بعبدا تبحث عن “إنجاز”… والتأليف في مهب الريح.. عون وميقاتي: سجال
أكدت مصادر سياسية مطلعة لصحيفة “اللواء” أن الازمات في البلد تتراكم من دون معالجات، في الوقت الذي تتكثف فيه المساعي من أجل إنجاز الإصلاحات المطلوبة وابرام الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي.
ولاحظت المصادر أن عددا من الملفات يعالج من خلال بعض الوزراء كما في بعض اللجان بعيدا عن الاجتماعات الكبرى، وفي هذا السياق قالت ان حظوظ تأليف الحكومة باتت معدومة إلا إذا برز معطى معين مع العلم أنه مع وصول الوسبط الأميركي آموس هوكشتاين، فأن المسؤولين اللبنانيين سينشغلون بهذه الزيارة وما تحمله معها من اجواء يفترض بها أن تصل بملف الترسيم إلى خواتيمه.
ولفتت المصادر إلى أنه مع انتهاء الشهر الحالي، فأن الأنظار تتركز على ملف الاستحقاق الرئاسي والحركة بشأنه ولاسيما من قبل بعض المرشحين للرئاسة مع ترقب التحركات الخارجية وتأثيراتها غلى هذا الأستحقاق وعدد من الملفات المحلية.
وفي اعتقاد مصادر سياسية ان تسارع وتيرة الاجتماعات واللقاءات الوزارية وغيرها في السراي الحكومي، شكلت البديل عن تشكيل الحكومة الجديدة، من دون اعلان رسمي، بعدما اغلقت الرئاسة الاولى بواسطة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، كل منافذ تشكيل الحكومة العتيدة، تحت شعار عون المعروف «يا حكومة متل ما بده صهر الجنرال، او لعمرها ما تتشكل حكومة».
وقالت ان جميع الوزراء والسياسيين البارزين، اصبحوا على قناعة باستحالة تشكيل الحكومة الجديدة فيما تبقى من نهاية العهد، واصبحت كل الاهتمامات، منصبة على الاستحقاق الرئاسي واسم الشخصية التي ستحظى بالتوافق المحلي والاقليمي والدولي، لكي تستطيع الوصول لمنصب الرئاسة الاولى، خلفا لميشال عون، بالرغم من الضبابية التي تلف الانتخابات الرئاسية والاسماء المطروحة، وخيارات الاطراف المؤثرين بها.
ولكن المصادر السياسية تنقل عن اطراف ومسؤولية بارزين، صعوبة انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ما تبقى من ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، لاسباب عدة، اولها عدم انضاج طبخة الانتخابات الرئاسية بانتظار التفاهمات الاقليمية والدولية، المنبثقة عن التبدلات السريعة ومصير المصالحة الخليجية الايرانية والملف النووي الايراني، وثانيها اقتناع بعض الرموز الاساسيين، باستحالة انتخاب ايا منهم للرئاسة، لانكفاء القوى الاساسية عن تأييد وصولهم وثالثها، بلورة صورة الشخصية الرئاسية، وكيفية مواءمتها مع مصالح كل الاطراف وتحديدا حزب الله، وكيفية النهوض بالدولة.
وفي اعتقاد المصادر ان انتهاء عهد عون ومغادرته قصر بعبدا، في الواحد والثلاثين من شهر تشرين الاول المقبل، سيرخي باجواء مؤاتية، ستؤدي في النهاية إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لوجود رغبة محلية وخارجية ضاغطة بذلك، ولانه لامصلحة لاي كان باطالة مرحلة الفراغ ولململة الوضع المتردي على كل المستويات.
وفي سياق متصل، وصفت “الجمهورية” التراشق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف نجيب ميقاتي بصورة حكومية شاذة، محكومة من جهة لحكومة مقيّدة دستورياً بأضيَق حدود تصريف الاعمال، ومن جهة ثانية لإرادة تعطيل تأليف حكومة جديدة يتفق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي على حاجة البلد الملحّة اليها، لكنهما لا يتفقان عليها، ويربطان ذلك بما تسمّى معايير واقتناعات.
واذا كانت لغة التخاطب المباشر مقطوعة بين عون وميقاتي، الا انهما يبدوان وكأنهما استعاضا عن ذلك بالتخاطب غير المباشر، وكلاهما يُلقيان مسؤولية التعطيل على الآخر. ولعل ما حصل في الساعات الأخيرة ممّا يشبه «السجال الناعم» بينهما على خلفية كلام منقول عن رئيس الجمهورية، وقوله «إنّ الرئيس المكلف نجيب ميقاتي اتصل به قبل سفره وقال انه في إجازة، وأبلغه بأنه سيزوره فور عودته الأمر الذي لم يتم، ولم يحصل حتى الآن اي تواصل»، وقوله ايضاً انّ الرئيس المكلف لم يناقش تشكيلته معه كما تقتضي الاصول والقواعد وضرورات الشراكة».
ولفت في المقابل، ما نشره موقع «لبنان 24» التابع للرئيس ميقاتي، من كلام مباشر موجّه الى الرئيس عون، تَضمّن رواية كاملة عمّا جرى منذ تقديم الرئيس المكلف تشكيلته الى رئيس الجمهورية، وفيها: فخامة الرئيس، لقد زارَك دولة رئيس الحكومة المكلف في اليوم التالي لانتهاء الاستشارات النيابية غير الملزمة في مجلس النواب، وقدّم لفخامتك تشكيلة حكومية مكتملة، وبدأتما النقاش بشأنها في اجتماع ثان اتفقتما بعده على عقد اجتماع ثالث قبل عطلة عيد الاضحى. ووفق المعلومات المؤكّدة من عندكم فخامة الرئيس، فإنّ رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، أي صهرك، أبدى استياءه من تسلّمك التشكيلة الحكومية من الرئيس المكلّف، وعاتَبك لأنه كان يريد تكرار تجارب سابقة حصلت مع رؤساء حكومات مكلّفين، قبل أن ينتقل الى محاولة تفشيل التشكيلة الحكومية، بالايعاز لأحد أفراد حاشيته بتسريبها الى الاعلام مباشرة وعبر احد المراجع الامنية، من دون التنبّه الى ما كنتَ فخامة الرئيس قد وضعته على النسخة المسرّبة من اشارات ورموز ذات دلالات سياسية واضحة.
اضافت رواية الموقع: لقد اتصل مكتب دولة الرئيس ميقاتي يوم الثلاثاء من اسبوع عيد الاضحى بمكتب فخامتكم لطلب موعد لعقد اللقاء الثالث، فأتى الرد من المدير العام للمراسم الدكتور نبيل شديد «نعود اليكم بعد قليل»، ولم يأت الرد.. وبعد يومين وقُبَيل سفر رئيس الحكومة لتمضية عطلة العيد مع عائلته اتصل بفخامتك لإعلامك، من باب اللياقة والاصول، بسفره، فهنّأته بالعيد واتفقتما على التواصل بعد عودته. وكانت المفاجأة بعد ايام قليلة بتسريبة عبر احدى الصحف «انّ عون رفض تحديد موعد لميقاتي»، لتستكمل التسريبة بكلام أوضح قاله الوزير السابق وئام وهاب مفاده «انّ عون مُستاء من ميقاتي وبَعَتلو خبر اذا ما عندك شي جديد ما تجي لعندي».
وتابعت الرواية، فخامة الرئيس، بعد كل ما سبق، وهو معلوم ومعروف، ولكن لا بأس من التذكير به منعاً لقلب الحقائق، باتَ واضحاً أنّ المبادرة في يد فخامتك، خصوصاً أن البيان التوضيحي الذي صدر سابقا عن مكتبكم، لم يخرج عن سياق كلام فخامتكم اليوم في وضع العقدة عند الرئيس المكلّف.
وخلصت الرواية: فخامة الرئيس، قواعد التعاطي واضحة جدا، وكما انّ دولة الرئيس يحرص في كل مناسبة على تأكيد احترام شخصكم الكريم ومقام رئاسة الجمهورية، فإنّ فخامتكم تدركون بالتأكيد اصول التعاطي مع مقام رئاسة مجلس الوزراء وشخص دولة الرئيس.. فخامة الرئيس، دولة الرئيس قام بواجبه، والمبادرة باتت عندكم».