“لاهثون” وراء الرئاسة… وتحالفٌ مع “الشياطين”
كتب انطون الفتى في وكالة “أخبار اليوم”:
مؤلم جداً، أن يتحوّل المسيحيون في لبنان، الى “لاهثين” خلف رئاسة جمهورية، أو الى خائفين من “مؤتمر تأسيسي” سيُمْعِن في إضعافهم، أو الى مجرّد أقليّة، تبحث عن كيفيّة وقف نزيف هجرتها، أو الى واحدة من الأقليات الخائفة و”الخبيثة” في منطقتنا، التي تتحالف ولو مع “الشياطين”، بهدف أن تحافظ على وجود، و”لو شو ما كان”.
أما المسؤول عن تلك البشاعة التي وصل إليها المسيحيون في لبنان، فهو هم أنفسهم، بأنفسهم.
“مهرجانات”
فعندما يتخلّى المسيحي عن مسيحيّته، لا يعود مسيحياً إلا في ما هو موجود على بطاقة الهوية، أو “إخراج القيد”، أي بما يُشبه حالة “الجسم بالكنيسة، والعقل بالهريسة”. وبالتالي، كيف لا تنزل بالمسيحيين في لبنان، كل أنواع “الضّربات” الوجودية، لولا تخلّيهم عن مسيحيّتهم؟
نحصر كلامنا في الأسطر التالية، بمسيحيّي لبنان. ونذكّر بأنّهم احتفلوا خلال الليالي الأخيرة، بما يُقال عنها “مهرجانات”، أو “حفلات” عيد السيّدة… ومن دون أدنى خجل، لا على المستوى الشعبي، ولا الروحي.
الحصاد
صحيح أن “الانحدار الروحي” الذي يُعاني منه المسيحيون في احتفالاتهم بأعيادهم، بدأ منذ عقود. ولكن هل يُعقَل أن أزمة مُستفحِلَة، كتلك التي تعصف بلبنان منذ عام 2019، لم تنجح في أن تشكّل “صوت الله” للمسيحيّين في لبنان؟ وهل يُعقَل أن يعيش المسيحي، أيام الحصار، والموت… اليوم، مثل أيام البحبوحة، والرّخاء في الماضي، وذلك تماماً كما لو كان مثل سائر الأمم، وبتشجيع ممّن يُفتَرَض بهم أن يذكّروه بعَدَم جواز ذلك؟
الحصاد كثير، ولكن الفَعَلَة قليلون. وهؤلاء، يتحمّلون مسؤولية “البشاعة” التي انحدرت إليها “القضيّة المسيحية” في لبنان.
فبماذا يَعِظ “الفَعَلَة” في الكنائس؟ وماذا عن عجزهم عن تقديم البشارة بطريقة قادرة على مواكبة المستقبل، بكلّ تعقيداته السياسية، والاقتصادية، والإيديولوجيّة، والتكنولوجيّة؟ وماذا عن “عُقمهم” في عَدَم القدرة على جَعْل السيّد المسيح، والعذراء مريم، في صُلب التحوّلات المستقبلية الآتية؟
“مُختَرَقَة”
بماذا يَعِظ الفَعَلَة في الكنائس، إذا كان بعضهم لا يميّز بين “رقاد” والدة الإله، وبين “انتقالها”؟
وبماذا يعِظون في الكنائس، إذا كانت القداديس الاحتفالية بعيد انتقال السيّدة العذراء، “مُختَرَقَة” بروائح الطعام، و”الهريسة”، والمناقيش، والحلويات… في باحات بعض الكنائس، تحضيراً لـ “العشاء القروي”؟
وبماذا يَعِظ الفَعَلَة في الكنائس، طالما أن بعضهم لا يُجيدون قراءة العلامات، ولا حتى تلمُّس ما ورد في الظّهورات المريميّة، ولا ربطها بالأحداث التي حصلت، وتحصل، حول العالم، الى يومنا هذا؟
“ضربات”
وماذا نقول عمّن لا يعرفون عن السيّد المسيح، والعذراء مريم، إلا بعض ما تلقّنوه خلال حقبة “تجميع” الشهادات باللاهوت، والذي يجسّدونه في عِظات “خشبيّة”، أو بمقالات روحيّة “خشبية”، في أعمدة بعض الصّحف والمنصّات الإعلامية، فيما هم يفتقرون الى اللاهوت في حياتهم؟
وهل نسأل بَعْد، عن سبب “الضّربات” التي تحلّ بالمسيحيّين في لبنان، على المستوى الوجودي، في مثل تلك الحالة؟
خطيئة
ماذا عمّن يَعِظ، حتى الساعة، ورغم كل النّكبات التي حلّت بلبنان، ورغم كلّ الظّلم اليومي المُمارَس فيه، عن أنه (لبنان) بلد العذراء مريم، “شاحِناً” المُستمعين الى عظته بضرورة عَدَم الخوف، هكذا، وعلى طريقة أن “هو قرّر ذلك”، بدلاً من دعوتهم الى التوبة، والى الامتناع عن خطاياهم “المُغضِبَة” لله، رغم معرفته بأن نسبة مهمّة من الحاضرين في الكنيسة يرتكبونها (وهو يُدرك ذلك)؟
وماذا عمّن يَعِظ، داخل الكنيسة، مُتباهياً بأنه من المُكرَّسين المتزوّجين، أي “الخبراء” بالمشاكل التي تعترض العائلات، فيما أولاده وأحفاده في حال الخطيئة، والخطيئة المُميتة، و”بالجَمْع”، والتي يبدو أن الواعِظ هذا، لا يعتبرها خطيئة أصلاً، وهو ربّى “متفرّعاته” عليها، وكأنها “شربة ميّ”، أي انه “أنتج” عائلة كأي رجل عادي؟
تمييز
لفتني أحدهم مرّة، عندما حدّثني عن حقيقة فقدان القدرة اليوم، على التمييز بين المُعمَّدين، وغير المُعمَّدين، إذا كانوا موجودين داخل غرفة واحدة، وذلك على المستويَيْن الجسدي والروحي، معاً. وهذه كارثة.
فمن المُفتَرَض بمن حلّ فيه روح المسيح، أن يكون مختلفاً عن ذاك الذي لم يحلّ فيه الروح القدس، بدءاً بكلامه العادي البسيط، وصولاً الى أكبر تصرُّف لديه. وهو ما نفتقر إليه، بشدّة.
فأي شهادة، يقدّمها المسيحي اللبناني عن إيمانه بالمسيح اليوم، في زمن الحصار والضّيق، إذا كان يُمارس الظّلم، وهضم الحقوق، و”التشبيح”، وأبشع أنواع السلوكيات المُؤذِيَة والخبيثة…، تماماً كما لو كان روح المسيح غير موجود فيه؟
قاعدة
وماذا عن الفَعَلة الذين لا يعِظُون عن الظّلم الكثير، وعن “التشبيح” الكبير، المُمارَس من قِبَل المسيحيين، تجاه بعضهم البعض، كما تجاه غيرهم، من غير المسيحيّين، فيما ينصرفون (الفَعَلَة) الى العِظات “الخشبيّة”، بدلاً من المساس بالجوهر؟
وأي شهادة يقدّمها المسيحي اللبناني اليوم، إذا كان لا يهتمّ إلا بالـ 50 أو الـ 100 ألف دولار، التي يجنيها شهرياً في إحدى دول منطقتنا “البطراني” بالمال، بينما هو (المسيحي اللبناني) مُرتاح، و”مُغتبِط” بواقع أن اسمه لا يُشير الى أي شيء من مسيحيّته “الورقيّة” هناك، أي تلك التي يحتفظ بها لصالون كنيسة “الضّيعة”، في أوقات اللّهو، والتسلية، والمشاركة بالعشاء القروي، أو بشراء “المونة” من ساحة الدّير، أو الكنيسة، خلال الاحتفال بعيد مار… أو مار… أو بعيد السيّدة، أو بأعياد أخرى، خلال زياراته السنوية للبنان؟
فهل نتعجّب بَعْد، كيف تحوّل لبناننا الى قاعدة لمسيّرات وصواريخ “غريبة”، والى بلد احتلال مُتوالَد، الى ما لا نهاية؟