محلياتمن الصحافة

نحو تغيير الطائف ام تثبيته… الفراغ الى اين؟

67 يوما بالتمام هي المهلة الباقية قبل مغادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قصر بعبدا. قبل هذا التاريخ ستبقى شؤون البلاد سائرة كما هي اليوم “على ما يقدر الله”، لكن، في البلاد سلطة مكتملة، رئيس جمهورية، مجلس نواب منتخب وحكومة تصريف اعمال، بيد ان الامور لن تبقى كذلك على الارجح بعده. اذ تشير مجمل المعطيات المتجمعة في الافق الرئاسي الى ان الفراغ وحده سيتربع على الكرسي الرئاسي مع حكومة منتقصة الصلاحيات ومجلس نيابي عاجز عن التشريع الا بالحد الادنى، وسجال دستوري عقيم في شأن حق حكومة مماثلة في ادارة السلطة، وهو ما يدفع حزب الله الحريص اكثر من اي وقت مضى على الاستقرار، في انتظار نتائج التسويات الدولية الكبرى وأمر العمليات الايراني الذي سيصدر في ضوئها، على التدخل لتليين الشروط من اجل تشكيل حكومة تقطع طريق السجال والاشكالات المرتقب حصولها.

رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اقرن الشك باليقين. فأكد اليوم ضرورة تشكيل حكومة جديدة في اسرع وقت، مشيراً الى عدم جواز الاستمرار في تعطيل هذا الاستحقاق، “خصوصاً وان المصلحة الوطنية العليا تقتضي بأن يكون الانتظام في المؤسسات الدستورية مؤمّناً والشراكة الوطنية مصانة من حيث تشكيل الحكومة الجديدة او من حيث انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا سيما وان حكومة تصريف الاعمال لن تكون قادرة على ممارسة مسؤولياتها على نحو كامل في حال تعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية لاي سبب كان..ولا يبدو طبيعياً ان الفراغ على مستوى السلطة التنفيذية غير المكتملة المواصفات وغير الحائزة على ثقة مجلس النواب يمكنه ان يملأ فراغاً على مستوى رئاسة الجمهورية”.

التحذير الرئاسي معطوف على ارتفاع منسوب الضغط المحلي والخارجي لاجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري، لا يبدو سيفعل فعله، اذ تتوقع اوساط سياسية غربية وقوع لبنان في الفراغ نتيجة الخلاف الداخلي المستحكم بين القوى السياسية وفشلها في الاتفاق على اسم رئيس، حتى ضمن الجبهة الواحدة سواء الفريق الحاكم او جبهة المعارضة التي لم تتمكن حتى اليوم من الاتفاق في اي استحقاق ولا تبدو في هذا الوارد، كما ان دول الخارج الغربية والعربية منشغلة بالملفات الساخنة من اوكرانيا الى الصين والوضع في شرق اسيا واليمن والعراق وفلسطين . وتعتبر ان الفراغ ان وقع، فالانتخابات لن تكون قريبة، وفي الحد الادنى ليس قبل نهاية العام، ان لم يكن ابعد بكثير استنادا الى تجربة ما قبل انتخاب الرئيس عون، مذكّرة ان الاوضاع العالمية كانت آنذاك افضل بأشواط والتدخل الخارجي كبيرا جدا، لكنه لم يتمكن من سد الفراغ على مدى عامين ونصف العام تقريبا، فكيف الحال اليوم مع الازمات المشتعلة في اكثر من دولة في العالم؟

وتعرب عن اعتقادها ان بعض القوى السياسية الداخلية قد تكون في معرض الدفع عمدا في اتجاه الفراغ لاستخدامه ذريعة تضغط بها من اجل تحقيق مشاريعها الخاصة. فمع الفراغ سترتفع وتيرة المطالبة بعقد مؤتمر لتغيير الطائف واطاحة معادلته الراهنة بما يتناسب ومصالحها الفئوية، في مقابل دعوة الفريق السيادي الى عقد مؤتمر برعاية دولية اقليمية هدفه تثبيت الطائف كنظام سياسي مع بعض “الروتشة” التي من شأنها حماية التوازن السياسي وقطع الطريق على الراغبين بإرساء نظام سياسي جديد. فأي من التوجهين قد ينجح، وهل يفتح الفراغ الرئاسي الثاني، إن حصل، باب تعديل الدستور ولمصلحة من؟

مفاوضات فيينا ومحادثات طهران- الرياض والانتخابات النصفية الاميركية لا بدّ ان توضح الصورة الضبابية التي تلف لبنان، وحتى ذلك الموعد، صلوا وتأملوا بتشكيل حكومة وانتخاب رئيس، لأن “اللي في لبنان مكفيه” وهو اليوم في قعر الحفرة، فكيف الحال مع ازمة على هذا المستوى من الحدّية؟

المصدر :المركزية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى