محليات

خليفة عون… رئيس “تسوية” يتفهم وضع حزب الله

أُسدِل الستار عن ملفّ ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بعد مفاوضات شبهها البعض بـ “البورصة”.

كالعادة إختلف اللبنانيون على الترسيم بين مؤيد ومعارض، البعض اعتبره إنتصار وآخر اعتبره تخاذل وتفريط بحقوق لبنان وثرواته, لكن في جميع الأحوال الترسيم تَمّ، وقد ينعكس فعلياً على الإستحقاق الأهم وهو الإستحقاق الرئاسي.

كيف سينعكس إنتصار الترسيم على الإستحقاق الرئاسي؟ وهل سيتنازل حزب الله رئاسياً بعد إنجاز الترسيم؟

مصادر بارزة رفضت إعتبار ملف الترسيم إنتصاراً، بل إنجاز تأخّر كثيراً، لكن حصوله متأخراً أفضل كثيراً من أن لا يحصل، كان لا بد من إنهائه وهذا ما حصل.

وأشارت المصادر إلى أنّ “الموقف اللبناني أملته اعتبارات عدّة، أولها الوضع الداخلي في لبنان والإنهيار الإقتصادي والمالي، فلبنان بأمسّ الحاجة إلى لملمة جراحه المالية والإقتصادية التي تخطت كل حدود الإنهيار”.

الإعتبار الثاني هو أنّ “الشوشرة” الأمنية التي حصلت خلال الشهرين الماضيين في موضوع حقل “كاريش” وموقف حزب الله المُدجّج بالمسيّرات لم يكن الهدف منه حرب عسكرية طاحنة، بل على العكس، كان واضحاً أنّه “ليس هناك نية لوقوع حرب في المنطقة، لا على المستوى الإيراني ولا الإسرائيلي”.

وتلفت المصادر، إلى أنّ “كل الأطراف تحاول اللعب ضمن إطار الواقعية، وكل الجهات يهمها أن تتعامل مع الظروف المحيطة بها بشكل واقعي, بمعنى أنّ لبنان بحاجة لإتمام هذا الإنجاز، وحزب الله أيضاً بحاجة له بصرف النظر عن دوره، لكن بكلّ الأحوال يُسجّل للحزب أنّه أعطى الضوء الأخضر لإنجاز هذا الإتفاق”.

ووفق المصادر، إنّ “إتمام ترسيم الحدود المائية سينعكس على ملف رئاسة الجمهورية بشكلٍ غير مباشر، لكن لن يكون إنعكاساً دراماتيكيًا لسبب واحد، وهو أن حسابات رئاسة الجمهورية تختلف عن حسابات الثروة النفطية والترسيم الحدودي ومسألة تهدئة طويلة الأمد على جانبي الحدود البرية والبحرية مع إسرائيل”.

ورغم افتتاح جلسات إنتخاب رئيس للجمهورية، إلّا أنّنا “لا نزال في مرحلة تجميع الأوراق الرئاسية، وتتمثّل هذه المرحلة بإختبار الأحجام ونوايا التأييد بين العديد من المرشّحين، دون أن نغفل عن الظروف والحسابات الداخلية، إضافة أيضًا إلى الدور الخارجي والإشارات الدولية”، تقول المصادر.

ما من شك بحسب المصادر، أنّ “توقيع اتفاق الترسيم قد يُعجّل في حسم الإستحقاق الرئاسي، لكن ذلك في حال إلتزم جميع الأفرقاء المحليين بالحدّ الأدنى من المطالب، بحيث أنّه لا بُدَّ من تنازلات تقدّمها كل الجهات, أي بمعنى آخر، لا بُدَّ من تنازلات مفصلية تساعد في إتمام هذا الإستحقاق بسبب تركيبة المجلس النيابي المعقدة وانقساماته الحادّة”.

باتَ معلومًا أنّ “حزب الله لن يستطيع الإتيان برئيس من خطّه السياسي، ولا المعارضة قادرة على فرض رئيس من طينتها, إذًا، سوف يتم البحث عن رئيس يلائم جميع الأطراف أو معظمها، لذلك المرحلة ستشهد تسويات، وإلّا لا رئيس بل فراغ رئاسي طويل”.

يدفع الفرنسيون بإتجاه تسوية مع تأجيل البتّ بالأسماء المطروحة، والسعوديون لا يتدخلون مباشرة تاركين للفرنسيين حرية التصرّف، لكن المفارقة أنّ معظم القوى المحلية تريد التقرب من الأميركيين وتحديدًا أولئك الذين ينتقدون سياستها بهدف فتح خطوط التواصل معها بإعتبارها القوة ذات التأثير الأكبر في المنطقة عمومًا ولبنان خصوصًا.

لا شكَّ أنّ حزب الله يريد إستثمار الترسيم، وحتماً لن يتنازل عن خطوطه الحمراء، لكنه في الوقت نفسه غير قادر على فرض مرشّحه. وهو يدرك أنّ مرشّح الممانعة لن يمرّ حتى ولو أنّ حزب الله منح الأميركيين الضوء الأخضر في المفاوضات وسهّل للدولة اللبنانية إنهاء الملف, لكن الحزب لن يخسر معركة “الرئاسة” بل سيحظى بمرشّح تسوية يلائمه ويتفهّم وضعه الخاص.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى