فتوى دستورية.. هذا ما ينكبّ عليه جريصاتي
كتب ألين فرح في “أخبار اليوم”:
مع تعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتعذر تشكيل حكومة جديدة، تكثر الاجتهادات الدستورية حيال إمكان تسلّم حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئيس الجمهورية. وفي هذا المجال حُكي عن فتوى وضعها مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي في ظل الحديث عن امكان حصول فراغ في سدّة الرئاسة بعد انتهاء ولاية الرئيس العماد ميشال عون.
في الواقع، ينكبّ جريصاتي على إعداد دراسة دستورية حيال عدم امكان حكومة تصريف الأعمال بالمعنى الضيّق تسلم صلاحيات رئيس الجمهورية بعد 31 تشرين الأول، في حال تعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
يؤكد جريصاتي لوكالة “أخبار اليوم” أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لن يبقى يوماً واحداً في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته الرئاسية. ويشرح أن عبارة “تصريف الأعمال بالمعنى الضيّق” وردت في الدستور اللبناني عندما تستقيل الحكومة أو تعتبر مستقيلة. فالمادة 64 من الدستور تنص على أن الحكومة لا تمارس صلاحياتها قبل نيل الثقة ولا بعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة إلا بالمعنى الضيّق لتصريف الأعمال. وفي رأيه أن عبارة “بالمعنى الضيّق” هي لزوم ما لا يلزم، لأن كل تصريف أعمال عادةً ما يكون بالمعنى الضيّق.
في الوقت عينه، تنص المادة 69 من الدستور أن الحكومة تعتبر مستقيلة في حالات معينة، “ومن هذه الحالات بدء ولاية مجلس النواب، وهذه حال حكومة الرئيس نجيب ميقاتي”، وفق جريصاتي، الذي يضيف أن المادة 62 من الدستور تقول انه في حال خلو سدّة الرئاسة لأي عّلة كانت، تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالةً بمجلس الوزراء.
والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف لحكومة معتبرة مستقيلة والتي لا تستطيع إلا تصريف الأعمال وبالمعنى الضيّق عملاً بأحكام الدستور أن تمارس بالوكالة صلاحيات رئيس البلاد؟ بمعنى أن الحكومة التي لا تستطيع أن تمارس صلاحياتها التي ناطها بها الدستور (أي السلطة الإجرائية)، وطالما لا تكون منعقدة كهيئة مجلس الوزراء عملاً بالمادة 17 من الدستور، كيف لها أن تمارس صلاحيات دستورية خصّها الدستور برئيس الجمهورية؟
لذلك، ومنعاً لمراكمة الفراغ على الفراغ، في حال خلو سدّة الرئاسة عند انتهاء الولاية، لا بد أن تكون الحكومة مكتملة الأوصاف الدستورية وحائزة على ثقة مجلس النواب كي تمارس وكالةً صلاحيات رئاسة الجمهورية. وفق جريصاتي “إن قيام مثل هذه الحكومة أمر واجب دستورياً كي تمارس أولاً صلاحياتها بالأصالة، وثانياً صلاحيات الرئيس بالوكالة عند خلو سدّة الرئاسة. لكن هذا لا يعني أن ثمة ربطاً في الدستور بين انتهاء الولاية الدستورية وعدم وجود حكومة مكتملة الأوصاف الدستورية، مما يزيد من مسؤولية الرئيس المكلف. علماً أن الحكومة مكتملة الأوصاف الدستورية تبقى على حالها ووضعها الدستوري حتى بدء ولاية الرئيس الجديد عملاً بالمادة 69 من الدستور”.
ويختم جريصاتي أن “ثمة مسؤولية وطنية ودستورية على رئيس الحكومة المكلف للتكامل مع الشريك الدستوري الكامل (أي رئيس الجمهورية)، لتأليف حكومة ووضع بيان وزاري والتقدّم من مجلس النواب لنيل الثقة”، كي لا يبقى البلد في حال فراغ.