محليات

النواب السنّة: جعجع ما بمون علينا

كما كان متوقعاً، وقع الشغور الرئاسي ولا مؤشرات جدية تُبشّر بقرب انتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية اللبنانية وسط خلافات حادة وتباينات واضحة بين الكتل النيابية المنخرطة في الصراع الكبير بين محور المعارضة من جهة وفريق الممانعة من جهة أخرى.

في ظلّ هذا الصراع المحتدم، حافظ النواب السنّة المستقلون على استقلاليتهم، وطوال فترة انعقاد جلسات انتخاب الرئيس لم يصوتوا لأي مرشح، بل أخرجوا نفسهم من الإصطفاف واقترعوا بعبارة “لبنان الجديد” في 4 جلسات متتالية.

موقف النواب السنّة لم يعجب السفير السعودي وليد بخاري، الذي حاول جاهداً استقطاب بعضهم إلى صفّ النائب ميشال معوض، مدعوماً من “القوات اللبنانية” و”الكتائب” وكتلة “تجدد”، إلاّ أن السفير بخاري لم ينجح في مهمته، ليس لأن علاقته مع النواب السنّة ليست جيدة، بل بسبب سمير جعجع.

بكل وضوح، لا يريد النواب السنّة المستقلّون الإلتفاف حول جعجع وتبنّي قراراته وخياراته السياسية، وقد عبّروا عن ذلك للسفير بقولهم “جعجع ما بمون علينا”. هم لا يريدون الوقوف في صفّ فريقٍ ضد آخر. يعتبرون أن المرحلة تتطلّب الحوار والتوافق بين معظم الأفرقاء، ثم أن على السفارة السعودية عدم السعي إلى تجيير النواب السنّة لحساب جعجع بغية تعزيز دوره وحجمه السياسي، من قال أصلاً أن النواب السنّة بحاجة إلى من يُملي عليهم ويديرهم، أليسوا قادرين على ممارسة السياسة دون قائدٍ يسكن معراب؟

نعم، العلاقة بين النواب السنّة و”حزب الله” ليست في أفضل أحوالها، لكن السنّة لا يريدون تأجيج الخلاف وتوسيع رقعته حفاظًا على العيش المشترك السنّي- الشيعي، واصطفافهم إلى جانب جعجع في ملف رئاسة الجمهورية سيجعل العلاقة مع الحزب متوترة، لذلك لم يسيروا بترشيح ميشال معوض، كما أنهم لم يقترعوا بورقة بيضاء على غرار الكتل النيابية التي تدور في فلك “حزب الله”.

النواب السنّة سيكون لهم دور كبير في انتخاب الرئيس الجديد، واستقلاليتهم تدفعهم للتمسّك أكثر بوسطيتهم، لا إلى جانب جعجع ولا في صفّ الحزب. وأكثر من نائب سنّي أكدوا أن خيار فرنجية مرفوضٌ تماماً كمعوض، يريدون رئيساً توافقياً يكون على مسافةٍ واحدة من الجميع، يعالج القضايا الكبرى وفي طليعتها سلاح “حزب الله” دون اللجوء إلى السلاح والقوة.

ثم أن بعض النواب السنّة يرفضون الدخول في الصراع الماروني – الماروني حول رئاسة الجمهورية، لسببٍ بالغ الأهمية، وهو الحفاظ على دورهم الأساسي في اختيار رئيس الحكومة الجديد الذي لا يمكن مروره دون موافقة غالبية النواب السنّة.

في الختام، لا بدّ من ذكر ما جاء على لسان أحد النواب السنّة الذي قال: “لسنا بوارد تقديم أوراق اعتمادنا لأي مفوض سامي، فرنسي كان أم إيراني أو حتى سعودي، وسمير جعجع هو رئيس حزب القوات اللبنانية، لا أكثر ولا أقل”.

“ليبانون ديبايت” – محمد المدني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى