جعجع وباسيل ولعبة الاوراق السوداء والبيضاء
يعيش اللبنانيون منذ 31 تشرين الأول المنصرم في فراغٍ رئاسي، لا يمكن اعتباره السبب الرئيسي لتردّي الأوضاع السياسية والإقتصادية المستمرة منذ 3 سنوات، إلاّ أن لديمومته إنعكاسات سلبية إضافية، من شأنها توليد توتّرات أمنية وطائفية على خلفيات سياسية تؤججها الأطراف وفق المصالح الخاصة بكلّ طرف.
وفي الأسباب المباشرة لهذا الفراغ، تبرز مسؤولية ودور أكبر كتلتين مسيحيتين في لبنان، “القوات اللبنانية” و”التيّار الوطني الحر”، وذلك عبر اعتمادهما النهج التعطيلي للرئاسة، ما سيؤدي حتماً إلى القضاء على ما تبقّى من صلاحيات رئيس الجمهورية، وهو ما تشدّد عليه مصادر مواكبة لملف الإنتخابات الرئاسية، إذ ترى في اعتماد رئيس “التيار الوطني” مع أعضاء تكتل “لبنان القوي” الورقة البيضاء في كل جلسة إنتخابية، تعطيلاً ممنهجاً للإنتخابات، يوحي بعدم وجود أي مرشح جدّي، على اعتبار أنه المرشّح الأول والأخير.
وتوضح المصادر، أن ذلك يترافق مع غيابٍ شبه تام لحراك يقوده باسيل في هذا الإتجاه، ومن الممكن أن يؤدي إلى إنتاج رئيس، فهو هنا يراهن بشكل كبير على عامل الوقت، رابطاً ذلك بالإنتخابات النصفية الأميركية، رغم أن رهانه قد يكون خاسراً، في حال فاز الحزب الجمهوري الذي فرض عليه العقوبات في الساعتين الأخيرتين من عهد الرئيس دونالد ترامب، كما سيكون الحال مع الديمقراطيين الذين لم يحركوا ساكناً لرفع العقوبات عنه خلال السنتين الماضيتين.
وتكشف المصادر، عن واقعٍ جديد بدأ يلوح في سماء “التيار”، عماده “مجموعة الخمس”، المؤلفة من النواب: الياس بو صعب، آلان عون، سيمون أبي رميا، ابراهيم كنعان وأسعد درغام، حيث تضغط هذه المجموعة لأن يذهب “التيار” إلى جلسة اليوم لتسمية مرشّح للرئاسة بدل الورقة البيضاء، لكن اجتماع التكتل الأخير، أعاد فرض “الورقة البيضاء” كخيار في هذه الجلسة.
ومقابل الورقة البيضاء لـ “التيار”، لفتت المصادر إلى “ورقة سوداء” يقترع بها حزب “القوات اللبنانية”، موضحةً أن من قام بترشيح النائب ميشال معوض، أي سمير جعجع، هو الأكثر يقيناً، بأنه لن يصل أبداً إلى سدّة الرئاسة، وبذلك يقوم جعجع وحلفاؤه بتعطيل الإنتخابات عن سبق إصرار وترصّد، محمّلين الطرف الآخر مسؤولية التعطيل هذه.
هاتان القوتان المسيحيتان، مُطالبتان اليوم، كما تقول المصادر، بالتوقف عن تحميل الأطراف الأخرى مسؤولية التعطيل، لأن لكلٍّ منهما حساباتهما الخاصة التي تفوق بأهميتها حسابات الحفاظ على صلاحيات الرئيس أو موقع الرئاسة الاولى.
وتعتبر المصادر، أنه من الواجب شكر رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لعدم سيرهما بالمخطط الباسيلي لتشكيل حكومة جديدة قبل نهاية العهد، لأن هذا المخطط كان يهدف إلى تشكيل حكومةٍ تدير فراغاً طويلاً مؤبّداً بإنتظار أن تفرج الإدارة الأميركية عن رفع العقوبات عن باسيل.
وتلاحظ المصادر، أن عاملين، يضغطان حالياً على باسيل، وهما “مجموعة الخمس” النيابية، والضغط المتكرر من “حزب الله” عليه للسير بترشيح سليمان فرنجية للرئاسة. ولذلك فهي ترجّح أن يؤثر هذان العاملان على باسيل في المرحلة المقبلة، لا سيّما بعد الخطاب البارز لقائد الجيش جوزف عون، وفرضه الأمن بالقوة من خلال رسالة الحديد والنار التي وجهها إلى الجميع أمام مبنى الـ MTV ، مشيرةً إلى أن كلّ ذلك يفرض على زعيم التيّار البرتقالي، أن يعيد حساباته خصوصاً مع تمهيدٍ يعتمده أطراف فاعلون، ومفاده أن فترات الفراغ لن تطول مثل السابق وهناك إصرار على تقصيره.
“ليبانون ديبايت” – وليد الخوري