ما دلالات الحركة السعوديّة والفرنسيّة تجاه جنبلاط؟
عادت السعوديّة بقوّة لتلعب دورها في الحياة السياسيّة اللبنانيّة، بعد الإجتماع السعودي – الفرنسيّ في باريس، وصدور بيان رسميّ ثلاثيّ أميركيّ – فرنسيّ – سعوديّ يوم أمس عن لبنان، شُدّد فيه على إجراء الإستحقاقات الدستوريّة في موعدها. وكانت لافتة بحسب الأوساط السياسيّة حركة سفير المملكة وليد بخاري من جهّة، والسفيرة الفرنسيّة آن غريو من جهّة ثانيّة، وخصوصاً نحو كليمنصو، إضافة إلى التأكيد على تطبيق إتّفاق الطائف والبدء بورشة الإصلاحات الضروريّة لعودة لبنان إلى التعافيّ الإقتصاديّ.
ورأت أوساط سياسيّة أنّ زيارة بخاري وغريو لرئيس الحزب “التقدميّ الإشتراكيّ” وليد جنبلاط تحمل دلالات مهمّة، أبرزها إعادته إلى صفوف “المعارضة” التي أثبتت للخارج والخصوم من 8 آذار أنّها قادرة على توحيد صفوفها، فكانت “بروفا” تعطيل نصاب جلسة مناقشة وإقرار الموازنة أوّل خطوة في هذا المجال. كذلك، فإنّها أظهرت تضامناً لافتاً مع قوى مسيحيّة مناهضة لـ”حزب الله“، عبر الحضور في إحتفال الذكرى الـ40 لاستشهاد الرئيس بشير الجميّل في الأشرفيّة.
وتقول الأوساط إنّ الحركة الفرنسيّة – السعوديّة تجاه جنبلاط هدفها أنّ تكون أصوات كتلته النيابيّة لصالح مرشّح “المعارضة”، وخصوصاً بعد توقّف اللقاءات بين “زعيم المختارة” ووفد “حزب الله“، وبروز أصوات من كتلة “اللقاء الديمقراطيّ” رافضة للتصويت لأيّ مرشّح قد يطرحه فريق الثامن من آذار رسميّاً. ورغم أنّ التقارب بين معراب والمختارة تراجع، مع غياب الوفود النيابيّة الإشتراكيّة عن زيارة رئيس “القوّات” سمير جعجع، إضافة إلى رفض جنبلاط تأييد أيّ شخصيّة صداميّة وتواجهيّة لرئاسة الجمهوريّة، في إشارة إلى جعجع، يرى مراقبون أنّ هناك إجماعاً إيجابيّاً بين “القوّات” و”التقدميّ” على منع وصول مرشّح “الثنائيّ الشيعيّ”، وهذه نقطة أساسيّة ستلعب دوراً حاسماً لـ”المعارضة”.
وفي السيّاق عينه، فإنّ الحركة السعوديّة المكوكيّة على أفرقاء “المعارضة” يُؤمل منها الإستفادة من تشرذم كتل 8 آذار، وبشكل خاصّ بعد الخلاف بين “التيّار الوطنيّ الحرّ” و”الثنائيّ الشيعيّ” حول مواصفات المرشّح الرئاسيّ. فالنائب جبران باسيل لن يدعم إلّا شخصيّة ممثّلة مسيحيّاً ونيابيّاً، في دلالة عن نفسه، بالإضافة إلى أنّ الجوّ العامّ في تكتّل “لبنان القويّ” مُؤيّد فقط لباسيل في الوقت الراهن، في ظلّ عدم التوصّل لاتّفاق صريح مع رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة بشأن المرحلة المقبلة، ورفض الأخير، بحسب مصادر، أنّ يسير بما يشترطه باسيل عليه.
ويلفت مراقبون إلى أنّ السعوديّة تُريد الإستفادة من الخلاف داخل 8 آذار، عبر توحيد الصفات الرئاسيّة في خندق “المعارضة” وصولاً إلى الإتّفاق سريعاً على إسم المرشّح الذي سيجمع “القوّات” و”الكتائب” ونواب “17 تشرين” و”اللقاء الديمقراطي” وبقيّة الكتل النيابيّة. من هنا، فإنّ المملكة تُعطي أهميّة أيضاً لاجتماع دار الفتوى يوم غدّ، وإمكان توحيد النواب السنّة حول مواصفات المرشّح الرئاسيّ على الرغم من صعوبة هذا الأمر، لتموضع كلّ نائبٍ سنّيٍ في فريقه السياسيّ.