“القوات” أمام مواجهة بلا سقوف… إذا وقع المحظور!
كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
لم يحدث أي أمر على الساحة المسيحية يوحي بقرب تحقيق إجماع على أحد المرشحين المحتملين، لذلك ما زال كل فريق يبحث عن تحقيق خرق ما في جدار الأزمة الرئاسية. وفي وقت يبقى الخلاف مشتعلاً بين رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل ومنافسه رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية على الرئاسة، يحاول أكبر تكتل مسيحي، أي «القوات اللبنانية»، تجميع أكبر عدد من الأصوات لمرشحه رئيس حركة «الإستقلال» النائب ميشال معوض، معتمداً اللعبة البرلمانية لإيصاله.
ووسط هذه المعارك البرلمانية التي تُخرَّب من الدورة الأولى للإنتخاب، برز كلام لعدد من شخصيات 8 آذار ومن ضمنهم رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب يقول إن «الدكتور سمير جعجع لا يُعطّل النصاب إذا تأمّن 65 صوتاً لفرنجية ويتصرّف كرجل دولة». وتبدو مهمّة تأمين هذا الرقم صعبة من دون موافقة باسيل الذي يؤكّد مراراً وتكراراً رفضه لترشيح فرنجية، في حين تُصرّ «القوات» على رفضها مرشّحاً من صفوف 8 آذار وحليفاً لـ»حزب الله» وتشدّد على استمرار المواجهة لهذا النهج.
وأمام تعقيدات المشهد السياسي أكثر فأكثر، فإن لـ»القوات» موقفاً من النصاب، لكنها تعتبر أنّ فرضية تأييد باسيل لفرنجية لا تزال بعيدة المنال. من الواضح أنّ باسيل غير قادر على التراجع لأن كلفة التراجع باهظة بعد المواقف الأخيرة التي اتخذها. لكن بمعزل عن موقف باسيل فإن «القوات» تتحدّث بالمنطق السياسي، إذ لا يمكنها أن تحمّل الفريق الآخر مسؤولية التعطيل طوال الفترات الماضية، من تعطيل الحكومات لأجل توزير باسيل أو الحصول على حقائب معينة، وكذلك تعطيل الإنتخابات الرئاسية بين عامي 2007 و2008 وبين 2014 و2016، إضافةً إلى وضع معادلات بالقبول بهذا الشخص أو الفراغ، ومن ثمّ تتعاطى بنفس أسلوب الفريق المعطّل.
وتكرّر «القوات» موقفها بوجود «لا كبيرة» على انتخاب رئيس من 8 آذار، وتوضح أنّه لا تراجع عن هذا الأمر لأنّ أي رئيس من هذا الصفّ بمعزل عن اسمه سيشكّل إستكمالاً للنهج القائم والذي كرّسه الرئيسان إميل لحود وميشال عون، وبالتالي فأيّ رئيس حليف لـ»حزب الله» هو استمرار لمسلسل النزف والعزلة والتخبّط والفساد وتغطية «الدويلة» على حساب الدولة.
وتقول «القوات» إنّه «إذا نجح الفريق الآخر بتأمين 65 صوتاً لمرشحه وبات بحاجة إلى نصاب الثلثين، فنحن سنعطّل النصاب مرّة واثنتين وثلاثاً وأربعاً، لمحاولة إقناع وسحب من انضم لفريق الموالاة ومحاولة تجميع صفوفنا كمعارضة من أجل أن نمنع إنتخاب رئيس حليف لـ»حزب الله». أمّا إذا وجدنا أنّه بعد إقدامنا على التعطيل عدّة جلسات وليس بإمكاننا خرق كتلة الفريق الآخر ولا إمكانية لتوحيد المعارضة عندها «لا حول ولا قوّة».
وأمام هذا السيناريو فإن «القوات» ستقول لجمهورها وللبنانيين: «نحن في معارضة شرسة ونحن رأس حربتها وسنواجه العهد والفريق السياسي الذي يدعمه ولن نتردد في التصدي له منذ اللحظة الأولى، ولذلك سنعارض هذا الفريق وسنحمّل النواب مسؤولية خيارهم أمام الناس والله والتاريخ، ولا سيّما الشعب الذي انتخب هكذا نواب، وسنكون أمام مواجهة كاسرة بلا سقوف ولا هوادة فيها ولا تسوية ولا تراجع، ولن نمنح فرصة لهذا الفريق».
ولا تنطلق «القوات» من حسابات شخصية بل من موقف وطني، لكن في المقابل، وعلى رغم تقدّمها في الشارع المسيحي والوطني، لا يمكنها المواجهة لوحدها، بل إنّ مثل هكذا مواجهات تتطلّب تأليف معارضة وطنية تتمثّل فيها كلّ الأطياف، لأنّ المشكلة الناجمة عن تحكّم «حزب الله» بالبلد، لا تطال فريق «القوات» لوحده، بل كل اللبنانيين الذين وصلوا إلى جهنم جرّاء الإدارة السيئة للبلاد.