مصالح فرنسيّة في اختيار رئيس جمهورية لبنان
كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:
في بيان صدر عن البيت الابيض عقب القمة الاميركية- الفرنسية التي جمعت الرئيسين الأميركي جو بايدن، والفرنسي ايمانويل ماكرون في واشنطن الخميس الماضي، ثمّن بايدن، “الجهد الفرنسي في إتمام الاتفاق البحري بين إسرائيل ولبنان”، مشيرًا الى أننا “نعمل مع فرنسا من أجل دعم الإزدهار في الشرق الأوسط”. الموقف هذا، عكس بوضوح الاهمية التي يوليها الرئيسان لملف ترسيم الحدود وتقدمه على اي ملف اخر يتصل بلبنان بما فيه الانتخابات الرئاسية، وقد اتيا على ذكرها عابرا في البيان لاحقا ، بتأكيد “التصميم على مواصلة الجهود المشتركة لحضّ قادة لبنان على انتخاب رئيس للجمهورية والمضيّ قدماً في الإصلاحات الجذرية”. بذلت واشنطن الغالي والنفيس وشغّلت كل محركاتها ووساطاتها لتأمين مصلحة حليفتها الستراتيجية في المنطقة اسرائيل، ولعبت فرنسا دورا مهما، لدرجة تخصيصها بالشكر الاميركي على جهودها في سبيل توقيع الاتفاق ودخوله حيز التنفيذ.
واذا كان من المسلّم به ان لبنان ليس في قائمة اولويات الولايات المتحدة راهنا، وقد اوكلت امره الى فرنسا لتتدبره وفق المناسب، تحت سقف ثوابت واشنطن المعروفة، فالمسلّم به ايضا بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، ان الجانب الفرنسي يهتم بلبنان ليس من زاوية مصالحه البحتة، انما ايضا بما يناسب مصالحه هو تحديدا، وما يرتد عليه بالمنفعة، بدءا برئيس الجمهورية العتيد الجاري العمل على تحديد هويته طبقا للمواصفات المطلوبة للمرحلة داخليا وخارجيا، وهي بلغت مراحل جدّ متقدمة، وصولا الى مصالح شركة توتال المكلفة التنقيب عن النفط والغاز واستخراجه من المنطقة التي ضمنها اتفاق الترسيم من ضمن كونسورثيوم يضمها الى شركة “ايني” الايطالية و”قطر اينرجي” التي تحل محل شركة نوفاتيك الروسية اثر انسحابها، وتردد ان الانسحاب جاء على خلفيات سياسية لا تقنية.
تقول المصادر ان باريس تركّز في مجمل الاتصالات التي تجريها لاختياررئيس جمهورية للبنان، على ان يكون، الى جانب قدرته على الحكم، بما يلائم طبيعة المرحلة الحسّاسة والخطيرة، قادرا على حماية المصالح الفرنسية لاسيما تلك المتصلة بعمل شركة “توتال” التي ستمكث وطاقم عملها على مدى سنوات في لبنان وتحتاج الى مواكبة امنية يتولاها الجيش اللبناني. وتضيف، صحيح ان في كواليس اتفاق الترسيم، كانت الكلمة والقرار لحزب الله ،ما دام القاصي والداني يعلم ان امن الجنوب في يده، يحركه ساعة يشاء وحينما تقتضي مصلحته، الا ان التكتيك الامني والشؤون المتصلة بالمسائل غير الاستراتيجية، متروكة للدولة اللبنانية واجهزتها العسكرية . من هنا ومراعاة للمصالح تلك، تميل فرنسا في عملية البحث عن رئيس الى قائد الجيش العماد جوزف عون، كونه في رأيها واستنادا الى قراءات اجرتها جهات فرنسية مختصة، يشكل في هذه المرحلة، الضمانة لتنيفذ اتفاق الترسيم مع اسرائيل من دون انتكاسات امنية او تعرّض طاقم العمل الفرنسي لاي خطر، اضافة الى الرضى الدولي على شخصه، لا سيما من الولايات المتحدة الاميركية التي تخص المؤسسة العسكرية بالمساعدات لتمكينها من الاضطلاع بالادوار الامنية الضخمة الملقاة على عاتقها، وقد باتت المؤسسة الوحيدة الصامدة في مواجهة رياح الازمات العاتية التي تضرب لبنان بعدما انهارت الدولة ماليا واقتصاديا وتربويا وصحيا ، ولم يعد ما يمنع اندثارها سوى الجيش حامي الامن وموّفر الامان. فهل تتقاطع مصالح فرنسا النفطية مع المرشح الاكثر قبولا من القوى السياسية اللبنانية عند نقطة انتخاب رئيس للبنان في وقت غير بعيد؟