محليات

شبح “داعش” يطل مجددا من رحم الفراغ…الجيش يرصد ويوقف

وقعت الواقعة، وباتت الدولة اسيرة الشغور، كاشفة مرة جديدة عورات الانقسام الوطني المتجلي بعدم رسم المسؤولين استراتيجية الحد الادنى للتعامل مع افرازات الازمات، حتى باتت الوقائع وكأنها اكبر من قدرة الجميع على التعامل معها. تداعيات الشغور الرئاسي و”التحلل” الحكومي في البلاد الغارقة في سيل الانهيارات المتتالية والماضية بشق النفس، لا تنحصر بالملفات السياسية واستحقاقاتها الداهمة، في انتظار مطابخ خارجية تنتج رئيساً بمواصفات المرحلة، وبتوازنات لبنان وجواره المتفجر ، بل تبدو تتوسع دائرة خطورتها الى ما هو ابعد وتحديدا الوضع الامني الداخلي، بعدما بات امن الحدود مضمونا باتفاق الترسيم في انتظار تكشُف المزيد من تفاصيله التي تبقى في اطار “السري جدا”.

وقعت الواقعة، وحرّكت “نشوة” الفراغ، بحسب ما تكشف مصادر امنية لـ”المركزية”، مجموعات تكفيرية، كانت خلاياها نائمة حتى الامس القريب، فقررت التسلل من نافذة الشغور والشلل السياسي لتنفيذ “أجندات” مطوية. هذا أقلّه ما بيّنته محاضر التحقيق الاولي مع موقوفين لدى مخابرات الجيش، وقد رصدت تحركات مشبوهة في اكثر من منطقة لبنانية، فبادرت الى التعامل معها بالمناسب ولا تزال، الا انها تحرص على طبيعة عملها السري بعيدا من توظيفها في انجازات وانتصارات، خشية ان تفسّر في غير محلها في الزمن الرئاسي.

عملياً، صار لبنان مفتوحاً على مشهد سياسي- امني لا بد من التعاطي معه بحزم ودقة، لئلا يصير جزءا من ساحات المواجهة المفتوحة مع التطرف بكل تجلياته، وأخطرها اليوم “داعش” المعروف انه يضرب الخاصرة الرخوة للدول القابعة في الازمات، ولبنان اهمها اليوم، بحسب المصادر بعدما اتجه العراق، ارض التنظيمات التكفيرية الخصبة، الى استقرار نسبي، اثر التطورات السياسية الاخيرة المتمثلة باكتمال عقد السلطة.

الجوع والعوز والفقر، مقومات تتغذى منها “داعش” واخواتها، لتضرب ضربتها وتصيب اهدافها، وهو ما تعمل عليه في لبنان راهنا، لا سيما بقاعا وشمالا، كما تؤكد المصادر، لكن عين الامن الساهرة في المرصاد. رصدت، تابعت، تحركت واوقفت، فتظهرت من التحقيقات معطيات تؤشر الى نية بتنفيذ ضربات قد تكون موجعة للبنان واللبنانيين، تتابعها عن كثب لاحباطها. المصادر تطمئن الى ان المؤسسة العسكرية تعمل بصمت مطبق ولا تعلن في بياناتها الا عن المؤكد والمنجز، بعيدا من دهاليز السياسة التخريبية وقد اصابها منها ما اصابها في ملف ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل، حيث جهد وفدها وعمل وثابر بجدّ وكدّ على مدى اكثر من عام، لتحصيل حقوق لبنان كاملة في مفاوضات الناقورة، فكانت النتيجة انتكاسة، وضربة سددتها السلطات السياسية، تأبى القيادة الدخول في تفاصيلها.

وفي ظل تحفظ شديد على تفاصيل الحركة الداعشية التي تؤكد انها ما زالت مضبوطة وموضع رصد دقيق ، نافية ما يُشاع عن تقاطر الاف الداعشيين من العراق في اتجاه لبنان، تشير المصادر، الى ان فتح البلاد على متاهات الفراغ لا يهدد النظام فحسب بل الاستقرارايضا، ذلك ان الاخطار الكبرى لم تعد مسألة نظرية في ظل التمادي في احجام بعض القوى السياسية عن انتخاب رئيس للبلاد وهي تسوّغ هذا التعطيل بحق ديموقراطي مزعوم، بل بدأت مفاعيلها تترجم ميدانيا في الامن، بدليل التسلل الداعشي الممنهج نحو ساحة لبنان واستفاقة خلاياه النائمة على مدى سنوات لتجنيد المزيد في صفوف التنظيم. فهل يتعظ اهل السياسة ويحتكمون الى العقل والمنطق لوضع حد للشغور فيمنعون تنفيذ مخططات تنسج وتحاك خيوطها بإبرة المريدين شرا بلبنان وامنه، ام ان ولاءاتهم للخارج تتفوق مرة اخرى على مصلحة الوطن فيدفع جيشه المنهك ضريبة دم اضافية؟

نجوى ابي حيدر- المركزية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى