لهذه الأسباب تأخرت إجابة هوكشتاين حتى اليوم
على رغم إنهماك اللبنانيين بقراءة وتحليل النتائج التي انتهت اليها الجلسة الاولى لانتخاب رئيس الجمهورية، فان هناك من كان مشغولا بالطرح الجديد الذي وعد به الموفد الاميركي الى مفاوضات الناقورة غير المباشرة اموس هوكشتاين بابلاغه لبيروت منذ ايام ثلاثة على الاقل، الا انه تأخر حتى اليوم خيث سلمت رسالة في شأنه السفيرة الاميركية دوروثي شيا للرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي .
تعددت الروايات التي تبرر التأخير الحاصل في عملية تسليمه الى الجانبين اللبناني والاسرائيلي بعدما انجز قسما كبيرا مما كان يريده من مواقف نهائية من الطرفين على هامش اعمال الدورة الـ 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك حيث كان من السهل البحث مع الجانبين اللبناني والاسرائيلي ومسؤولي عمليات قوات حفظ السلام في نيويورك المكلفة بإدارة عملياتها في العالم واليونيفيل” التي من المرجح ان تتولى مهمة الاشراف على المنطقة العازلة على الخط 23 عند انطلاقته من الحدود البرية. فهذه القوات واحدة منها تنتشر على الحدود الجنوبية اللبنانية بهدف مساعدة حكومة لبنان على بسط سلطتها الشرعية بالتنسيق مع الجيش اللبناني في موازاة التثبت في وقف العمليات العسكرية منذ صدور القرار 1701 في 12 آب 2006 ومنع الظهور المسلح وانتشار اي سلاح غير شرعي في المنطقة .
على هذه الخلفيات، كان الجانبان اللبناني والاسرائيلي ينتظران الاقتراح الاميركي الاخير بعدما وعد هوكشتاين بتقديم صيغة تقرب وجهات النظر في الكثير من النقاط المختلف عليها ولا سيما النقطة البرية التي ينطلق منها الخط على الرغم من الخلاف على “خط الطفافات” والذي يصر لبنان على تعديله لما يشكله من خرق للمياه الإقليمية اللبنانية قبل الوصول الى المنطقة الاقتصادية الخالصة.
وقالت المصادر ان التوقع بوصول الجواب اليوم طالما أنها تأخرت له أكثر من دلالة على ما يبرر انها المهلة الاخيرة. بدليل ان المجلس الوزاري الاسرائيلي الأمني المصغر دعي منذ الاربعاء الماضي الى الاجتماع يوم غد الأحد للبحث في المقترح الأميركي على هامش الجلسة التقليدية الاسبوعية لمجلس الوزراء على ان تكون نتائج اجتماعاته وتوصياته على جدول اعمال الحكومة الاسرائيلية الخميس المقبل.
وإزاء ما حصل، استخفت مراجع لبنانية تراقب عن كثب المفاوضات الجارية بشأن الترسيم عبر “المركزية” بالرأي القائل ان تأخر الجواب الأميركي كان سببه ترقب الكلمة التي سيلقيها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء اليوم السبت في مناسبة دينية جنوبية لتأبين أحد القادة الروحيين ليبنى على موقفه شيئا مما يمكن ان يكون مقدرا من ردات فعل تجاه ما هو مطروح ورفضت هذا الربط بالمطلق. وقالت لا علاقة لأي طرف ثالث بالجواب ولا سيما “حزب الله” او المعارضة الاسرائيلية التي شكلت المخاوف من مواقفها سببا في تأخير بعض الخطوات التي كانت مقررة من قبل. فما طلبه هوكشتاين من الجانبين توفر له منذ مطلع الأسبوع وقبل ذلك بأيام وصلته معطيات عدة وأجوبة واضحة ونهائية وتحديدا تلك المتصلة برفض البحث بأي تعديل للنقطة ” B1″ وبالخط الذي ينطلق منها رفضا لمحاولة اسرائيلية بتكريس “خط الطفافات” وكأنه “خط ازرق” بري او “خط حدودي” فهو يقع داخل المياه الاقليمية اللبنانية ولا نقاش حول مصيره بعدما رفض الموفد الاميركي السابق فريديريك هوف البحث به او احتسابه باي طريقة من الطرق.
وانطلاقا من هذه المعطيات، توقعت المصادر العليمة ان هوكشتاين الذي لم يلتزم بموعد تسليم اقتراحاته تأخر حتى اليوم في حسم رده على الموقف اللبناني من هاتين النقطتين بالنظر الى المماطلة الاسرائيلية القديمة – المتجددة كلما طرح البحث بمصير الخطوط القريبة من الساحل اللبناني وهي محاولات قديمة تعود الى مفاوضات العامين 2008 و 2009 التي طرحت فيها النقاط عينها بقوة وانتهت الى اللا قرار فلا الجانب الاسرائيلي سحب الخط ولا لبنان اعترف به .
وأمام هذه المعطيات الجديدة، انتهت المصادر الى القول ان هوكشتاين قد اقترب من موقف هوف سابقا باقتراحه بتجميد البحث بالمنطقة البرية والخط القريب منها وتعليق البحث به بعد الإقرار بحقوق لبنان كاملة كما طالب بها من حقل قانا والخط المتعرج الخاص به الى الخط المستقيم المتعلق بالبلوكين 9 و8 كما رسمه لبنان وصولا الى النقطة 23 عند مثلث التقاء الحدود البحرية اللبنانية – القبرصية – الاسرائيلية والاسراع بالتفاهم على انطلاق أعمال الاستكشاف في لبنان ونقل الغاز في كاريش الى امد يحدد لاحقا.
وختاما تعتقد المراجع المعنية ان اسرائيل ما زالت تقدم الهم الامني على عملية الترسيم وتقاسم الثروة في المنطقة الاقتصادية وان اصرت على هذه الصيغة علينا انتظار الجواب اللبناني منها والذي يقاس بحجم الضمانات الأميركية التي وفرها هوكشتاين لاستئناف أعمال الاستكشاف في البلوك رقم 9 حيث حقل قانا والحقول الاخرى بحيث يكون الترسيم قد انتهى في المنطقة الاقتصادية وبقي عالقا في المياه الاقليمية الى حين التفاهم النهائي على المنطقة الآمنة ودور “اليونيفيل” في “إدارتها” و”حمايتها” فلكل منهما آلية عمل لا تستطيع اليونيفيل القيام بها كاملة ما لم تعدل مهامها وهي عملية محتملة وإن لم تكن محسومة من اليوم.