“مركب الموت” تابع… أحد الناجين يروي تفاصيل ما حصل
قالت “الحرة” ان الشاب اللبناني، زين الدين حمد، لم يكن يعلم أن محاولته الوصول إلى أوروبا ستنتهي به في البحر، هو وزجته الحامل التي كلفتها المغامرة خسارة جنينها.
في حديث لـ”الحرة”، يقول حمد، وهو أحد الناجين من المركب الذي انطلق من لبنان متوجها إلى إيطاليا وغرق قبالة سواحل طرطوس، إن “مشهد الجثث المتناثرة حوله في البحر لا يغادر مخيلته”.
“وصف المشهد وقت انقلاب المركب في البحر لا يمكن الحديث عنه بالكلمات على الإطلاق”، يقول حمد متذكرا صرخات الأشخاص من حوله في البحر إذ سمع صوت “أب يعتذر لطفله بأنه لا يستطيع مساعدته، حيث أصبحت الجثث ترتطم بعضها ببعض في المياه”.
كان حمد يعمل موظفا في لبنان. ومع سوء الأوضاع الاقتصادية فقط وظيفته، وبقي عاطلا عن العمل قبل ينتقل للعمل في “صالون حلاقة”، وكانت زوجته تسعى للعمل ممرضة، لكنها لم تجد أي وظيفة متاحة “لأن توفير الوظيفة،” يقول حمد، “يستوجب أن تكون تابعا لزعيم سياسي”.
وغدت حياته مثل “الموت البطيء”، بحسب وصفه.
يقول حمد إن الحياة في لبنان “لا يوجد فيها أي طموح أو أفق للتطور”، مشيرا إلى أنه بقي في فترة الخطوبة لمدة “6 سنوات قبل أن يتمكن من تحقيق حلمه بالزواج”. واستطاع الحصول على عقد عمل في السعودية ولكنه لم يستطع الرحيل لعدم تمكنه من “إصدار جواز سفر”، انتظر صدوره على مدى عام ونصف من دون جدوى.
وسعى خلال الفترة الماضية للهجرة بشكل رسمي، ولكن تبين له أن تكلفتها تقترب من 18 ألف دولار، وهو مبلغ لا يملكه، ليجد أن الحل الوحيد أمامه الهجرة غير الشرعية.
وكشف حمد أن المهرب الذي تواصل معه لتنفيذ مشروعه، اشترط عليه دفع مبلغ 10 آلاف دولار، فاستدان ثلاثة آلاف ليكمل ما لديه.
يتذكر حمد حديثه مع زوجته أثناء وجودهما على متن المركب قبل أن ينقلب بلحظات، طالبا منها أن تقفز في الماء بعدما أيقن أن المركب سينقلب لا محالة، وبقيا ساعات عديدة في الماء، يحدوهما الأمل أن ينتبه لهم خفر السواحل، ويأتون لإنقاذهم. تشبث هو وزوجته، كما يروي للحرة، بلوح خشبي وبقيا طافيين في الماء.
وبعد مرور ساعات، شاهد إضاءة من بعيد “ظن أنها بيروت”، وشرع يسبح بصعوبة شديدة ومعه زوجته باتجاه تلك الأنوار، وفي الطريق عثر عليهم مركب صيد، وتبين أنهم قبالة شواطئ طرطوس.
يقول حمد إنه “غير نادم على قراره السعي للهجرة”، ولكنه يلوم نفسه على “عدم تتبع حالة الطقس في تلك الليلة، وحتى عدم التأكد من صلاحية المركب الذي كانوا على متنه”، مشيرا إلى أنه لا يبحث عن رفاهية الحياة والسفر إنما “يريد العيش فقط”.
وحمل حمد الطبقة السياسية في البلاد مسؤولية ما يحصل مع الشباب اللبناني.
ولقي 94 شخصا حتفهم في كارثة غرق مركب كان يقل مهاجرين غير شرعيين لبنانيين وسوريين وفلسطينيين قبالة السواحل السورية، فيما أعلن الجيش توقيف مشتبه به في عملية التهريب التي أسفرت عن أعلى حصيلة غرقى منذ بدء ظاهرة الهجرة غير الشرعية انطلاقا من لبنان.