أحدهم كبل ولده وعنّفه وآخر جلد ابنه بخرطوم مياه… الأطفال في لبنان بخطر
وكأن الطفولة ليس لها مكان في لبنان! فالظروف الاقتصادية لا تسمح لهم العيش برفاهية ممنوحة للأطفال في بلدان متطورة وتعتبر حقًّا مكتسبًا. وما هو مهم في ذلك أن هذه الأزمة هي أحد الأسباب الرئيسية التي انعكست سلبًا على الواقع الاجتماعي والنفسي للأطفال حيث باتت تُسجل مجموعة من الانتهاكات ومعاملة قاسية بحقهم ومنها من قبل ذويهم.
وفي تقييم أجرته منظمة “اليونيسف” من خلال استطلاع عبر الهاتف، في الفترة الممتدة من 13 إلى 27 حزيران 2022، وشمل 1500 أسرة لديها طفل واحد على الأقل، تتوزّع بين 700 لبناني و300 لاجئ سوري و400 لاجئ فلسطيني، تم الكشف عن نتائج معيشية وصحية مقلقة أثرت على التعامل مع الأطفال.
فقد تبين أن 84 في المئة من الأسر لا تملك مالًا كافيًا لتغطية المصاريف الضرورية، فيما خفّضت 38 في المئة من العائلات نفقات التعليم مقارنة بنسبة 26 في المئة في نيسان 2021.
تزامنًا، خفّضت 60 في المئة من العائلات الإنفاق على العلاج الصحي، مقارنة بـ 42 في المئة في نيسان 2022. بينما تعتمد 70 في المئة من العائلات حاليًّا لشراء الطعام على الديون أو عبر الاقتراض المباشر.
وانعكاسًا لهذا الوضع، يشعر 36 في المئة من الأهل بأنهم قد أصبحوا أشد قسوة مع أطفالهم، كما أنه وفق التقرير نصف السنوي للمنظمة الذي أصدرته الخميس الفائت ، فقد أدّت التوترات المتصاعدة، التي عززها الانقسام الحاد في الآراء والتوجهات داخل المجتمع نفسه وبينه وبين المجتمعات الأخرى، إلى ارتفاع نسبة العنف في المنازل والمدارس، وهذا ما جعل الأحياء والشوارع غير آمنة، ومنع الطفل من ممارسة حقّه في اللعب.
في هذا السياق، ظهرت إلى العلن في الأيام الماضية قصص تقشعر لها الأبدان حصلت في المجتمع اللبناني، أحدها وقع ضحيتها طفل لا يتجاوز عمره السّنة، وهو مكبّل اليدين والرجلين ومكمّم الفم بشريط لاصق، أما الفاعل فهو والده الذي تم إلقاء القبض عليه من قبل قوى الأمن الداخلي واعترف بفعلته لأنه انزعج من صوت ابنه، في حين أقدم أب آخر على تعنيف ابنه القاصر بطريقة وحشية في إحدى قرى قضاء جزين، حيث جلده بخرطوم مياه، مع التأكيد أن هذين الحدثين هما غيض من فيض.
رئيسة قسم حماية الأطفال في جمعية “كفى” ماريا سمعان، أشارت لـ”لبنان 24″ إلى أن “العنف ضد الأطفال موجود منذ زمن في لبنان ولكن غالبًا لا يتم الكلام عنه لأنه يأتي ضمن العنف المباح تحت حجة التربية، فالعنف هو وسيلة للتربية عند الكثير من العائلات وتزامنًا مع الأزمة الاقتصادية زادت وتيرة العنف على الأطفال”.
ولفتت إلى “أن الأطفال هم الأكثر هشاشة لأنهم لا يملكون القدرة الكافية للوصول إلى الجمعيات الحقوقية والقضاء”، لافتةً إلى أنه “لا يوجد أي رقم وطني سهل يتيح لهم الإبلاغ عن العنف الذي يتعرضون له، لذلك نحن نعتمد على شخص غير معنف في الأسرة للتبليغ عن العنف أو على الأطفال من خلال جلسات التوعية التي ننظمها”.
كيف يتم احتواء الطفل؟
وعن كيفية حماية الطفل، أشارت سمعان إلى أنها تتم عبر 3 مستويات وهي: المستوى القانوني، المستوى الاجتماعي والمستوى النفسي، و”لكن هناك مشكلة قانونيًّا بسبب اعتكاف القضاة عن العمل في حين أن القانون يحمي الأطفال من أي نوع عنف قد يتعرضون له ونحن نلجأ إلى القانون حين يكون الأهل لا يلعبون دورهم بحماية الطفل”، أما نفسيًّا فمن المهم وفق سمعان “أن يحصل الطفل على رعاية نفسية من أجل تعزيز ثقته بنفسه وبناء قدرته على المواجهة فيما بعد”، أما اجتماعيًّا فيكون العمل عبر مستويين بحسب ما أفادت: “مستوى الطفل ومستوى الأهل بحيث نعمل على تمكين الأهل لحماية طفلهم حين لا يكونون هم المعنِّفين، أما على مستوى الطفل فيكون عبر تفسير وضعه وبناء قدراته”، قائلةً: “غالبًا، في حال كان الأهل متعاونين، لا نلجأ للقضاء إلا أذا كان المعنف متواجدًا داخل الأسرة”.
وتشير التقديرات إلى أن حالات العنف التي يتعرض لها الأطفال هي أكثر بأضعاف من المبلغ عنها في لبنان.