جعجع: الإنتخابات الرئاسية مفصلية… ولهذا السبب صعّد حزب الله
عزا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع تصعيدَ حزب الله العسكري عبر المسيّرات إلى كاريش والسياسي من خلال تهويل أمينه العام السيد حسن نصرالله بالحرب، إلى أكثر من سبب إقليمي وداخلي يتعلّق في شكل خاص بوضعيته “شعبيًا”.
وفي حديثٍ له لـ”المركزية”، قال جعجع: “نصرالله صعّد لأنّ الرئيس الأميركي جو بايدن آتٍ إلى المنطقة، وقد أراد الإيرانيون إبلاغه من خلال نصرالله أننا عبر أذرعنا، خاصة تلك الموجودة على مرمى حجر من إسرائيل، قادرون على تفجير الوضع. وإلا، فلماذا بدّل نصرالله، في هذا التوقيت بالذات، نبرتَه، بعد ان كان يردّد دائما انه “خلف الدولة في ملف ترسيم الحدود البحرية”؟!”.
وتابع جعجع, “أما السبب الثاني، هو للقول أنّ سلاح حزب الله لا يزال يملك وظيفة وأنّ الحزب لا يزال فعلا “مقاومة”. فبعد أنّ بات الكل يعلم، خاصة داخل بيئة الحزب، أن تحالفاته “الخنفشارية” تقف خلف انهيار الدولة وقطاعاتها كلّها وأبرزها الكهرباء التي يديرها حلفاؤه منذ أكثر من عقد، كان الحزب بحاجة بعد انكشاف هذه المعادلة، الى خطوة لاعادة تغطية نفسه وإبراز من جديد، وجهَه كمقاومة تُدافع عن حقوق لبنان وعن غازه ونفطه اللذين يصوّرهما على انهما الحل الوحيد لازمة لبنان”.
وأضاف، “لكن لا بد من التأكيد هنا ان هذا ليس صحيحا. ذلك ان الاموال التي يمكن ان نجنيها من التنقيب، يمكن أن يهدرها الحزبُ وحلفاؤه الفاسدون خلال سنوات قليلة! اما الحل الفعلي لازمتنا، فهو بالتخلّص من هذه الزمرة في السلطة. الحزب اذا انكشف، خاصة لدى بيئته الحاضنة التي، وكما كل اللبنانيين، ما عادت تجد خبزا في الافران. ولذلك هو كان بحاجة الى الاضاءة مجددا على دوره كمقاومة”.
وأردف, “ننتقل الى السبب الثالث لتصعيد الحزب، وهو يتمثّل في شعوره بأن المفاوضات التي ترعاها واشنطن للترسيم، ذاهبة فعلا نحو تحقيق خرق ايجابي. لذلك، أراد نصرالله استباق الانجاز بمسيّرات وبتهويل، لـ”يقطفها” هو، ويجيّر الاتفاق المرتقب الى “الحزب” ويسيّله في رصيده شعبيا وسياسيا”.
واستطرد جعجع، “فلنفترض ان خلفيات مواقف نصرالله ومسيّراته، كانت فعلا نبيلة، وانه اراد حقّا، تعزيزَ موقع الدولة اللبنانية التفاوضي – علما ان الاخيرة قالت عبر بيان السراي الذي يمثّل في الواقع موقف لبنان الرسمي كلّه ان الحزب بما فعله انما “يُخربط” على المفاوضات – لكن النتيجة مما قام به كانت ان مسيّراته تسببت بضرر للبنان الدولة، اكبر بكثير من اي خدمة يمكن ان يكون قدّمها لها”.
واستكمل، “ذلك أنه أثبت بما فعله، أن “لا دولة” في بيروت، وان قرار الحرب والسلم عند الحزب، وبالتالي هو أبعَد المجتمعَ الدولي كلّه عن لبنان، فيما نحن بأمسّ الحاجة الى مساعدته. وهذه الوقائع يجب ان تعرفها اولا، البيئة الحاضنة للحزب والتي يغشّها كل يوم”.
على الصعيد الرئاسي، يجب أن نوصل أشخاصًا قادرين فعلًا على الإنقاذ، يقول جعجع، واليوم، قنواتُ التواصل فتحت جديا وفعليا على مصراعيها، بين اهل الفريق المعارِض للمنظومة. والاشكالية الوحيدة القائمة هي انه عمليا، باستثناء القوات والحزب التقدمي الاشتراكي والكتائب، هناك “35 فريقًا” آخر، ويجب التفاوض مع كل شخص بمفرده، ولهذا السبب، عملية التواصل تستغرق وقتا، الا انها أقلعت جيدا ويجب ان تثمر في الرئاسيات.
وتابع جعجع, “لكن لا سمح الله، اذا اوصل المحورُ الآخر، مرشحا له إلى بعبدا، أو مرشحًا يُصوّره على انه حياديّ، فاننا سنَدخل في 6 سنوات اضافية من الغرق في جهنم.. نحن لن نستسلم، ومحطة انتخابات رئاسة الجمهورية مفصلية، والمطلوب ان ننتخب رئيسا جمهوريا اي يؤمن بالجمهورية، دستوريًا أي يؤمن بالدستور، وإصلاحيًا وسياديًا. هذا هو التحدي أمامنا، وعلى نوّاب المعارضة أن يعوا مسؤوليتهم”.
وردًا على سؤال، أكد جعجع “وجود شخصيات تتمتع بهذه الصفات في لبنان، ويشير الى ان ترشيحه للمنصب، مدار درس وبحث وموضع أخذ ورد في الحزب وتكتل “الجمهورية القوية”.
أما عن دعمه قائد الجيش العماد جوزيف عون للرئاسة، فلفت جعجع إلى أنّه “أدار جيدًا مؤسسة الجيش، وحسّنها وتصرّف كرجل دولة فعلي على رأسها، ولم يقبل، رغم الضغوطات التي تعرّض لها من أرفع المسؤولين، أن يحيد الجيشُ عن مهامه أي الحفاظ على الحدود الخارجية وأيضًا على الامن الداخلي الذي هو اليوم في وضعية مقبولة جدا”. وتابع “لا أعرف ما هي حظوظ العماد عون في الوصول إلى القصر، وأتمنى أن تكون جيدة، لأنّه كما نجح في دوره الصغير، يمكن أن ينجح في الدور الكبير أيضًا. وإذا تبيّن أنّ حظوظه متقدّمة فإننا طبعًا سندعمه”.
وفي قراءة للمستجدات الإقليمية، اعتبر جعجع أنّه “بسبب حرب أوكرانيا، شهد العالم عملية اعادة تموضع كاملة. وبعد أن كانت الولايات المتحدة تضع “الشرق الأوسط” في درجات متأخرة على سلم أولوياتها، عادت ووضعته في الصدارة. من هنا، نفهم زيارة بايدن إلى المنطقة، والتي تأتي في إطار مساعي واشنطن لإعادة جمع أوراقها ورصّ صفّ حلفائها في الإقليم”.
وتابع، “في المقابل، أتى الردّ سريعًا في قمة طهران الأسبوع المقبل، علمًا أنّ التحالف قائم أصلًا بين الروس والإيرانيين والصينيين، إلا أنّ تم ترسيخه أكثر في القمة المرتقبة في إيران”.
ورأى أنّ، “نتيجة هذا الإصطفاف، فهي مزيدًا من التشنج في المنطقة. غير أنّي لا أستبعد أبدًا إمكانية الوصول إلى مزيد من الاستقرار، لأنّه بات هناك توازنًا للقوى في الشرق الأوسط لأنّ حتى الأمس القريب، كان هناك محور واحد هو الروسي – الإيراني يسرح ويمرح فيه. وفي رأيه، ليس من الضروري أن تقود عودة واشنطن إلى المنطقة، إلى حرب فيها”.
وأضاف، “بعد مراقبة طويلة للسياسة الإيرانية، أظنّ أنّ الإيرانيين لمسوا أنّ اللعبة لم تعد مزحًا، وبات هناك توزان قوّة فعلا في المنطقة، ما قد يدفعهم إلى التروي، بما يوصلنا إلى استقرار أكبر”.
وختم جعجع، “حظوظ التبريد أكبر في رأيي، من حظوظ التفجير، لكن هذا غير مضمون بعد، والأمر مرتبط بحسابات الإيرانيين، فإذا قرروا تسريع التخصيب مثلًا، سنذهب إلى إنفجار. لكن على الأرجح، سنبقى في تقديري، على صفيح ساخن من دون الوصول إلى ما لا تحمد عقباه”.