محليات

إنجاز مهمّ لـ”العهد” قبل 31 تشرين… ماذا عن مكاسب “الحزب”؟

جاء الإتّفاق بشأن ترسيم الحدود البحريّة بين لبنانوإسرائيل ليُريح فريق “العهد” قبل أيّامٍ قليلة من نهاية ولاية رئيس الجمهوريّة ميشال عون. فرأت أوساط سياسيّة أنّ “التيّار الوطنيّ الحرّ” حقّق إنجازاً مهمّاً، علماً أنّ عوامل أخرى كثيرة ساهمت في الإسراع في نجاح المفاوضات غير المباشرة، وفي مقدّمها الضغوط الأميركيّة على الحكومة الإسرائيليّة عبر منع التصعيد المباشر مع “حزب الله“، والحرب الروسيّة – الأوكرانيّة التي أثّرت على إمدادات الطاقة حول العالم، إضافة إلى الدور الفاعل، بحسب مراقبين، الذي لعبه “الحزب” في فرض معادلة الإتّفاق قبل إستخراج الثروات البحريّة على العدوّ، والموقف اللبنانيّ الرسميّ الموحّد.

ويلفت مراقبون إلى أنّ الرئيس عون نوّه بالنائب جبران باسيل الذي أعدّ مشروع قانون الموارد البترولية في المياه البحرية اللبنانية، عندما كان يتولّى وزارة الطاقة عام 2010، خلال كلمته التي وجّهها للبنانيين يوم الخميس الماضي، وأعلن فيها عن موافقة لبنانعلى مسوّدة الترسيم. كذلك، أعلن رئيس “الوطنيّ الحرّ” أنّه لعب دوراً فاعلاً في إنجاح المفاوضات، وخصوصاً من ناحيّة “حزب الله“. ويرى المراقبون أنّه بعد إتمام الإتّفاق، بانتظار التوقيع عليه من الجانبين اللبنانيّ والإسرائيليّ، فإنّ باسيل سيتمسّك بوزارة الطاقة أكثر من قبل، بحجة إكمال ما تحقّق على صعيد الثروات البحريّة، وبشكل خاصّ الإشراف على مساريّ التنقيب والإستخراج، بالإضافة إلى تأمين الكهرباء.

ويُشير مراقبون إلى أنّ الرئيس عون فتح موضوع إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، وهو سيُستكمل بانتظار التنسيق مع السلطات السوريّة، إضافة إلى طرحه ملف ترسيم الحدود البحريّة مع دمشق، الذي لن يكون بصعوبة المفاوضات التي جرت مع إسرائيل. ويقول المراقبون إنّه بعد إنتهاء ولاية عون، فإنّ “التيّار” سيُتابع هذين الملفين. ويُضيفون أنّه بسبب هذين الموضوعين الأساسيين، سيُطالب “الوطنيّ الحرّ” بوزارة الخارجيّة إلى جانب “الطاقة”.

وقد طالت بعض الإنتقادات الرئيس عون، وخصوصاً وأنّه لم يُخصّص في كلمته مساحة لشكر “الحزب”، باعتبار أنّه لولا تهديد السيّد حسن نصرالله العدوّ بقصف المنصات في “كاريش”، لما كانت الولايات المتّحدة الأميركيّة وفرنسا قد ضغطتا على إسرائيل ومنعتاها من استخراج الغاز، قبل التوصّل لاتّفاق حول ترسيم الحدود. في المقابل، يُوضح مراقبون أنّ كلمة الرئيس عون انطلقت من مبدأ التفاوض الدبلوماسيّ الذي تولّته الجهّات الرسميّة اللبنانيّة، وقد كان هدف رسالته التلفزيونيّة إعلان موقف لبنان الرسميّ، من هنا شكر في المركز الأوّل كلّ من ساهم في إنجاز الإتّفاق رسميّاً، وأبرزهم أميركا وفريق سفارتها في بيروت والمفاوض آموس هوكشتاين، إضافة إلى فرنسا والرئيسيّن نبيه برّي ونجيب ميقاتي.

وقد سارعت بعض الجهّات في إسرائيل، الى القول إنّ إتّفاق الترسيم لا يخدم إيران ولا “حزب الله“، أما مراقبون، فيرون أنّ العكس صحيح، فقد استطاع “الحزب” أنّ يُربك واشنطن ودول “الناتو” التي تخوّفت من فقدان ثروات الطاقة الخاصّة ببحر المتوسّط، من خلال معادلة الإتّفاق على الترسيم أو الذهاب للحرب. لذا، أصبح موضوع نزع سلاح “الحزب” أو مناقشة أيّ إستراتيجيّة دفاعيّة غير مرجّح في الوقت الراهن. ويُضيف المراقبون أنّه نتيجة هذا السلاح، ساهم “حزب الله” في إنجاز الإتّفاق، مع المحافظة على حقوق لبنان النفطيّة وحدوده البحريّة.

كذلك، تقول أوساط متابعة إنّ ما حصل في ترسيم الحدود لا يتعدّى الإتّفاق فقط، ولا يُمثّل أيّ تطبيعٍ أو خطوة أوّليّة للسلام مع إسرائيل. وتُضيف من هذا المنّطلق أنّ سلاح “الحزب” يبقى ضمانة للمستقبل في مواجهة أيّ خطر أو تهديد من جهّة العدوّ، إضافة إلى أنّ هناك أراضٍ لبنانيّة لا تزال محتلّة منذ سنوات طويلة، ويجب إطلاق محادثات دبلوماسيّة لاسترجاعها، كما حصل في موضوع الحدود البحريّة.

وبعد ملف الترسيم، يعتبر مراقبون أنّ “حزب الله” أصبح أقوى سياسيّاً، وقد أعلن على لسان نائبه حسن فضل الله رفضه التصويت للنائب ميشال معوّض “لأنّه مرشّح تحديّ”. وحتّى الآن، لا يبدو أنّ “الحزب” مستعجل لإنجاز الإنتخابات الرئاسيّة، على الرغم من أنّ فضل الله أكّد أنّ كتلة “الوفاء للمقاومة” مع المرشّح الجامع. ويُردف مراقبون أنّ فكرة المرشَّحَين أو أكثر تُعارضها الضاحيّة الجنوبيّة، التي أثبتت في الجلستين الأولتين لانتخاب الرئيس، أنّها تتحكّم بتأمين النصاب، وبالانتخاب. ويُتابع المراقبون أنّ “حزب الله” يعمل على تذليل العقبات أمام ولادة الحكومة، ويُريد تأخير الإستحقاق الرئاسيّ، ريثما ينضج التوافق على إسم مرشّحه داخل فريق الثامن من آذار، وخصوصاً من ناحيّة “الوطنيّ الحرّ”.

وبالعودة إلى إتّفاق الترسيم، فقد كان لافتاً تاريخ 13 تشرين الأوّل الذي أطلّ فيه الرئيس عون لإعلان موقف لبنان الرسميّ من الموضوع، إضافة إلى كلمة باسيل يوم أمس الاول إحياءً للذكرى عينها، فرأى مراقبون أنّ المناسبة كانت الإنتقال من الذكرى السياسيّة والعسكريّة التي أبعدت فريق “التيّار” عام 1990 عن المشهد السياسيّ، إلى 13 تشرين الأوّل من العام 2022 الإقتصاديّ، حيث أنّ “العهد” يُسوّق لنفسه أنّه وراء الإنجاز التاريخيّ الذي تحقّق في ملف الحدود البحريّة.
ويختم المراقبون أنّ هذا الإنجاز سيُعطي جرعة لباسيل سياسيّاً وشعبيّاً، وتشدّداً أكثر في مواقفه في تشكيل الحكومة، وإنتخابات رئاسة الجمهوريّة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى