محليات

جنبلاط: صفقّوا لرجا.. وابي المنى: كان الحكيم يوم المصالحة

تحوّل يوم الوداع للمناضل العميد رجا حرب قائد جيش التحرير الشعبي- قوات الشهيد كمال جنبلاط السابق إلى مناسبة عامة استعيدت خلالها محطات مفصلية من تاريخ الجبل ولبنان، بدءا من إقرار وثيقة الوفاق الوطني ووصولا الى المصالحة الوطنية التي رعاها البطريرك الماروني الراحل الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وصفحات نضالية عدة خطّها الراحل الى جانب المعلم الشهيد كمال جنبلاط ثم الى جانب وليد جنبلاط حينما تسلّم قيادة “جيش التحرير الشعبي – قوات الشهيد كمال جنبلاط”، ومنها دوره العسكري البارز الذي لعبه وصولا الى اتفاق الطائف وعودة السلام إلى ربوع لبنان. ولم تكن لفتة وليد جنبلاط حينما دعا جماهير المشيّعين للتصفيق تحية للمناضل العميد الا ترجمة لذاك الوفاء الذي برز ايضا من خلال رفع اللافتات التي حملت صور الراحل والمواقف السياسية والوطنية التي شكّلت قضيته، وذلك على طول شوارع الجبل لغاية مسقط رأسه غريفة الشوف.

وتقبّل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي نعى الراحل ورئيس كتلة اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط تعازي المشاركين الى جانب عائلة الراحل، مستشار النائب جنبلاط حسام وجاد واسامة، ونواب اللقاء الديمقراطي الحاليين والسابقين: اكرم شهيب، بلال عبد الله، هادي ابو الحسن، فيصل الصايغ ووائل ابو فاعور، وغازي العريضي وايمن شقير وعلاء الدين ترو ونواب رئيس الحزب وامين السر العام وأعضاء مجلسي القيادة والمفوضين ووكلاء الداخلية.

وكان في مقدمة المعزّين: ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري النائب محمد خواجة، ممثل رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وزير الداخلية القاضي بسام المولوي، شيخ العقل لطائفة الموّحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى على رأس وفد من المشايخ ومن ادارة واعضاء المجلس المذهبي ومشيخة العقل، وممثلين عن البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي راعي ابرشية صيدا المارونية المطران مارون العمّار، وعن بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارتوذكس يوحنا العاشر يازجي المتروبوليت الياس كفوري، وعن رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع النائب نزيه متّى على رأس وفد من الحزب، الوزير عباس الحلبي، وفد من حزب الكتائب اللبنانية، اضافة الى النواب السابقين ناجي البستاني، الياس عطالله والوليد سكرية، وفد من قيادة حركة امل، السيد توفيق سلطان، رئيس الأركان اللواء الركن امين العرم وممثلين عن القيادات العسكرية والامنية، رئيس الحركة اليسارية اللبنانية منير بركات على رأس وفد من قيادة الحركة، رئيس محكمة الاستئناف الدرزية العليا القاضي فيصل ناصر الدين، رئيس مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ نزيه رافع على رأس وفد من مشايخ وادارة المؤسسة، الارشمندريت نعمان قزحيا ممثلا راعي ابرشية صيدا ودير القمر للروم الملكيين الكاثوليك المطران ايلي بشارة حداد، إلى عدد كبير من مشايخ طائفة الموّحدين الدروز والاعيان ورجال دين من الطوائف الاسلامية والمسيحية ومدراء عامين وشخصيات وفاعليات سياسية وحزبية واجتماعية وبلدية واهلية.
     
الوليد سكرية
بدايةً، وبعد كلمة تعريف للاعلامي سامر أبي المنى، كانت كلمة للنائب السابق العميد الركن المتقاعد الوليد سكرية، إذ ودّع العميد رجا حرب، قائلاً: “أخي ورفيقي رجا وأسميكَ رفيقي لأننا آمنا بمبادئ واحدة وعقيدة سياسية واحدة وكرّسنا حياتنا من أجل ذلك”.
 
وتابعَ: “تعرفت على رجا حرب بدايةً في منطقة المتن وكان مسؤولاً عن تلك المنطقة عام 1976 عندما تفككت الدولة اللبنانية واندلع قتال دموي، يومها كثير من الضباط التزموا منازلهم خوفاً على مصالحهم أو وظيفتهم أو تهيّباً للميدان ولكن رجا كان من نوع آخر، ذاك النوع المقدام الذي لا يخشى الميدان ويتقدّم ليتحمل المسؤوليات التي تتطلب رتباً أعلى من رتبته”.
 
وأضاف: “لقد آمن برسالة المعلم القائد كمال جنبلاط يومها والتزم بها وناضل من أجلها لإصلاح النظام السياسي في لبنان والدفاع عن القضية الفلسطينية بعدها واكب مرحلة وليد جنبلاط الذي أصبح زعيم الحركة الوطنية وكانت المرحلة الأشدّ صعوبة والأكثر أحداثاً مصيرية تهدد مصير جماعات كبرى من الوطن وتهدد بإعادة خريطة لبنان ونركيبته الديموغرافية بشكل أو بآخر، فاجتياح 1982، عندما اجتاحت اسرائيل لبنان رأت انقلاباً سياسياً أوصل حلفاء أميركا إلى السلطة وكان المشروع لإقامة قاعدة عسكرية أميركية في لبنان وتحديداً ساحل الشوف وجبل لبنان فاقتضى الأمر اقتلاع كل من يعادي هذا المشروع من هذا الوطن”. 
 
وتابع: “10 آلاف بلغ عدد المعتقلين في معتقل أنصار يومها و 5 آلاف مخطوفاً لم يعودوا ولم يُعرف مصيرهم فضلاً عن ما جال من أحداث داخلية للسعي لإعادة رسم لبنلن ديموغرافياً، كان وليد جنبلاط يومها الأشجع في مواجهة هذا المشروع متحالفاً مع الاتحاد السوفياتي وسوريا، وكان رجا حرب سبّاقاً مع عددٍ رفاقه من معارك الشحّار وشاءَ القدر أن تسلّمني قيادة الجيش قيادة الكتيبة التي تركها رجا حرب والضباط الذين ذهبوا معه إلى حمانا وكانت تسمى “كتيبة الدروز”، فأصبح العمل من داخل الجيش ومن خارجه أنفع وأكثر قدرة على التغيير والمواجهة، لذلك كنا على تواصل دائم وتنسيق في كلّ مرحلة من المراحل وكل تطور من التطورات الميدانية، حتّى جاءَ الفرج في شباط 1984 عندما اندلع الصراع في بيروت فكانت انتفاضة 6 شباط وكان اول اهتزاز يطال الجيش الفئوي المعدّ لإكمال المشروع الذي بدأ في معارك الشحار ويكمل المسيرة، يومها شاءَ القدر أيضاً أن أتسلّم قيادة الشحار. نصف ساعة التقيتها برجا حرب وخريطة أمامنا على الطاولة، كي نرسم خطة تحرير الشحار الغربي بالإضافة إلى ما عليّ القيام به وما على الجيش الشعبي والقوى الوطنية ان تدعمني وان تقوم به لتحرير الشحار، وقمنا بالعمل ونصرنا الله وما النصر إلّأ من عند الله، لأننا كنا مدافعين عن الحق ولم نكن نحن من المعتدين”.
 
وأضاف: “معركة تحرير الشحار كانت المعركة الحاسمة لكلّ الصراع الذي دار في لبنان وكلّ المشاريع التي دارت في لبنان منذ بداية الاجتياح الإسرائيلي. 
 وتابعَ: “معركة سوق الغرب أراحت الناس في الجبل، بيروت والضاحية، إذ إنَّ جميعهم كانوا مهّددين بمصيرهم وبقائهم على هذه الأرض، علماً ان قرى الجبل كان سيصيبها ما اصاب قرى الشحار ولن يبقى فيها أحد، ليتحوّل قلب لبنان إلى سكان من لون طائفي واحد مرتبط بأميركا واسرائيل،  وبذلك تغيّرت المعادلات ومن تآمر على ابناء وطنه ليهجرهم من وطنهم أصبح هو المهجّر”.
 
وتابع سكرية: “المرحلة الثانية المهمة والتي عايشناها معاً، كانت معركة سوق الغرب، وقد تسلّم رجا حرب قيادة الجيش الشعبي، وكنت يومها قائد كتيبة في منطقة رأس النبع في بيروت، زارني العميد حرب وقالَ لي: “لقد اتخذنا القرار بالحسم العسكري، نحن سنهاجم سوق الغرب ونعدّ العدّة لذلك ونطلب منك ان تتعاون مع قوات الحزب التقدمي الاشتراكي لتنفيذ هجوم من منطقة رأس النبع إلى المنطقة الأخرى يستبق الهجوم على سوق الغرب لتضليل الأعداء عن الهدف من الهجوم وليحولوا قسماً من قواهم إلى هذا الاتجاه بعيداً عن سوق الغرب، وكان التنفيذ، إلّأ أنه لم تحقق معركة سوق الغرب أهدافها العسكرية ولكن حققت نتيجة سياسية لأن دول العالم الكبرى آنذاك، قد أدركت أن ميزان القوى قد تبدّل وأصبح لصالح القوى الوطنية كلياً، فسارعت القوى الكبرى وأولهم فرنسا وبعدها أميركا والاتحاد السوفياتي للبحث في تسوية سياسية لتبعد العمل العسكري فكان اتفاق الطائف، وهو ليس إلّا الوثيقة الدستورية التي أطلقها الرئيس سليمان فرنجية مع سوريا في 26 شباط عام 1976 بعد معركة الدامور والكرنتينا وحوش الأمراء وما شهده لبنان يومها من مآسٍ ولكن رفضت من القوى الموجودة، فأخذ بها مجدداً وكان اسمها الوثيقة الدستورية فأصبح اسمها اتفاق الطائف”.
 
واضاف: “هذا الاتفاق لم يصنعه النواب الذين ذهبوا إلى المملكة العربية السعودية، وكان نصف نواب البرلمان قد ماتوا بسبب تقدّم السن، بل اتفاق الطائف انتزعته بنادق الجيش الشعبي التي هاجمت سوق الغرب، ودماء الشهداء الذين سقطوا في تلك المعركة، هذه المعادلة التي أملت على الدول الكبرى أن يفرضوا هذا الاتفاق تفادياً لحسم عسكري يحدث تغييراً ديموغرافياً كبيراً على الساحة اللبنانية”.
 
وختمَ: “أقول لرفيقي رجا الذي تواكبنا معا في كل الاحداث، وكل المعارك المفصلية في هذا الوقت، رجا حرب لم يكن طامعاً بوظيفة ولا بمركز ولا بجاه، بل نذر نفسه لحياة الميدان دفاعاً عن أهله، وعن المبادئ السياسية التي آمن بها، لم يطلب أجراً ولا مكاناً بل أنشأ مزرعة صغيرة ليمضي وقته بها كأي مواطنٍ عادي في هذا الجبل. إلى جنات الخلود يا رجا، وليرحمك الله”.
 
حرب
   ثم كانت كلمة للأستاذ مكرم حرب باسم أهل الفقيد والبلدة، قالَ فيها: “فقيدنا الحبيب رجا، حمل قلبه على كفه وبندقيته على كتفه، وشرف أمته في وجدانه، وسارَ في طريق النضال الطويل، ولقد نجح بأن يكون مثالاً يحتذى به لكلّ من آمن بحقه وأرضه وشعبه، زرعَ بذوراً أنبتت جحافل من المناضلين الذين رفعوا رأس أمتهم مع كلّ إشراقة شمس ومع كلّ نقطة دم سقطت على أرض الجبل الأبي”.
 
وتابع: “بدأ حياته العسكرية عام 1969 ملازماً في الجيش اللبناني، فكان مثالاً للضابط الملتزم بالمبادئ العسكرية وقام بواجبه الوطني بكل شرف وتضحية ووفاء، ومع بداية الاحداث اللبنانية المؤسفة، انتقلَ إلى جانب الحركة الوطنية اللبنانية بقيادة المعلم الشهيد كمال جنبلاط، ثم إلى جانب القائد وليد جنبلاط ليكمل مسيرته الوطنية العربية متأثراً ومتفهماً لمبادئ الشهيد كمال جنبلاط، والدفاع عن القضايا الكبرى وفي مقدّمتها القضية الفلسطينية”.
 
وختمَ: “العميد رجا حرب كان صادقاً في القتال، وصادقاً في المصالحة، واليوم وان رحل العميد جسداً، فإنه سيبقى في كلّ من عرفه وأحبه شعلة نضال صادقة وروح تحرّرٍ تحاكي رفاقه الأوفياء، إنه يوم الوفاء والتكريم لمناضل بارز، ستبقى عائلتك الصغيرة وفيةَ لك، وستستمر المسيرة بعدك.
 
العريضي
وتلتها كلمة للوزير السابق غازي العريضي باسم الحزب التقدمي الاشتراكي قالَ فيها: “نودع اليوم رمزاً من رموز الحزب التقدمي الإشتراكي، مناضلاً، مقاوماً، بطلاً من أبطال مجتمعنا وحزبنا وبيئتنا وكلّ الذين جاهدوا وقاتلوا دفاعاً عن لبنان ووحدته وانتمائه، رجا حرب هذ الرجل الاستثنائي، عرف في حياته بكريم عطائه وعظيم وفائه، وعزّة نفسه، بميزة صدقه، ورفعة خلقه ومحبة رفاقه بشجاعة إقدامه ومتانة عزمه وأمانة التزامه، هكذا جسد حياته على مدى عقودٍ من الزمن، منذ انتسابه إلى المؤسسة العسكرية الذي لطالم حلمَ وأراد ان تكون بمثابة مؤسسة وطنية جامعة تدافع عن لبنان وشعبه بوجه أعدائه وبشكل خاص وأساسي العدو الإسرائيلي وكل الذين طمعوا بسيادة لبنان والوحدة الوطنية اللبنانية”.
 
وتابعَ العريضي: “حاول بتوجيه من المعلم الشهيد كمال جنبلاط أن يبقى في صفوف المؤسسة العسكرية لأن المعلم كان يريد عدم الانجرار إلى الحرب وحاول تأخيرها، ثمّ حاول تجاوزها وعدم الوقوع فيها لكن ما كتب قد كتب وفي كل تلك المرحلة كان المعلم حريصاً على عدم انقسام المؤسسة العسكرية ورفض منطق الانقلابات في لبنان حرصاً على كل لبنان ووحدة لبنان وموقعه، لكن عندما بدأ الانحراف وأراد البعض الذهاب بلبنان إلى موقعٍ آخر ولم يدركوا قيمة كمال جنبلاط وحرصه بمد اليد إلى كلّ الآخرين في محاولة لانقاذ لبنان ومنع الاجتياحات الخارجية كان لا بدّ من تنظيم الصفوف ودعوة النّاس إلى الاستعداد لمواجهةٍ أكبر فرضت علينا”.
 
وشدد على أنَّ “رجا حرب كان من أوائل الرجال الذين انطلقوا مع كوكبة من الضباط الشرفاء إلى جانب المعلم الشهيد لتأسيس النواة العسكرية التي اصبحت في ما بعد جيش التحرير الشعبي وقوّات الشهيد كمال جنبلاط الذي اصبح قوةً عسكرية أساسية كان لها ثقل أساسي في ما جرى على مدى أعوامٍ من الزمن، يومَ غدروا بنا، وقتلوا قائدنا، رمزنا، ومعلمنا، ولم يسمعوا منه ولم يدركوا حقيقة ما كان يريده من أجل لبنان، بل كانوا يحاولون وضع اليد وتوهموا انهم بذلك قد سيطروا على البلد بصفقةٍ معيّنة، ثمّ استلم الراية والقيادة والزعامة والمسيرة والأمانة قائدنا ورمزنا وحبيبنا وليد جنبلاط، فكان رجا حرب من أوائل النّاس إلى جانبه منذ اللحظة الأولى من اغتيال المعلم في محاولة لوقف ما جرى من ردّ فعل استهدفت مدنيين، أما الحقيقة فقد كانت في مكان آخر. هكذا بدأت المعمودية إلى جانب الرئيس الوليد، وهكذا كان رجا في طليعة الصفوف المحافظين على وحدة الجبل وانتمائه وموقعه ومحاولة منع الفتنة الذين خططوا لها عن الجبل”.
 
وذكّر العريضي: “يومها انضمّ رجا بعد التحاقه بكمال جنبلاط الذي واجه محاولة اجتياح السيادة اللبنانية، والأرض اللبنانية والتي يمكن ان يقال عنه في زمن الحديث عن السيادة إنه كان سيادياً أوّل في تلك المرحلة لأنه رفض كلّ الإغراءات، وكلّ محاولات الوصول إلى تفاهمات مع قناعات مخالفةٍ لقناعته وحرص على لبنان بانتمائه ووحدته وتاريخه وعروبته، وكان من الملفت ان الذين ارادوا ذلك، يعلمون أنهم إذا دخلوا فإنهم لن يخرجوا بهذه السهولة، وهذا ما جرى لأنهم خرجوا على دم رفيق الحريري بعد ان دخلوا على دم كمال جنبلاط”.
 
وتابع: “بهذا المعنى، يمكن ان يقال عن رجا حرب انه واحدٌ من ابرز ابطال العبور في كفاحه وجهاده بعد ان احتلّت اسرائيل الجبل وبيروت وأطلقت مشروعها الكبير لإخضاع الوطنيين اللبنانيين الشرفاء ومحاولة الحاق لبنان بها من خلال اتفاق 17 أيار، هنا كانت الاستعدادات الكبرى للفتح الكبير والعبور الكبير من بحمدون وصولاً لاحقاً إلى الشحار وبعدها إلى الإقليم ومنهم إلى صيدا والجنوب لتأمين الحرية والكرامة والوجود والعزة لأبناء المنطقة وفتح الطريق إلى الجنوب لتحريره وهذا ما تحقق”.
 
وأضاف: “لم يقف رجا عند هذا الحدّ. عَبَرَ مرّةً أخرى بقرارٍ كبير واستثنائي بعد ان دفع الجبل ولبنان أثماناً كبيرة من سياسة العبثية والخبث والقصف المدمر لكل المناطق والذي حصد أرواح مئات الأبرياء وهدد وحدة البلد ووجود أهل البلد، يومها كان القرار الكبير في سوق الغرب، هذا القرار الذي فتح بوابة الطائف”.
 
وأضاف: “رجا حرب كان قائداً لهذه العملية مع كوكبةٍ من الرجال إلى جانب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وسقط عدد كبير من الشهداء. صحيح ان هذه المعركة، كما قال جنبلاط منذ فترة قصيرة، لم تحقق أهدافها العسكرية لكن يجب ان تقرأ من زاوية ان ثمة قرار بمنع العبور كان قد اتخذ، فكان هذا العبور الأولي هو الانذار الأكبر  واستحق كل المعنيين في تلك المرحلة الذين نظموا الخطوط الحمراء، الوضع وقدروا أنه لا بد من التوقف عند حد معين، فكانت الدعوة إلى الطائف الذي عُمّد بدماء رجالنا، وشهدائنا، وفتح باب التسوية والسلام والامن والاستقرار، في لبنان”.
 
وشدد العريضي على أن “هذا هو رجا حرب، هذا هو المناضل الوطني العربي الذي كان مؤمنا بقضية فلسطين، قضية الحزب ورئيسه وقائده ومعلم أجياله، المعلم الشهيد كمال جنبلاط، كان شهيد العروبة الحقيقية لانه كان حاضنا للقضية الفلسطينية وسقط شهيدا دفاعا عن فلسطين وقرارها الوطني المستقل، وعن حق أهلها وشعبها في اقامة دولتهم المستقلة على أرضها”.
 
كما اعتبر أن “رجا حرب في هذا المعنى، اسم على مسمى، كان رجاءً في الحرب في الساحات، دفاعا عن الارض والكرامات والعرض، ثم كان رجاءً واملا في الذهاب الى المصالحات، لتصحيح المسار والمحافظة على الوحدة الوطنية اللبنانية، وهذا ما انجزه بامتياز الى جانب الرئيس وليد جنبلاط، وتلك العمليك بدأت بالـ1989، وقدمنا خلالها شهداء، ولم تتوقف المحاولات حتى انجزنا المصالحة الكبرى، الى جانب غبطة البطريرك صفير، ورحال وطنيين مؤمنين بما تحقق في تلك المرحلة”.
 
ولفت الى ان “رغم كل ذلك، رجا حرب ظُلم، صحيح انه لم يطلب موقعا، او ترقية او منصبا، لكن كان يحق له بذلك، وكان يشرّف الموقع والمنصب. سقطت كل محاولات ترقية رجا حرب، ووليد السكرية، وغيرهما قلة من الرجال الوطنيين، وكأنهم كانوا يعاقبون باسم الوطنية والعروبة للاسف، والمزايدات على ما قاموا به، وما حققوه، وما تحقق أوصل الذين ارتكبوا تلك الممارسات الخاطئة الى مراكز القرار والقيادة”.
 
 واكد ان “رجا كان ثابتا على ايمانه، التصق بأرضه التي دافع عنها، وأحبها وذهب الى زراعة من نوع آخر، فجاء لاحقا من اراد نبش القبور، ومن ذهب الى زراعة الحقد والعبثية والكراهية والتسلط والتجبّر وشهوة السلطة والخيارات المكلفة والاندفاعات المدمرة، وجموح الطموح والجهل وعدم الدراية في ادارة شؤون البلاد والتهوّر واللامبالاة واللامسؤولية فكان ما كان وحصل ما حصل، لكن أعمّ زرع في حياة رجا هذه العائلة الكريمة الشريفة، هذا الزرع الاستثنائي الذي نفخر به العائلة التي واكبت نضال رجا وجهاده، ووجعه، وتعبه وألمه، وكانت تعرف مصيره، كما حاولت ان تخفف عنه الماً بالدلال والعاطفة والحضور لكن كان الجميع يعرف أن المصير محتوم”.
 
وتابعَ العريضي: “رجا كان يقول لي ولكثيرين، كما ولأولاده بكلّ شجاعة وقوّة “لقد جبرتم خاطري”، نعم يا رجا ذهبتَ بعد هذا الزرع الكريم مجبور الخاطر من العائلة الكريمة”.
 
وتناول العريضي تغريدة رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط عندما وصف العميد حرب بـ”أغلى الرجال”، قائلاً: “النعمة الثانية، وقد استحققتها يا رجا، جاءتك من أعلى الرجال عندما قال عنك يا أغلى الرجال، نعم، أعلى الرجال قيادة وخبرة وحكمة ومعرفة وحرفة وبراعة وادراكاً لكلّ المخاطر، وشجاعة في اتخاذ القرار على كل المفترقات، حمايةً للثوابت وللكرامة، والوجود والأمانة، وليد جنبلاط الذي اطلق عليك هذه الصفة هو الأعلى بالنسبة لنا ويبقى الأعلى فوق كلّ المراتب والصفات الرسمية والألقاب، هو الذي كرّس ما قاله المعلم الشهيد، على القائد السياسي ان يعرف متى الكرّ ومتى الفرّ، متى يُقدم ومتى يُحجم، متى يهاجم ومتى يهادن، وان يدرك فنون العرض والاخراج والتمثيل على المسرح السياسي، هنا عزّ السياسة وإبداعها كان على يد هذا الأعلى وهذا الأغلى الذي كنت بالنسبة إليه أنتَ الأغلى”.
 
وختمَ العريضي: “رجا كان يخاطب جنبلاط بكلّ ثقة ويوّجه اليه الشكر والامتنان على الاحتضان من قبله وقبل عائلته وقبل تيمور جنبلاط وعائلته وداليا وعائلتها وأصلان وكلّ العائلة والمحيط على الرعاية والاحتضان ويشيد بهذا الوفاء، كان يتحدث بكلّ قوة وشجاعة وتصميم وعزم عن التزامه بهذا الحزب وبهذه المسيرة وبهذا الخط، كان يتحدث وكأنه ذاهب إلى معركة جديدة من نوع آخر، هكذا كان نبض رجا حرب في ايامه وساعاته الأخيرة”.
 
لفتة جنبلاط
وختاما وجّه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط تحية خاصة في يوم وداع حرب، قائلا: “في بلاد الغرب عندما يغيب قائد او ملك او كبير منهم، خلافا لعاداتنا، يصفقون. فصفقوا معي تحية لرجا حرب”.
 
  شيخ العقل
 وسبق الصلاة على جثمان الراحل كلمة لشيخ العقل ابي المنى جاء فيها:
 
بسم الله الرحمن الرحيم?        
“يا أيَّتها النفسُ المطمئنةُ ارجِعي إلى ربِّكِ راضيةً مَرضيَّة فادخلي في عِبادي وادخلي جنَّتي”.
معالي الأستاذ وليد بك جنبلاط، المشايخُ الأفاضل، عائلةَ الراحل العزيز، أبناءَ الجبل الأوفياء، أيُّها المشيِّعونَ الكرام،  
أنْ نشاركَ وإيَّاكم اليومَ في وداع العميد المناضل المقدام رجا حرب فهذا بعضٌ من وفاءٍ أردناه أن يبقى حيَّاً في أبناء الجبل والمعروف، وهو بعضٌ من عزاءٍ نقدِّمُه لعائلته الكبرى المتمثِّلة بأوفى الأوفياء الزعيم وليد بك جنبلاط ورفاقِه النُجباء وبجميع أبطال الجبل الأشاوس، ولعائلتِه الصغرى آل حرب وعموم أهالي غريفة الأبيّة التي أنجبتِ الرجالَ الأبطال ورفعت رايةَ الوطنيةِ والحقِّ والتوحيد.
العميد رجا حرب هو اسمٌ في تاريخ الشوف لا يُنسى، ورمزٌ من رموز الجبل لا يُمكنُ أن يُغفَلَ ذكرُه، وبطلٌ من أبطالِه يومَ احتاجت القِممُ وساحاتُ الكرامة الرجالَ الرجال، وهو القائدُ العسكريُّ الفذُّ، والقلبُ النابضُ بالإخلاص والالتزام والعنفوان والرجولة، يومَ كانت تلك الصفاتُ معياراً للبقاء والدفاع عن الوجود والكرامة، وهو الرجلُ العاقلُ الحكيم يومَ أُريدَ للمصالحةِ أن تُعقَدَ برعاية المختارة وبكركي، فكانت البطولةُ الثانية، وكان التحوُّلُ إلى السلام بوعيٍ وحكمة، كما كان الرسوخُ والثباتُ في الميادين وعلى المبادئ، بمباركةِ المشايخِ الأجلّاء ومشاركةِ القادةِ الشرفاء أمثالِ العميد رجا حرب، ليكونَ ذلك الثباتُ وهذا التحوُّلُ عنواناً لوحدة الجبل وكرامة الجبل وقوّة الجبل.
العميد رجا حرب كان دوماً مُعتزَّاً بمؤسسته العسكرية، وأبى إلَّا أن تكون في خدمة الوطن والدفاع عن هويَّتِه اللبنانيَّةِ العربيَّةِ الأصيلة، وها هو الجَمعُ يَشهدُ في وداعِه اليومَ على ما كان عليه من وطنيةٍ واندفاعٍ وما قدَّمه من عطاءٍ وتضحية، والأملُ معقودٌ على خلَفِه من الأبناءِ النجباء لحملِ رايتِه والسَّيرِ على خُطاه.
لروح العميد حرب نسألُ الرحمةَ والغفران، ولكم جميعاً طيبَ البقاء والسلامة، “وآخرُ دعواهم أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين”، عظَّم الله أجرَكم، و”إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون”.
  ثم أمّ الشيخ ابي المنى الصلاة والى جانبه المصلّي الشيخ سليم الاحمدية ووري الجثمان الثرى في مدافن البلدة. 
   كما تقبّلت زوجة الراحل السيدة مي ابو عساف حرب وكريمتها رولا تعازي المشاركين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى