هل تتوحّد “القوّات” و”الكتائب” و”التيّار” ضدّ “حزب الله” وجنبلاط؟
سارع رئيس “التيّار الوطنيّ الحرّ” النائب جبران باسيل الى الرد من الديمان، على إجتماع رئيس الحزب “التقدميّ الإشتراكيّ” وليد جنبلاط مع مسؤول وحدة الإرتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا والمعاون السياسيّ للامين العام لـ”الحزب” حسين الخليل، ودعا من هناك، إلى أنّ يُبادر البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في موضوع رئاسة الجمهوريّة. وقد لاقته أوساط سياسيّة مسيحيّة، وتمنّت أيضاً بأنّ تقوم بكركي بجمع الأقطاب المسيحيين الأربعة، للسير بمرشّحٍ موحّدٍ.
ورغم أنّ البطريرك لم يُعلّق رسميّاً على هذا الطرح، يقول مراقبون إنّ الراعي حاول في مناسبة سابقة توحيد الرؤى المسيحيّة، فجمع في وقتها الرئيس أمين الجميّل، والرئيس ميشال عون، ورئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، ورئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع، وقيل عندها، إنّ الأطراف إتّفقوا في ما بينهم على دعم أحدهم، لما يُمثّله في الشارع المسيحيّ، شعبيّاً ونيابيّاً. إلّا أنّ الخلافات حالت دون تطبيق إتّفاقهم، وأتت التسويّة الرئاسيّة عام 2016، وقام نواب “القوّات” حينها بالتصويت لعون، ظنّاً منهم أنّ التوافق الذي حصل في معراب سيُطبّق بينهم وبين “الوطنيّ الحرّ” في مواقع القرار، والتعيينات.
في المقابل، يُشير مراقبون إلى أنّ الراعي سبق وحدّد مواصفات الرئيس المقبل، وأعلن أنّه يُحبّذ أنّ يكون سياديّاً وغير مستفزٍّ لأي طرفٍ، ويُحيّد لبنان عن المحاور والصراعات الإقليميّة والدوليّة، ما يعني أنّه لا يتمنّى إنتخاب أيّ مرشّحٍ مقرّبٍ من “حزب الله“. ويقول المراقبون إنّ الدعوة لجمع الأقطاب المسيحيين مستبعدة، لما يُشكّلوه من شخصيّات قويّة في بيئتهم المسيحيّة، لعدم تكرار ولاية الرئيس عون، وعدم رغبة بكركي في أنّ يصل لسدّة بعبدا، رئيسٌ يزيد من الإنقسام السياسيّ بين اللبنانيين. ويُضيفون أنّ أغلبيّة الأفرقاء بدأت تبحث عن رئيسٍ وسطيّ، ضمن الصفات التي يروها مناسبة، وفق خطّهم السياسيّ، فأتى تقارب جنبلاط مع “حزب الله”، لاستباق أيّ إتّفاق قد يجري من جهّة “المعارضة”.
صحيح أنّ تكتّل “الجمهوريّة القويّة” يلتقي مع نواب “الكتائب” على أمورٍ بارزة في مجلس النواب، إلّا أنّ التنسيق بينهما نيابيّ فقط، ومنذ العام 2016، لم يكسر الجمود في علاقاتهما أيّ لقاء على المستوى الشخصيّ. كذلك، فإنّ علاقة فرنجيّة بباسيل تراجعت منذ إنتخاب عون لرئاسة الجمهوريّة، ولم تنجح الوساطات بجمعهما بعد لقاء الضاحيّة الجنوبيّة قبل الإنتخابات النيابيّة الأخيرة.
ورأى مراقبون أنّه من خلال إستمرار باسيل بالمطالبة بأن يكون أيّ مرشّحٍ لديه التمثيل المسيحيّ الوزان، كشرط أساسيّ لانتخابه، أو أنّ يكون مدعوماً من أي كتلة مسيحيّة كبيرة، له دلالات كثيرة، أهمّها أنّ يقبل فرنجيّة الذي تقلصّ عدد نوابه إلى واحد، بشروطه، لكيّ يسير به كمرشّحٍ توافقيٍ. ويعتبر المراقبون أنّ عدم التوصّل لتوافق بينهما قد يكون سببه عدم تجاوب فرنجيّة مع إقتراحات باسيل. فيرى المراقبون أنّ الأخير لن يكون الرئيس المقبل، وهذا محسومٌ، لذا، يُحاول وضع شروطه على أيّ مرشّحٍ، كيّ يبقى فريقه مسيطراً على مرافق الدولة.
ويعتبر مراقبون أنّ خلافات الأحزاب المسيحيّة في ما بينها كثيرة، وموضوع رئاسة الجمهوريّة أساسيّ لقوى “المعارضة” لتُحدث تغييراً أوّليّاً في الحكم السياسيّ في البلاد. أمّا إذا كُتب التوافق لجنبلاط مع “حزب الله“، واستطاعا ترشيّح أحد الأشخاص الوسطيين، فيقول المراقبون إنّ هذا الأمر ممكن أنّ يُوحّد باسيل أقلّه مع “القوّات” في موضوع تطيير نصاب جلسات إنتخاب رئيس الجمهوريّة. فهذه الوسيلة لوّحت بها معراب لمنع وصول أيّ مرشّحٍ يفرضه “الحزب”. من جهّة ثانيّة، سيُحاول باسيل بشتّى الطرق تعطيل النصاب، لأنّ “حزب الله” لن يدعمه إلى رئاسة الجمهوريّة، ولم يتقيّد بصفات “الرئيس القويّ” التي وضعها.
وفي السياق عينه، فإنّ “الكتائب” تقوم بالتنسيق مع بعض نواب “الثورة” ومستقلّين، في الموضوع الرئاسيّ، في ظلّ إستبعاد نواب “القوّات” و”التقدميّ” عن إجتماعات نواب “المعارضة”. ولا تزال هذه اللقاءات المصغّرة غير جادّة بحسب الأوساط السياسيّة، لا من حيث الحضور، ولا من حيث التنسيق في الملفات الأساسيّة، وعلى رأسها إنتخابات الرئاسة الأولى. ويُشير المراقبون إلى أنّ خلافات نواب “المعارضة” كثيرة، والعديد منهم لم يحضروا الإجتماعات، التي يرون أنّها لن تقدّم ولن تُؤخّر في الإستحقاقات المقبلة.
وعليه، يلفت مراقبون إلى أنّ إجتماعات جنبلاط المقبلة مع وفد “حزب الله“، ستكون حاسمة، فإذا اتّفقا سريعاً على صفات وإسم مرشّحهما، عندها، ستقوم باقي الكتل النيابيّة في 8 آذار بالتصويت له، باستثناء “التيّار”، على أنّ يقوم نواب محسوبون على “المعارضة”، أو مستقلّون بشكل خاصّ، بكسر الجمود السياسيّ، والسير بمرشّح المختارة والضاحيّة، وخصوصاً إذا كان وسطيّاً، ولا يُشكّل إستفزازاً لهم.