محليات

متى نشاهد إلقاء القبض على “سارق كبير” يحاول الهرب عبر مطار بيروت؟!

كتب أنطون الفتى في وكالة “أخبار اليوم”

لن نسأل عمّا يجري في العراق، على مستوى الانفراجات السياسية الناتجة عن التفاهمات الأميركية – الإيرانية، ولا عن مفاعيلها على لبنان، بل عن بعض مظاهر مكافحة الفساد، والاختلاسات الكثيرة هناك، مؤخّراً.

فمتى يُمكن أن تلفح تلك الرياح بلدنا، حيث الفساد الكثير، والاحتكار الكثير، والاختلاسات “الغزيرة”؟

2.5 مليار دولار

اشتعلت فضيحة اختلاس مالي في العراق مؤخراً، وُصِفَت بـ”التاريخية”، وتمّ السطو بموجبها على 2.5 مليار دولار من أموال الشعب، وهي من “أمانات” الهيئة العامة للضرائب في “مصرف الرافدين”.

ورغم أن هذا الاختلاس ليس الأوّل من نوعه في العراق، ولن يكون الأخير هناك، بحسب أكثر من مُطَّلِع على الأوضاع العراقية، حيث الفساد الكثير المحميّ من جانب السلطات، كما هو الحال في لبنان، بدا مُثيراً للاهتمام توقيف رجل أعمال (نور زهير جاسم) مُتَّهَم بالتورّط في سرقة الـ 2.5 مليار دولار تلك، فيما كان يحاول الهرب من العراق عبر مطار بغداد بطائرة خاصّة، الى مطار أتاتورك في تركيا.

مذكرات توقيف

وقبل إلقاء القبض على جاسم، استمع القضاء العراقي الى إفادات بعض المسؤولين في هيئة الضرائب، وأصدر مذكرات توقيف بحقّ مالكي الشركات المتّهمة بسَحْب الأموال.

مع الإشارة الى أن مبلغ الـ 2.5 مليار دولار، جرى سحبه بين أيلول 2021، وآب 2022 من “مصرف الرافدين” الحكومي، عبر 247 صكاً مالياً، حُرِّر إلى خمس شركات، قامت بصرفها نقداً.

متى؟

صحيح أن المهمّ هو تنزيه تلك القضيّة عن الضّغوط السياسية والأمنية بعيدة المدى في العراق، التي قد تُمارَس لإطلاق سراح هذا أو ذاك، أو لإقفال الملف حتى. ولكن ما يهمّنا هو مستوى الحَراك الظاهر فيه، حتى الساعة.

فمتى نصل الى اليوم الذي نستمع فيه الى مسؤول لبناني يُعلِن عن اختلاس بمبلغ كذا وكذا، في بلد (هو لبنان) يحوي الكثير من عمليات الاختلاس، والسرقة، و”التشبيح”، والتّنفيع، والفساد، وبالمليارات القادرة على ضخّ الأموال في اقتصادات كبيرة متعثّرة؟

ومتى يأتي اليوم الذي سنشاهد فيه هذا المسؤول، أو الزّعيم، أو المُختلِس، أو المُحتكِر… في السّجن، أو بين أيدي قوى الأمن، فيما يحاول الهرب عبر مطار بيروت مثلاً؟

وجود دولة

أكد مصدر مُطَّلِع أن “انتظار هذا المشهد في لبنان، يفترض وجود دولة فيه. فعندما تكون الدولة متوفّرة فقط بالتحاصُص بين مجموعة من الناس الذين لا يمتلكون الأخلاق، ولا أي ذرّة إحساس بالمسؤولية الوطنية، لا تكون دولة”.

وأشار في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “المسؤولين الفاسدين، والمُختلسين في لبنان، يحظون بدعم “شعوبهم” الحزبيّة في البلد أيضاً. فهؤلاء ليسوا معزولين عن الشعب، الذي لا يصمت عن ارتكاباتهم نتيجة الخوف فقط، بل بسبب المنفعة التي يجنيها من أحزابه، والتي تجعله يصمت مهما رأى من تجاوزات، حتى داخل حزبه نفسه”.

تقاسُم مصالح

وشدّد المصدر على أنه “يُمكن تعميم تلك الحالة على كل الطوائف اللبنانية، بأحزابها كافّة، وهو ما يحوّل لبنان الى دولة قبائلية، حيث تحافظ كل قبيلة على مصالحها، وتحمي لصوصها الذين يوفّرون التمويل لها، وأولئك الذين يسرقون لصالح أحزاب وطوائف أخرى، وذلك بهدف الحفاظ على الحصص الذاتية نفسها، من خلال الصّمت عن الآخرين”.

وأضاف:”أمام هذا الواقع، لا مجال لانتظار الكثير، ولا اليوم الذي قد نشاهد فيه إلقاء القبض على مُختلسين، أو سارقين، خلال محاولتهم الهرب عبر المطار مثلاً”.

وختم:”لا شيء سيتغيّر في لبنان، لا من خلال انتخابات، ولا بأي مسار سياسي، أو ديموقراطي، طالما بقيَ الحكم مرتبطاً بلعبة تقاسم المصالح بين اللبنانيين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى