محليات

التصدي لمراكب الموت: الحل الأمني لا يكفي!

تحركت الدولة في شكل “عمليّ” لمحاولة التصدي لآفة الهجرة غير الشرعية من شواطئها.فقد تقرّر في اجتماع أمني عُقد الخميس برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، تنفيذ القرار السابق الذي قضى بمصادرة القوارب غير المسجلة، وتوعية المقيمين في لبنان من مخاطر الهجرة غير الشرعية، والتّشدد في الإجراءات الاستخبارية الاستباقية. وأعلن وزير الداخلية بسام مولوي، عقب الاجتماع الذي عقد في السراي الحكومي، للبحث في ملف الهجرة غير الشرعية، أن ميقاتي أكد “الإجراءات الإدارية لناحية تسجيل القوارب أصولاً، وإلّا ستجري مصادرة القوارب غير المسجلة عملاً بقرار مجلس الوزراء المتخذ بتاريخ سابق عام 2022، وعلى البدء بهذه المعاملات من المرافئ وعبر رؤساء المرافئ لتزويدنا باللوائح للتأكد من هذا الموضوع عبر الأجهزة الأمنية”. ولفت مولوي إلى أن المجتمعين شددوا على “إطلاق حملة توعية عبر وسائل الإعلام لشرح عواقب الهجرة غير الشرعية على المواطنين وإفهامهم أن ما ينتظرهم في الأماكن التي يسعون للهجرة إليها لن يكون سهلاً ولن تتم معاملتهم بالمعاملة التي وُعدوا بها من قبل تجار القوارب والموت”. كذلك، تقرر وفق مولوي “التّشدد في الإجراءات الاستخبارية الاستباقية من قبل كل الأجهزة وتكثيف دوريات القوات البحرية لمكافحة الهجرة غير الشرعية وإعادة المهاجرين غير الشرعيين سالمين”. وأعلن مولوي إحباط أكثر من “24 عملية هجرة غير شرعية وإعادة المئات من المهاجرين غير الشرعيين بسلام إلى لبنان”.

هذه المقررات جيدة ولا بد ان تخفّف، ولو في صورة جزئية محدودة، من موجات المراكب التي تغادر بحرا من الساحل اللبناني الى شواطئ المتوسط، هربا من الفقر والغلاء والذل. لكن بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، فإن الوسيلة “الامنية” لمعالجة هذه الظاهرة، وإن كانت ضرورية، الا انها غير كافية.

فالحل الانجع والاكثر فاعلية خاصة على المدى الطويل، اقتصاديّ ومعيشي الطابَع لا أمني. فما يدفع الناس الى رمي أنفسهم في البحر، هو الوضع المزري الذي باتوا يعيشون فيه حيث لا طعام ولا ماء ولا كهرباء ولا تدفئة ولا محروقات في بيوتهم وسياراتهم، وقد باتوا بلا وظائف او ان رواتبهم ما عادت تساوي شيئا في ظل الانهيار الدراماتيكي لليرة اللبنانية امام الدولار، فباتوا أعجز من تأمين التعليم والطبابة وابسط حقوق العيش لهم ولاطفالهم وذويهم. انطلاقا من هنا، تشير المصادر الى ان العلاج لآفة الهجرة غير الشرعية يبدأ بوضع برامج للاسر الاكثر فقرا، برامج تُطبّق ولا تبقى حبرا على ورق وبطاقاتٍ نظرية، قبل ان تشرع الحكومة في وضع خطة انقاذية شاملة تساعد في انتشال لبنان تدريجيا من أزمته القاتلة، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي والمانحين.

فأين لبنان الرسمي اليوم من هذه الحلول والخطوات؟! إن لم يُشرع فيها سريعا فإن لا شيء سيوقف مراكب الموت، تختم المصادر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى