محليات

راحت “سكرة” الصيف وأتت فكرة تأمين التدفئة في الشتاء

كتبت جويل الفغالي في”نداء الوطن”:

بحسب كل التوقعات، سيحل على لبنان شتاء قارس هذا العام. سيزيد من معاناة المواطن اللبناني ويدخله في أزمة جديدة، تتمثل في البحث عن وسائل تأمين المستلزمات اللازمة للتدفئة. ففي ظل انقطاع الكهرباء شبه الدائم، وصعوبة تأمين المحروقات بفعل الأزمة الاقتصادية وغلاء الأسعار، يتجه معظم السكان الى الحطب كوسيلة بديلة وأوفر لتدفئة منازلهم.

يئس اللبنانيون من الحال التي وصل اليها البلد. ويمكن ملاحظة هذا اليأس بسهولة بمجرد مراقبة أعداد المهاجرين التي تتزايد يوما بعد آخر. فمن بقي في لبنان، يعاني الأمرين للحصول على أبسط حاجاته الاساسية والضرورية، ومنها تأمين التدفئة لفصل الشتاء، بعدما دخل الاقتصاد اللبناني حالة من الركود الاقتصادي وفقد أكثر من 60 في المئة من شبابه فرص العمل، وتفاقم الأزمة المعيشية للفئات المحدودة الدخل. ومع بدء العام الدراسي الجديد، يتأرجح اللبناني بين مشكلتين، الأولى تتعلق بمصاريف المدارس والاقساط والقرطاسية، والثانية تتعلق بكيفية تأمين المازوت أو أي وسيلة أخرى للتدفئة في فصل الشتاء.

الكلفة تتخطى الملايين!

بحسب دراسة «الدولية للمعلومات»، سيبلغ متوسط كلفة التدفئة للوحدة السكنية «70 مليون ليرة». ومع اقتراب موسم الشتاء، تتنوع الوسائل التي يمكن للبنانيين، خاصة المقيمين في الجبال والمرتفعات والأماكن الباردة، استعمالها لتأمين التدفئة، ومنها:

– الكهرباء، وهي وسيلة لا يمكن الاعتماد عليها في ظل الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي وارتفاع كلفة المولدات (سعر الكيلوواط/ ساعة حالياً يتراوح بين 16 الف ليرة و25 الفاً).

– الغاز، وهي ايضاً وسيلة مرتفعة الثمن. وقد وصل سعر القارورة التي لا تكفي إلا لأيام قليلة في المدفأة إلى 350 ألف ليرة، وهي وسيلة عديمة الفعالية في البرد الشديد.

– المازوت، وهي الوسيلة التي يعتمدها أكثرية اللبنانيين. لكن كلفتها مرتفعة وبحسب الدولية للمعلومات إذا ما أعتبرنا أن سعر الصفيحة هو 700 ألف ليرة (كان السعر في العام الماضي 100 ألف ليرة) والحاجة هي الى نحو 100 صفيحة للوحدة السكنية في موسم الشتاء (وهذه الكمية تختلف تبعاً للظروف المناخية) تكون الكلفة هي 70 مليون ليرة في موسم الشتاء.

– الحطب، وتصل الحاجة الى نحو 6 أطنان من الحطب (وهذه الكمية تختلف تبعاً للظروف المناخية) وتصل كلفة الطن الواحد الى 6 ملايين ليرة أي نحو 36 مليون ليرة في الموسم. وتدني سعر الحطب مقارنة بسعر المازوت سيدفع بالعديد من الاسر الى تبديل المدفأة من المازوت الى الحطب وتحمل كلفة شراء مدفأة جديدة. ولكن لهذا الامر تداعيات بيئية خطيرة اذ سيزداد قطع الأشجار وافتعال الحرائق لتحويل الاحراج الى غابات سوداء تسمح بقطع الأشجار.

اللبنانيون في معاناة على أبواب الشتاء قد تدفع بالكثيرين منهم الى تحمل برد الشتاء لعدم قدرتهم على تحمل نفقات التدفئة الباهظة.

المواطن غير قادر على تحمل أعباء إضافية

رئيس اللجنة الإقتصادية في غرفة التجارة والصناعة في زحلة طوني طعمه أكد أن «نسبة قليلة من سكان الجبل بدأوا التحضيرات لاستقبال فصل الشتاء، مقارنةً مع الايام الطبيعية. فبعدما كانت النسبة الاكبر منهم تتحضر في هذا الموسم لإستقبال البرد والصقيع، وتبدأ تجهيز المونة وتزويد وسائل التدفئة بالمازوت، خاصةً لأن معظم السكان يعتمدون على هذه المادة للتدفئة، نراهم اليوم يبحثون على الأوفر، حيث تم استبدال المازوت بالحطب نظراً لوفرته وكلفتة المتدنية مقارنةً بالمازوت، الأمر الذي يشكل خطراً على البيئة. وهناك عدد منهم من اضطر الى استبدال وسائل التدفئة على المازوت بأخرى تعمل على الحطب، الأمر الذي أدى الى زيادة الطلب على الحطب وبالتالي تدخل المحتكرين وارتفاع سعر طن الحطب وصولاً الى تسعيره بالفريش دولار». ويزيد طعمة «حتى من لجأ الى تركيب طاقة شمسية، ستنخفض فعاليتها في فصل الشتاء، وبالتالي لن تسمح بتشغيل وسائل التدفئة التي تعمل على الكهرباء».

الهجرة من المناطق الجبلية الى الساحل

أكثر من 80 بالمئة من المواطنين رزحوا تحت خط الفقر، وبحسب المسح الذي أجرته إدارة الإحصاء المركزي ومنظمة العمل الدولية «هناك 85 في المئة من الاسر لا تقوى على الصمود أبداً حتى ولو لشهر واحد في حال فقدان جميع مصادر الدخل، مقابل قلة قليلة صرحت أن بامكانها الصمود ستة أشهر أو أكثر بدون دخل». ونظراً لهذه الارقام، هناك عدد كبير من اللبنانيين لن يستطيع الوصول الى التدفئة هذا العام. ويشير طعمه الى أن «هناك عدداً كبيراً من سكان الجبل والمرتفعات نزحوا الى الساحل، وغيرهم من اضطروا الى إغلاق قسم من بيوتهم وذلك لعدم قدرتهم على تأمين مستلزمات التدفئة».

ويرى طعمه «أنه يجب إعلان حال طوارئ في البلاد، فشتاءٌ كارثيّ سيكون على لبنان لم يشهده من قبل، ويجب مساعدة الأسر الأكثر فقراً عبر البطاقة الاجتماعية التى لم تبصر النور حتى اليوم ودعم سعر المازوت، أو عن طريق تسهيل العمليات المصرفية ليتمكن المودع من التصرف بأمواله. هناك حلول عديد، ولكن السؤال الأهم هنا: هل حقاً يريدون ايجاد الحلول؟ أم الهدف هو تفقير الشعب اللبناني؟».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى