معوّض… ورقة “السياديّين” البيضاء
كتب قزحيا ساسين في “السياسة”
من الواضح أنّ في المجلس النيابيّ اللبنانيّ فريقَين متنافِسَين في معركة الاستحقاق الرئاسيّ، وكلّ منهما يستطيع منع الآخر من إيصال مرشّح إلى كرسيّ الرئاسة، بتعطيل النّصاب. ففي هذا المعنى يتعادل الفريقان قدرةً في الضغط، وإن لم يتعادلا على مستوى عدد الأصوات، مع العلم أن لا فريق من هذين الفريقَين يملك عددا ثابتا من النوّاب الناخبين، لأنّ العدد يتأثّر بمن هو المرشّح؟ وفي أيّ وقت؟… ما يعني أنّ أكثريّة المجلس النيابيّة متحرّكة، وعلى سبيل المثال، لا أحد يستطيع أن يضمن أصوات كتلة الزعيم الدرزيّ وليد جنبلاط في أيّ استحقاق، وقد يكون على ضفّة “السياديّين” في مسألة، وعلى ضفّة حزب الله في أخرى.
وعليه، فإنّ ترشيح النائب ميشال معوّض لا مكسب منه سوى إدخال معوّض إلى نادي مرشّحي الرئاسة. واللافت أنّ كلّ الداعمين له، يعلنون أنّهم معه، لكن ليس بشكل قاطع وحتّى النهاية، وكلامهم ينتهي دائما بِ”إلّا ذا”. وهذه الإِذا تعني أنّ ترشيح معوّض مهرب ناجح لتمرير الوقت، إلى أن يأتي وقت التسوية.
وفي الجهة المقابلة، ليس الالتزام بالورقة البيضاء سوى كسبٍ للوقت، بهدف الوصول إلى تسوية، أو إلى مرشَّح تحدٍّ، باعتبار أنّ المقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، لم تصل بعد إلى حلّ لمعضلة جبران باسيل وسليمان فرنجيّه، ولا تُريد أن تلزم نفسها بخيار معيّن اليوم، طالما أنّ الانتظار لا يخسّرها شيئا.
وبالنسبة للنوّاب السنّة الذين يختبئون بالورقة البيضاء أيضا، لقد أعلن بعضهمم أنّهم بورقتهم البيضاء يصنعون ساحة تلاقٍ، فهُم يقولون بشكل غير مباشر إنّ طبخة الرئاسة لم تنضج بعد، وهم ينتظرون إشارات معيّنة، سواء من الداخل أو من الخارج.
وليس من علامة فارقة سوى ترشيح الدكتور عصام خليفه، الذي عبّر عنه النائب أسامة سعد بأنّه موقف سياسيّ مبدإيّ، لا يرمي إلى الوصول بالقدر الذي يرمي فيه إلى الوضوح والصدق في الانتماء الوطنيّ.
عمليّا، لا انتخابات رئاسيّة، وكلّ القوى السياسيّة في قاعة الانتظار الكبرى، ولا انتصار بعد الانتظار، إنّما رئيس يرضى عنه الجميع، سواء سُمِّيَ توافقيّا أو ما يعادل هذه التسمية.
وقد تتسارع المفاوضات في الخارج قبل الداخل، وتُسَهِّل الدرب لقائد الجيش إلى بعبدا، فيسارع السواد الأعظم من القوى السياسيّة إلى المشية العسكريّة وراءه. وقد يطرأ مرشّح آخر، هو ثمرة مفاوضات غير منظورة ومسكوت عنها، ويحظى أيضا بملء كرسيّ بعبدا الشاغر.
وفي كلّ السيناريوهات المحتملة، هناك ثابتة لم تعد تقبل الشكّ، أنّ معظم المكوّنات للمشهد السياسيّ اللبنانيّ تعتمد الانتظار الخبيث، والأبيض سيّد الموقف في الأوراق، وليس النائب ميشال معوّض إلّا ورقة “السياديّين”… البيضاء.