خلفيّات طرح معادلة “فرنجية – سلام”.. وما علاقة قائد الجيش؟
غداة نفيه وجود أي تسوية تتضمن تعيينه رئيساً للحكومة وانتخاب زعيم تيار المردة سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، قال السياسي والدبلوماسي والقاضي البارز نواف سلام لـ”الجريدة” الكويتيّة، إن لبنان لا يحتاج الى تسوية سياسية وفق القواعد السابقة، بل إلى خطة تتضمن برنامجاً سياسياً وقضائياً واقتصادياً ومالياً واضحاً، ينطلق من توافق عام وقرار لبناني غالب يسعى من خلاله اللبنانيون الى وضع بلدهم على سكة الحل، واعادته الى خريطة الاهتمام الدولية.
ويقول سلام إن التسريبات التي أشارت الى عقده لقاءات مع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، والحديث عن معادلة “فرنجية – سلام” بالطريقة التي تم طرحها هي مجرد محاولة لاستهدافه وإدخاله في حسابات لبنانية ضيقة.
ويضيف أن الهدف منها إحراقه أو تلويث سمعته عبر إغراقه في “زواريب” العلاقات المتوترة بين القوى السياسية لمجموعة أسباب، أولها، تصويره بأنه ينشط ويتحرك للحصول على الموقع، علماً بأنه عندما عرض عليه سابقاً رفضه لعدم وجود قدرة على تحقيق الاصلاحات في حينها، وحتى عندما تلقى عروضاً كثيرة لخوض الانتخابات ليتم تكليفه بعدها برئاسة الحكومة رفض أيضاً، لأن المسألة بالنسبة اليه مختلفة عن هذه الحسابات.
وثاني هذه الأسباب، محاولة استفزاز بيئة الثورة الوطنية أو البيئة السنية من خلال القول إن الرجل التقى باسيل، وكأنه يقدم تنازلات مسبقة له بهدف نيل التكليف، وهو امر غير وارد بالنسبة له، على الرغم من تشديده وحرصه على اللقاء مع كل القوى، وثالثها محاولة التأثير سلباً على علاقاته العربية والدولية لضرب موقع الرجل بالنسبة الى الثورة او بالنسبة الى المقتضيات الاصلاحية التي يحتاجها لبنان، وفي مقدمها إبراز صورة ومنهجية مختلفتين عن آلية صياغة التسويات التي كانت قائمة قبل ما يسميه “ثورة ١٧ تشرين”، في إشارة الى الحراك الشعبي الواسع عام 2019.
لا يخفى أن كل هذه المحاولات لها مجموعة دوافع، فبعضها من طامحين لرئاسة الحكومة، وبعضها الآخر ممن يريد قطع الطريق على اي محاولة للتجديد والاصلاح، كما أن التداول بمعادلة “فرنجية – سلام” لا تستهدف الأخير وحده، بل أريد منها استهداف قائد الجيش جوزاف عون والنيل منه أيضاً.
يأتي ذلك بينما تشهد الكواليس السياسية في لبنان حركة تهدف للوصول الى تسوية رئاسية وحكومية معاً، خصوصاً أن مسؤولين لبنانيين ودوليين يؤكدون أن الحاجة ليست فقط لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بل هي في إعادة انتاج للسلطة من انتخاب رئيس الجمهورية الى تكليف رئيس الحكومة وفريق عمله ووزرائه، بالإضافة الى وضع خطوط عريضة لمنهجية عمل العهد الرئاسي الجديد في إقرار الإصلاحات ووضع خطة إنقاذية. وفي حين يعمل رئيس مجلس النواب نبيه بري والزعيم الدرزي وليد جنبلاط على مبادرة وفاقية، يعمل كل طرف على وضع شروطه وتحديد سقفه، على غرار ما فعل الامين العام لحزب الله حسن نصرالله في كلمته الاخيرة، عندما طالب برئيس توافقي وبالحوار “لكن بشرط ألا يطعن المقاومة في الظهر”، وهذا ما تضاربت التفسيرات حوله، وكثرت التساؤلات اذا كان نصرالله يريد التوافق فعلاً مع الحصول على ضمانات داخلية وخارجية بعدم المس بسلاحه وعدم الذهاب الى سياسة تصعيدية ضد الحزب، أم أن الشروط التي يضعها وتتجلى بانتخاب رئيس لا يغير مواقفه ولا يخاف من تهديدات السفارات تعني أنه يريد انتخاب رئيس حليف له مشابه لميشال عون وإميل لحود.
وتحتاج معادلة نصرالله إلى مزيد من الوقت كي تتبلور، خصوصاً ان الرجل شن هجوماً على “١٧ تشرين”، متهماً الأميركيين بتحريكها، وهذا يتضمن انتقاداً ضمنياً لقائد الجيش، كما مطالبته بضمانات ما يعني أنه قد يوافق على جوزاف عون إذا كانت هناك ضمانات ألا تتكرر تجربة ميشال سليمان.