محليات

هل تنجح مبادرة برّي… ومن يرفض الحوار الرئاسي؟

الملف الرئاسي مقفل. لا بوادر حلحلة في القريب المنظور. لا مبادرات متقدّمة سوى مبادرة الرئيس نبيه برّي. فإذا لم يقم من يمسك بالعصا غير السحرية من النصف بهكذا مبادرة فلا أحد غيره قادر على الإقدام. صحيح أنه حليف أساسي لـ”حزب الله“، ولكنه وفي الوقت ذاته، وإنطلاقًا من هذه الصفة، يستطيع أن يتواصل مع الجميع من دون أفكار أو عقد مسبقة.

ما يريد أن يقوله رئيس مجلس النواب، من خلال مبادرته الجديدة، هو أن أمام القوى السياسية من خلال جلوسهم حول طاولة واحدة محصورة مناقشاتها بموضوع أساسي واحد، فرصة سانحة للإتفاق على رئيس للجمهورية لا يكون محسوبًا على هذا الفريق ولا على هذه الجهة، بل يكون قادرًا على التواصل مع الجميع، من دون التفريط بالسيادة اللبنانية أولًا، ولا بوحدة الشعب والمؤسسات والأرض.
فإذا تأمنّت هذه المواصفات بشخص لديه كل هذه المؤهلات، ولو على حساب بعض الفرضيات، التي يتلطى بها الجميع، كل من موقعه السياسي، يكون الوضع أفضل بكثير من الفراغ. وإذا توصّلت القيادات السياسية الممثلة في المجلس النيابي بأحجام مختلفة إلى توافق بحدّه الأدنى على “البارد” يكون الأمر أفضل بكثير من التوافق، الذي لا بدّ منه في النهاية، ربما بعد خضّات أمنية أو سياسية أو إقتصادية درامية.
ما تبيّن لمتتبعي سير الجلسات الإنتخابية الأربع أن مسارها سيبقى على حاله حتى ولو دعا الرئيس بري إلى مئة جلسة. فما دامت المواقف المتباينة والمتناقضة بين الكتل النيابية على حالها فإن لا شيء سيتغيّر، وستبقى البلاد من دون رئيس وفي حال من الفراغ القاتل إلى ما لا نهاية. فلا الفريق الذي يدعم ترشيح النائب ميشال معوض سيتمكّن من إحراز المزيد من الأصوات، وكذلك لن يتمكّن  فريق “الورقة البيضاء” من الوصول إلى تكرار تجربته مع ترشيح العماد عون للرئاسة. أما النواب المسمّون “تغييريين” فلا يزالون غير قادرين على الخروج من “عمر المراهقة السياسية”. وهذا ما لمسه اللبنانيون من خلال تصويتهم لإسمين لا يريدان أن يترشحا، وهما سليم إده وعصام خليفة.
فأمام هذه المشهدية الواقعية تأتي دعوة الرئيس بري الى “طاولة حوار رئاسية” في مكانها الصحيح داخليًا، خصوصا أن الظروف الدولية والإقليمية ليست مؤاتية في اللحظة الراهنة لتحقيق تسوية رئاسية، وهذه التسوية إن تمت من شأنها أن تنسحب على حكومة العهد الأولى والتعيينات الأمنية والإدارية، وصولًا الى الإتفاق مع صندوق النقد الدولي والجهات المانحة.
إلاّ أن الرئيس بري يتمهل في توجيه أي دعوة رسمية، لأنه يريد إشباع الفكرة درسا معّمقًا، ولأنه لن يقدم على هذه الخطوة قبل أن يضمن موافقة كل الأطراف على القبول بمبدأ الحوار الهادف، وليس الحوار لمجرد الحوار، أو لكسب المزيد من الوقت، كي لا نقول المزيد من تضييع الوقت والفرص.
ويسأل المقرّبون من الرئيس بري: من يتحمّل الفشل في حال وجهت الدعوات وتمّ تأمين الحضور بطريقة أو بأخرى، وما هي تبعات هذا الفشل كون إحتمالاته أكبر من إحتمالات النجاح؟
قد تكون هذه المبادرة الفرصة الأخيرة أمام المسؤولين قبل خراب البصرة.
ويبقى سؤال، وقد يكون الأهم، وهو يتمحور حول ضمان عدم إستثمار طاولة الحوار في اطار المزايدات فيما الأجواء التنافسية حادة وحامية الى أبعد الحدود في الموضوع الرئاسي، خصوصا أن “التيار الوطني الحر” يرى أن من سيترأس طاولة الحوار سيكون رئيس مجلس النواب الشيعي وليس رئيس الجمهورية المسيحي، خصوصًا أنها تتزامن مع إنتهاء ولاية الرئيس ميشال عون.
فإذا لم يضمن الرئيس بري إجماعًا على مبادرته فإنه لن يوجّه الدعوات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى