محليات

وماذا عن ١٤ تشرين؟

كتب كبريال مراد في موقع mtv:

كثيرون يتوقفون عند الثالث عشر من تشرين الأول ١٩٩٠، يوم دخول القوات السورية الى قصر بعبدا ووزارة الدفاع، وبدء حقبة من الاحتلال والهيمنة انتهت في السادس والعشرين من نيسان ٢٠٠٥.

إلاّ أن قلّة تتوقف عند الرابع عشر من تشرين الأول، اليوم الذي تلا الدخول العسكري وما رافقه، لا سيما في دير مار يوحنا القلعة، في بيت مري المتنية، حيث فقد اثر الابوين الأنطونيين البير شرفان وسليمان ابي خليل، وعشرات العسكريين.
تروي سجلات الدير والتحقيقات التي اجرتها الرهبنة، أن الأبوين شوهدا للمرة الأخيرة صبيحة 14 تشرين الأول 1990، في الباحة الخارجية للدير. فماذا حلّ بهما؟

حتى اليوم، لم تعلن الحقيقة. والرهبنة تصلي من اجلهما منذ ذلك الحين، في ١٤ ت١ من كل عام. قيل إنهما سيقا مع عشرات الجنود الى سوريا. لكن السوريين ينفون ذلك. واللجان الوزارية التي شكّلت منذ ذلك الحين، لم تصل الى نتيجة، وسط النكران السوري، والتقصير اللبناني للحكومات والرئاسات المتعاقبة في طي هذا الملف على الحقيقة المطلوبة.
فأين المفقودين؟ يروي أب أنطوني في احدى مقابلاته، أن وفدا من الرهبنة ذهب يوما الى رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري مفاتحاً إياه بالقضية، فكان جوابه “ما تفتحولي هال. ملف”.
والحكومات التي تلت حكومات الحريري الأب، والرؤساء الذين سبقوه او اتوا بعده، لم يتعاملوا بالجدية المطلوبة مع هذا الملف الانساني بالدرجة الأولى.
يروي أحد الضباط الذين وصلوا الى دير القلعة في الرابع عشر من تشرين الأول ١٩٩٠، أنه شاهد عشرات الجثث التي وضعت قوق بعضها داخل حفرة، وأنه رأى على صدر إحداها صليباً مشابها للذي يحمله الرهبان.

وروى العسكري دوري نمورة، الذي توفي قبل سنوات لأسباب صحيّة، أنه كان من بين مجموعة العسكريين الذين وضعوا في الحفرة، وجرى رمي القنابل عليهم. استيقظ دوري ليجد ان جثة رفيقه الذي سقط عليه حمته من الموت. زحف دوري في الوادي، قبل ان تجده احدى العائلات، وتضمد جراحه الجسدية. اما جراحه النفسية فظلت بادية عليه طوال سنوات.
هاتان الروايتان، تظهران ان جنودا ومدنيين، وربما رهبانا، تمت تصفيتهم في باحة الدير، من دون ان يظهر لهما اثر بعد ذلك. هناك من يقول إن مواد رميت على من دفنوا لاخفاء معالم الجثث والجريمة.

لا تهدف هذه السطور الى فتح جراح الماضي. بل للقول إن هناك جريمة مستمرة، هي جريمة الاخفاء. لا اخفاء مصير رهبان وعسكريين، انما اخفاء حقيقة، يستمر مع تغييبها جرح تلك المرحلة مفتوحاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى