محليات

هذا ما يخطّط له حزب الله رئاسيًا

الأيام تسير بسرعة بالنسبة إلى البعض، لكنها تبدو بطيئة بالنسبة إلى البعض الآخر. من يراها تمرّ مسرعة لا يريد أن يصدّق أن عهد الرئيس ميشال عون قد شارف على نهايته. أمّا الذين يرون تلك الأيام بطيئة وتسير متهاودة فينتظرون أن تنتهي بفارغ الصبر.

ولكن بين هؤلاء وأولئك ثمة من يعمل للوصول إلى الإستحقاق الرئاسي بهدوء وبغير ضجيج أو صخب، لأنه الوحيد الذي يملك، على ما يبدو، مفاتيح “اللعبة” الرئاسية، وهو سبق له أن مارسها في الفترة التي سبقت إنتخاب العماد عون رئيسًا. لكن ثمة من يرى أن “حزب الله”، الذي يعمل تحت شعار “بعد بكيّر وما في شي مستعجل”، غير قادر هذه المرّة على التحكمّ بـ”اللعبة” الرئاسية، أقّله بالنسبة إلى “خيار” التعطيل، خصوصًا إذا لم يتناغم “التيار الوطني الحر” معه بهذه “اللعبة”، إذ تشير المعلومات إلى أن مساعي “الحزب” لم تفلح حتى الساعة بإقناع رئيس “التيار” النائب “الغطّاس” جبران باسيل بالسير في ترشيح رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية. وفي هذه الحال، فإن باسيل لن يكون من ضمن هذا “الخيار”، بل سيجد نفسه مضطّرًا للتفتيش عن خيارات أخرى، حتى ولو كانت خارج قناعاته الإستراتيجية، لأنه يفضّل ألف مرّة السير بخيارات تكتيكية على السير بخيار تبنّي ترشيح فرنجية.

وعلى وقع تسارع الأيام قبل أن ينقضي شهر أيلول وندخل في شهر ” الحسم التشريني” دخل بعض القوى السياسية الأساسية في البلاد جدّيًا في مرحلة جوجلة الأسماء الرئاسية، وجس النبض حولها في صورة أكثر وضوحًا. وهي تتصرف وكأنها استبعدت كليًا الأسماء المرشّحة المنتمية إلى أطراف النزاع، بما في ذلك المرشحون التقليديون، وأن المطروح جدّيًا أسماء مرشحين بعيدين كل البعد من التجاذبات ويمكن أن يحظوا بدعم القوى الأساسية، ولا يشكّلون إستفزازًا لأي منها.

وبحسب بعض العاملين على خط تحريك الملف الرئاسي، فإن ما يعزز هذا التوّجه أن “حزب الله” يرسل رسائل واضحة بعدم سلوكه المسلك نفسه الذي سبق أن سلكه قبل انتخاب الرئيس عون. فالحزب الذي كان في تلك المرحلة متشدّدًا إلى حدّ التمسّك بالعماد عون سنتين ونصف سنة من الفراغ وما قبلها، كان يتصرف من وحي صعود قوته الإقليمية وذهابه إلى الحرب في سوريا ورغبته في حماية ظهره داخليًا. وهو اتخذ لاحقًا قرار فك الإشتباك مع الرئيس سعد الحريري ورسّخ دخوله إلى السلطة عبر تسوية عون – الحريري.

أمّا اليوم، فإن الحزب لم يسمِّ بعد أي مرشح ولم يدعم أيًّا من حلفائه المفترضين، ولم يقارب الإستحقاق كما قاربه في مرحلة الفراغ التي تلت خروج الرئيس ميشال سليمان من القصر الجمهوري. وهذا في حد ذاته يمكن البناء عليه، ويعّول عليه حلفاؤه ومعارضوه على رغم إختلاف الحسابات بينهم، علما أن المعارضين والحلفاء لا يزالون يقاربون موضوع الإنتخابات الرئاسية، في حد ذاته، بهدوء مدروس تحت سقف عنوان وحيد هو ضرورة إجرائها في موعدها من دون فتح معارك عالية السقوف.

وإن كان المرشح المضمور لـ”الحزب” هو فرنجية، فإن تحركّه الرئاسي يهدف إلى “تجميع” ما يؤّمن له تحقيق أهدافه، مع الإشارة إلى أن كلام أمينه العام السيد حسن نصرالله بدا “مطّاطًا”، بمعنى أنه لم يستعمل عبارات عالية السقوف، بل بدا هادئًا في مقاربته ما يسبق هذا الإستحقاق من إتصالات ومقاربات توصلًا إلى “رئيس تسوية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى