اي قرارات، بل هي تراعي الظرف. صحيح هي حكومة مستقيلة لكن لديها واجبات تجاه الفراغ والشعب، وهي إما ان تتخذ قرارات مهمة وضرورية وإلا يُعرقَل سير عمل المرفق العام”، معتبرا ان “كل ما يخرج عن هذا المنطق هو تنظير من قبل أشخاص لا يفقهون الدستور ويريدون إبداء رأيهم بالقوانين. فليترك السياسيون هذه الهرطقة ويتوقفوا عن اللعب والخربطة بالدستور. في السابق، كان الاحتكام فقط للدستور، والرئيس فؤاد شهاب كان دوما يقول “خلينا نشوف الكتاب شو بيقول”. اليوم “الكتاب” يُغتَصَب كل يوم سبع مرات”.
وعن الطعن بقرارات مجلس الوزراء يقول: “لا اريد ان استبق القرارات القضائية التي لم تتخذ بعد حتى، لكن اتصور ان القضاة لديهم من الوعي والدراية والعلم في قواعد تفسير القوانين ما يجعلهم أفهم من غيرهم، خاصة وأن الـ4 ملايين لبناني أصبحوا يريدون اعطاء رأيهم بأحكام الدستور”.