محليات

الحزب عينه على تسوية رئاسية.. باسيل وفرنجية في الإنتظار

جاء في “أساس ميديا”:

كلّما اقتربت نهاية العهد يشعر سليمان فرنجية أنّ خطواته صارت أقرب في اتجاه القصر الرئاسي. مصدر اطمئنانه في ترشّحه هو إياه مصدر قلقه: حزب الله.

ينتظر إشارة حاسمة منه أو إعلاناً صريحاً من أمينه العامّ. لا هذه حصلت ولا ذاك رغم الرسائل المتطايرة في السماء بين بنشعي والضاحية الجنوبية. في جوابه على المستفسرين يجزم حزب الله أنّه لم يسبق أن أعطى وعداً بالرئاسة لفرنجية أو لغيره، متحفّظاً في مقاربة موضوع ترشيح فرنجية أو إعلان موقف منه لحساسيّة الموقف.

صديق ينتظر الرئاسة

قبل نحو شهر أو يزيد، كثّف رئيس تيار المردة لقاءاته خلف الكواليس مع النواب في محاولة لجسّ النبض ومعرفة مرشّحهم لرئاسة الجمهورية. حتى الساعة يمكن اعتبار فرنجية المرشّح الجدّي الوحيد الذي يربط ليله بالنهار من أجل العمل الدؤوب على تحسين حظوظه الرئاسية. على الورقة والقلم يُجري “بوانتاج” سريعاً، فتفيده حساباته والمقرّبون أنّ حظوظه كبيرة متى التزم عدد من النواب التغييريّين أو المستقلّين والنواب السُنّة بانتخابه، فيستغني بذلك عن أصوات كتلتَيْ التيار الوطني أو القوات اللبنانية. على الرغم من نيله وعداً منهم بذلك، إلا أنّ اليد ما تزال على القلب لغياب الضمانات وتحسّباً للّحظات الأخيرة.

حتى اليوم لم ترِد الإشارات المطمئنة. إقليميّاً لم تحرّك السعودية ساكناً في الشأن الرئاسي، ومحليّاً ما يزال فرنجية يحتفظ بلقب الحليف الوفيّ في أروقة حزب الله وقيادته. لكن رئاسيّاً لم يجاهر حزب الله بعد بتأييد ترشيحه ولم يتلقَّ فرنجية وعداً بذلك، خلافاً لسلوك الحزب مع عون يوم أعلن أمينه العامّ أمام حشد عاشورائي ترشيح “الزعيم المسيحي” ميشال عون للرئاسة بوصفه “المرشّح الأفضل”. لكن في المقابل لم يقطع الحزب عينه الطريق على ترشيح فرنجية ولم يُفقدوه الأمل.

جمع المتنافرين

يقول المقرّبون إنّ حزب الله اتّخذ قراره بتأييد ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة. لكنّه يؤثر عدم الإعلان عن مثل هذا التبنّي لاعتبارات عدّة أبرزها اختلاف الظروف السياسية المحلّية والإقليمية والدولية. محليّاً كان حزب الله وحلفاؤه يملكون الأغلبية النيابية التي تؤهّل عون للفوز. لكنّ مثل هذه الأكثريّة لم تعد بحوزته بعد الانتخابات النيابية الأخيرة التي أفقدته الأرجحية في المعركة الرئاسية. وهذا ما معناه أنّ “حزب الله لم يعد يملك العُدّة اللازمة كي يعلن تأييده ترشيح فرنجية وضمان وصوله”، وفي المقابل “لا بديل رئاسياً عنه حتى لو وقع الفراغ”، فما العمل إذاً؟

استناداً إلى حاجة أيّ رئيس لتأييد ودعم كتلة مسيحية وازنة، فإنّ مفتاح انتخاب فرنجية بيد رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل. فهل يضغط حزب الله في اتجاه إنجاح تسوية بين الجهتين لضمان عبور فرنجية بسلام إلى القصر الرئاسي؟

تقول المعلومات إنّ حزب الله تمنّى على باسيل دعم فرنجية في معركته الرئاسية. في المقابل نصح الحزب فرنجية بالانفتاح على باسيل وتدوير الزوايا معه بوصفه الممرّ الإلزامي لانتخابه رئيساً. المطلوب تعاطي الجهتين بواقعية مع الاستحقاق وأن يلتقيا في منتصف الطريق. من جهته، يسلّم باسيل بكون فرنجية مرشّحاً طبيعياً ويسهِّل له انتخابه، وبالمقابل يتفاوض فرنجية مع باسيل في مرحلة ما بعد الرئاسة.

ممنوع يزعل باسيل

قد يقول قائل إنّ حزب الله ما يزال يريد فرنجية رئيساً، لكنّه لا يريد لهذه الخطوة أن تأتي على حساب علاقته بباسيل. فكلمة السرّ المسلّم بها داخل حزب الله تقول “ممنوع يزعل باسيل”.

فشلت المحاولات الأوّلية في التقريب بين رئيسَيْ التيّارين. لكن ربّما يكون الأمر مرهوناً باللحظات الأخيرة وتدخُّل السيّد حسن نصر الله حيث يجب أن يتدخّل. يقول فرنجيّة وفق المقرّبين إنّه مستعدّ للتعاون مع باسيل، لكن ليس أن يتقاسم معه الحكم، فالرئيس يجب أن ينفتح على كلّ المكوّنات المسيحية وغير المسيحية، وهو لم يقطع الأمل باقتناع باسيل بعد.

في الوضع الراهن ابتعدت الرئاسة عن فرنجية، حسبما يرى التيار الوطني. يصعب على باسيل إقناع تيّاره بمرشّح لا يشبهه فكرياً وسياسياً، ويسترجع التعاون مع برّي وميقاتي وجنبلاط زمن الرباعيّ الحاكم. لا يمكن لحزب الله أن يفرض مثل هذا الخيار على التيّار. فشل حزب الله في أن ينال من باسيل أيّ التزام بدعم فرنجية وبكركي لا تريد تكرار تجربة الدخول في الأسماء وتكتفي بالمواصفات المطلوبة من الرئيس المقبل.

فراغ في انتظار التسوية

على الرغم من كلّ ما ورد، إلا أنّ فرنجيّة يُعدّ المرشّح الأوفر حظّاً حتى اليوم ما دام حزب الله لم يُفقده حظوظه، والسعودية لم ترفضه علناً، وفرنسا التي زارها ونجله ما تزال ترى فيه مرشّحاً أقرب إلى الواقعية. لكن في نهاية المطاف لا يعتبر حزب الله أنّ انتخاب رئيس في لبنان متوقّف على حيثيّته النيابية أو على التموضعات النيابية وتوازنات القوى داخل مجلس النواب، لأنّ الكلمة الفصل في الاستحقاق الرئاسي اللبناني هي للتسوية الدولية – الإقليمية. وهو ما يُفضي إلى توقّع فراغ طويل الأمد يظل خلاله فرنجية مرشّحاً بارزاً، فيما يمضي حزب الله قُدُماً في التزام الصمت كي لا يقطع الطريق إلى رئاسته فيصبح مرشّح حزب الله من وجهة نظر محليّة وإقليمية.

بقي شهر وأيام حتى نهاية عهد عون. هناك متّسع من الوقت لجلاء الصورة. برودة حزب الله في مقاربة الموضوع الرئاسي مستمرّة. وكلمة السرّ أنّه ممنوع أن تؤول الرئاسة من خلالهما إلى مرشّح يغرّد خارج سرب المقاومة أيّاً كان.

يتحدث سليمان فرنجية اليوم إلى الزميل مارسيل غانم في أوّل ظهور له منذ فترة طويلة وفي زحمة النقاش الدائر حول انتخابات رئاسة الجمهورية. لننتظر ماذا سيقول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى