“الناس خائفة وليست غبية… ويجب أن تحافظ على دولاراتها”
حتى الآن، لا يبدو واضحاً السبب الرئيسي لارتفاع سعر صرف الدولار المفاجىء في السوق السوداء في الساعات ال48 الماضية، فهل هو السقوط الروتيني لقانون الكابيتال كونترول في اللجان النيابية المشتركة أم الشغور الرئاسي الذي دخل أسبوعه الثاني أم انعدام الثقة لدى المواطن بأي خطوة أو إجراء قد يساهم في تحسين المشهد المالي والإقتصادي في المرحلة المقبلة.
وإذا كانت اللحظة السياسية محتدمة بالسجالات والتصعيد وعدم الإستقرار، فإن تحليق سعر الدولار وخلال ساعاتٍ معدودة، قد شكّل الترجمة الفورية للإحتقان والعجز والفراغ، ذلك أن القراءة العلمية لمسار الأوضاع المالية والتضخم، هي كفيلة برسم الواقع المستقبلي للدولار وهو المزيد من الإرتفاع.وفي هذا السياق، يقول الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة لـ “ليبانون ديبايت”، إن الأوضاع العامة في البلاد، لا تشجّع على انخفاض سعر الدولار، ومن الخطأ التفكير بشكل مبسّط، بأن الدولار سيتراجع في ظل الظروف الراهنة، مؤكداً أنه من غير الوارد، في أي شكلٍ من الأشكال اليوم، أن يتحسّن وضع العملة الوطنية.ويعزو الخبير حبيقة أسباب هذا الإرتفاع إلى شحّ الدولار في الأسواق، مشيراً إلى أن “الناس ليست غشيمة، أي أنها لن تشتري الدولار من السوق السوداء أو السوق الحرة، إذا كانت تستطيع شراءه بسعرٍ أقلّ على منصّة صيرفة”.وعن أسباب التراجع في الأسبوعين الماضيين، يوضح الخبير حبيقة، أنه نتج عن بيان مصرف لبنان المركزي الأخير الذي أعلن فيه تأمين الدولار من خلال صيرفة، ولكن من الناحية العملية حصل خلاف ذلك، لأن سوق صيرفة، لم يتمكّن من تغطية حاجات السوق فكان التوجه إلى السوق الحرة”.وبرأي حبيقة، فإن الأوضاع السياسية، ليست العامل المباشر المؤثر في تقلبات سعر الصرف، بل الوضع العام أي السياسي والإقتصادي والإجتماعي والإداري، الذي يتراوح بين السلبية والخطورة. ويوضح في هذا السياق أنه “إذا بقي الوضع قاتماً من دون تعديل، ولم يبادر المركزي إلى ضخّ الدولار في السوق،عندها بالطبع سيزداد الطلب على دولار السوق السوداء في ظلّ غياب العرض، ولذلك على اللبنانيين أن يحافظوا على دولاراتهم ولا يبيعوها إلاّ عند الحاجة”.ورداً على سؤال عن مسار سعر الدولار، يجيب حبيقة أن الإرتفاع متوقع وطبيعي، لأن الناس عادت إلى السوق الحرة، وربما يحصل الإرتفاع بشكل يومي، لأنه حتى الآن، لا يبدو المشهد السياسي وخصوصاً الرئاسي إيجابياً، وربما عندما يتمّ انتخاب رئيس جديد للجمهورية سوف يتحسن الوضع وقد يتراجع السعر، ولكن الموضوع معقد، إذ لا يكفي انتخاب الرئيس، بل شخصية الرئيس العتيد هي التي ستحدد مسار الدولار والوضع العام بكامله.فالدولار، وفق حبيقة، هو أحد المؤشرات الأساسية على وضع لبنان الداخلي ولكنه ليس المؤشر الوحيد، بل تُضاف إليه مؤشرات إقتصادية متّصلة بالبطالة وتراجع النمو وغياب الثقة وتأخير الإصلاحات والتردي في الخدمات وانهيار المؤسسات، علماً أن ما يُسجّل أخيراً من مشاهد مسيئة وسلبية على أكثر من مستوى، يُنذر بانزلاقٍ مالي، وبالتالي” فالأزمة ستدوم وتدوم”.