كولونا حذّرت واقتضى التحذير
إكتسبت زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إلى بيروت، والتي دامت لـ 48 ساعة طابعاً جدّياً، إذ أنها نقلت تحذيرات وتنبيهات حازمة، من أن لبنان ليس بمقدوره تحمّل أي فراغ، لا سيما على مستوى الرئاسة الأولى، لما لذلك من ارتدادات وعواقب وخيمة، الأمر الذي تحدّثت عنه أمام كل من التقته، وخصوصاً أمام الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي.
وبحسب مصادر نيابية مواكبة لهذه الزيارة، فإن كولونا هدفت من زيارتها هذه إلى تحريك الجهود الفرنسية التي تراجعت لردح من الزمن، وعملت على تلطيف المناخ الفرنسي السلبي تجاه السلطة الحاكمة في لبنان، وعملت على تكريس اهتمام إستثنائي في المرحلة البالغة الدقة والحساسية التي يمرّ بها لبنان في حال دخوله بمرحلة شغور رئاسي طويل، جراء استنكاف المسؤولين عن إيجاد أرضية وسطية يمكن البناء عليها للتوافق على إسم رئيس الجمهورية العتيد، بحيث أظهرت فرنسا أنها ستكون إلى جانب لبنان في حال حصول أي فراغ رئاسي قد يحصل.
وإذ أشارت المصادر النيابية المواكبة نفسها، أن الحراك الفرنسي، يأتي على خلفية الدخول من جديد إلى لبنان، الذي هو بمثابة البوابة بالنسبة لفرنسا إلى الشرق الأوسط، كما وأنه موطئ القدم الوحيد المتبقي لها في المنطقة. لفتت إلى أن باريس تسعى لتلقّف أي فرصة سانحة تظهرها بمثابة الأم الحنون والوصي الشرعي على لبنان، لا سيما أنها، ومنذ زيارة رئيسها إيمانويل ماكرون إلى بيروت بعد تفجير المرفأ في الرابع من آب 2020، لم تنجح في إيجاد حلول شافية تؤدي إلى حلحلة أيّ من الأزمات في لبنان، بحيث أنها شهدت ظروفاً داخلية صعبة وخضّات، تلتها الحرب التي اندلعت منذ ثمانية أشهر بين روسيا وأوكرانيا، والتي كان لها ارتدادات سلبية على كامل الدول الأوروبية.
وإذ ثمّنت المصادر النيابية ذاتها، الموقف الفرنسي الداعم للبنان، وسعيها المتواصل لتكون إلى جانبه، أبدت ارتياحها للمحاولات الحثيثة التي تقوم بها باريس مع المملكة العربية السعودية، كما مع الولايات المتحدة الأميركية، لحثّهما على مساعدة لبنان على كافة الصعد الإجتماعية والطبية والإنمائية، وذلك، على رغم محدودية تأثيرها في المرحلة الراهنة، وإمكانية إحداث خرق إنقاذي جدّي، فهي منذ زيارة الرئيس الفرنسي الأخيرة لم تستطع وضع ضوابط للدور الأميركي الذي أثّر سلباً على تدخلها، ما أدّى إلى تحجيم حضورها ودورها بعد انفجار المرفأ، كما، وفشّل سعيها لاستضافة أي حوار وطني لبناني برعايتها.
وفي حين ذكّرت المصادر عينها، أن فرنسا، ومنذ السابع عشر من تشرين، عند انطلاق الثورة وحتى يومنا هذا، بقيت حاضرة في لبنان، وإن بشكل معنوي، أشارت إلى أن زيارة كولونا أتت في سياق التأكيد على هذا الدور المحوري لها، من دون أن تحمل أي مبادرة فرنسية إنقاذية تتصل بالإستحقاقات اللبنانية الداخلية على اختلافها. لكنها، ولمجرد حضورها إثر الإعلان عن الإتفاق على الترسيم البحري، وبعد فشل جلستين في مجلس النواب لانتخاب الرئيس العتيد للجمهورية، وعدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، يعني أنّ هذه الملفات الثلاثة كانت طبقاً أساسياً خلال المباحثات التي أجرتها مع كافة المسؤولين الذين التقتهم، ولا سيما الرؤساء الثلاثة، وهي كانت قد شدّدت على وجوب انتخاب رئيس جديد للجمهورية واحترام المواعيد الدستورية، ولفتت إلى أنّ الإتفاق التاريخي الذي عقده لبنان مع إسرائيل في موضوع ترسيم الحدود البحرية، لن يحلّ مكان الإصلاحات التي تبقى أولوية، ويجب تطبيق الإتفاق مع البنك الدولي.