هل يستطيع “حزب الله” إيصال فرنجيّة من دون مباركة باسيل؟
لا تزال الأوساط السياسيّة تنتظر المرشّح الذي سيُعلن “حزب الله” دعمه لرئاسة الجمهوريّة، مع الدخول في المهلة الدستوريّة لانتخاب الرئيس الجديد، والشكوك حول إجراء هذا الإستحقاق في موعده، قبل أقلّ من شهرٍ على نهاية ولاية الرئيس ميشال عون. وفي السيّاق عينه، فإنّ أمام “الحزب” ومعه “حركة أمل” عقبات بارزة، أوّلها سير كتلة نواب “التيّار الوطنيّ الحرّ” بمرشّح “الثنائيّ الشيعيّ”، إضافة إلى موضوع تأمين نصاب الثلثين، وخصوصاً مع تلويح “المعارضة” ونواب قوى “التغيير” بتطيير الجلسات، لمنع وصول أيّ شخصيّة من تحالف الثامن من آذار.
والثابت حتّى اللحظة، أنّ “حزب الله” يبحث عن مرشّح وسطيّ، يُؤمن بخيار المقاومة وبأهميّة السلاح لردع أي عدوان إسرائيليّ، وفي حماية الحدود اللبنانيّة، وبشكل خاصّ البحريّة حاليّاً، والثروات النفطيّة والغازيّة، بالإضافة إلى أنّ يكون شخصيّة غير مستفزّة، قادرة على جمع الأفرقاء، لإيجاد الحلول اللازمة للأزمة الإقتصاديّة. ويقول مراقبون إنّ النائب جبران باسيل أصبح خارج حسابات الضاحيّة الجنوبيّة، وقد لاقى رئيس مجلس النواب نبيه برّي “الحزب”، خلال كلمته في الذكرى الـ44 لتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه، وشنّ سلسلة إنتقادات طالت سياسة “العهد” ووزراءه، مُعلناً تأييد نوابه للشخصية التي يجتمع حولها اللبنانيون فقط.
ويُشير مراقبون إلى أنّه بمعارضة كلٍّ من برّي و”حزب الله” دعم باسيل لرئاسة الجمهوريّة، تكون حظوظه معدومة من جهّة “فريق الثامن من آذار”، كما من جانب “المعارضة”. ويبقى طرح إسم رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، الأكثر واقعيّة لـ”الثنائيّ الشيعيّ”، لما يُمثّله من شخصيّة مسيحيّة وسطيّة، قادرة على جذب أصوات نيابيّة من الرابع عشر من آذار. ولكّن يسأل مراقبون: “كيف سيُؤمّن “حزب الله” أكثريّة الثلثين لفرنجيّة وسط تلويح “الجمهوريّة القويّة” بعرقلة الجلسات، ومن دون أصوات تكتلّ “لبنان القويّ” الذي يُعتبر عدديّاً “بيضة قبان” في أيّ إستحقاقٍ دستوريٍّ”؟
ويلفت مراقبون إلى أنّ “فريق الثامن من آذار” ذاهبٌ إلى مزيدٍ من الشرخ في صفوف مكوّناته. وقد تجلّى هذا الأمر من خلال محاولات “حزب الله” إيجاد الحلول لتشكيل الحكومة، بينما يُصرّ باسيل على العرقلة، من خلال إستمراره بالمطالبة بعدد وازن من الوزارات. ويقول المراقبون إنّه فيما يدعو “الحزب” للإسراع بتشكيل الحكومة للإنكباب على معاجلة المشاكل المعيشيّة، يقوم باسيل بوضع العصي أمام ولادتها، لتحصيل مكاسب سياسيّة، إنّ تأخر إنتخاب رئيس الجمهوريّة. كذلك، ذهبت جهّات أخرى من فريق “الممانعة” إلى انتقاد الطريقة التي يُطالب بها “العهد” بوزارة الطاقة، وخصوصاً وأنّ أبرز مشكلة تُواجه لبنان إلى جانب الأزمة الإقتصاديّة، هي تأمين الكهرباء.
من هنا، فإنّ الفراق حصل بين باسيل و”حزب الله” في موضوع إنتخابات الرئاسة الأولى، بدءاً باستبعاد الأوّل من السباق الرئاسيّ، لما يُشكّله من شخصيّة “صداميّة” ليس فقط مع خصومه في السياسة، وإنّما مع حلفائه، كذلك، لأنّه إمتداد للرئيس عون، ووصوله إلى بعبدا هو تطويل لأمدّ الأزمة السياسيّة التي تُفرمل قيام حكومة جديدة، والتعاون بين جميع الأطراف.
ويُشير مراقبون إلى أنّ محاولات إقناع “حزب الله” باسيل بدعم فرنجيّة، بهدف تأمين نصاب الجلسة، لن يكون أمراً سهلاً، فحتّى الآن لم يقدر على جمعهما، وعادت نغمة “الرئيس القويّ” الممثل مسيحيّاً ونيابيّاً يُردّدها باسيل، مع تركه باب الحوار مفتوحاً مع فرنجيّة و”الحزب”، لفرض شروطه عليهما، وفي مقدّمتها أنّ يبقى لاعباً أساسيّاً، وذلك من خلال التعيينات الإداريّة والعسكريّة والدبلوماسيّة، في المرحلة التي ستلي إنتخاب الرئيس الجديد.
ويرى مراقبون أنّ باسيل سيتّجه في الأيّام المقبلة إلى إستفزاز حلفائه أكثر، وخصوصاً إذا قام تيّاره بترشيحه، أو بدعم شخصيّة أخرى تدور في فلك “الوطنيّ الحرّ”، فيكون قد صعّب على “حزب الله” مهمّة وصول فرنجيّة كثيراً. ويُتابع المراقبون أنّ باسيل يُريد توجيه رسالة واضحة لـ”الثنائيّ الشيعيّ”، وهي أنّه من دونه لا رئيس للجمهوريّة، على الرغم من إدراكه إستحالة وصوله أو أيّ مرشّحٍ غير وسطيّ، من دون تسويّة تبدأ بتأمين نصاب الثلثين، وتنتهي بانتخاب رئيسٍ توافقيٍّ.