المواجهة تحتدم بين بكركي والحزب… إلى الرئاسة در
مثلما شكّلت الإنتخابات النيابية محطّة أساسية للصدام بين مشروعين، ها هي الإنتخابات الرئاسية تطلّ برأسها لتعيد عقارب المواجهة إلى ساعة الصفر.
بات واضحاً أن هناك مشروعين يتصارعان في لبنان، الأول تقوده البطريركية المارونية والأحزاب والقوى السيادية على اختلاف مشاربها، والثاني بقيادة «حزب الله» وحلفائه من «أمل» إلى «التيار الوطني الحرّ» و»المرده» وسنّة ودروز 8 آذار.
ولا شكّ أن الرهان على دور بكركي والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أساسي وكبير في هذه المواجهة، فالراعي لا يطرح عناوين سياسية فقط، بل يصل إلى العناوين الوجودية والخوف من تغيير هوية لبنان الذي يُعتبر منارة الشرق وبلد العيش المشترك والشراكة والفرح والفن والثقافة والإبداع.
إذاً، فإن الصدام بات جلياً وهو يتكرّس منذ العام 2005 بين من يحب ثقافة الحياة وبين من يريد ثقافة الموت ويحوّل البلد إلى سجن كبير ومعزول عن العالم وأقصى طموحات شبابه هو الهجرة من هذا الجحيم.
ولعلّ محطة رئاسة الجمهورية تشكّل ساحة تبارز بين هذين المشروعين، من هنا إستبق البطريرك الراعي الأمور وتحرّك بعدما شاهد بأمّ العين فشل المعارضين في الاتّحاد حول الخيارات الكبرى، لذلك دخل المواجهة بالمباشر.
وما ضايق «حزب الله» أكثر هو أن البطريرك وضع مواصفات لرئيس الجمهورية لا تتطابق مع مرشحيه للرئاسة، في وقت لم يستطع حتى الساعة إتمام المصالحة النهائية بين رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل ورئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية.
وعلى رغم صعوبة الوضع، إلا أن أوساطاً قريبة من «حزب الله» تؤكّد أن مساعي الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله لجمع باسيل وفرنجية مجدداً ستتكرّر، والأجواء أكثر من إيجابية وهناك تقدّم في هذه النقطة خصوصاً أن مواجهة الإستحقاقات الداهمة ومن ضمنها رئاسة الجمهورية تتطلّب تضافر جميع جهود الحلفاء وفهمهم خطورة المرحلة، لأن التشرذم سيُخسّر «الحزب» والحلفاء نقاط قوّة يتمتّع بها.
ومن جهتها، فإن بكركي باقية على مواقفها العالية النبرة، وتعتبر أن أي مساومة في موضوع رئاسة الجمهورية ستؤدّي إلى تجديد المعاناة وإبقاء الوضع على ما هو عليه، والإسترسال بالإستنسابية وتدمير الوطن، خصوصاً أن هناك فريقاً يملك فائض قوّة مستقوياً بسلاحه، فكيف الحال إذا اجتمعت قوة السلاح مع قوّة السلطة؟
وتشهد العلاقة شبه انقطاع بين بكركي و»حزب الله»، فلجنة الحوار شبه متوقّفة وإذا اجتمعت فإن اجتماعاتها أشبه بالشكلية، فالراعي قد حدّد البوصلة ومطالبه باتت واضحة وأهمها العمل على الحياد واستعادة هيبة الدولة وتسليم السلاح غير الشرعي والمباشرة بالإصلاحات.
ومن المتوقّع أن تشكّل المرحلة المقبلة مزيداً من الأخذ والردّ بين بكركي و»حزب الله» أو حلفائه، في حين أن الإختلاف في وجهات النظر على الإستحقاق الرئاسي سيكون السمة الغالبة وسيدفع حلفاء «الحزب» المسيحيون الثمن الأكبر نتيجة التصاقهم به ودفاعهم عن سياسته ولو كانت هذه السياسة تستهدف البطريركية المارونية.
آلان سركيس – نداء الوطن